بورصة بيروت تخالف جميع التوقعات وتزدهر

بعد أعوام قليلة على إنتداب فرنسا للبنان وتحديداً في العام 1920 أبصرت بورصة بيروت النور كـ أول سوق لتداول الأسهم و العملات في المنطقة، لتشهد عصرها الذهبي خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
خلال أعوام الحرب الأهلية شهدت بورصة بيروت ركود حاد، قبل أن تغلق أبوابها من العام 1983 و حتى نهاية العام 1995 حيث فتحت أبوابها للمستثمرين خلال فترة إعادة إعمار بيروت وتنتعش من جديد.
إلا أن هذا الإنتعاش لم يدم طويلاً، فخلال السنوات الخمسة الماضية شهدت السوق المالية إنتكاسات متتالية متأثرة بالتوتر السياسي الذي تشهده البلاد، وكان أبرز تراجعاتها في الأشهر العشرة الأولى من العام 2020 حيث فقدت خلال هذه الفترة أكثر من 15% من قيمتها السوقية.
في السابع عشر من تشرين الأول من العام نفسه أشتعلت ثورة 17 تشرين على خلفية تردي الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية في لبنان،
هذه الإنتفاضة ترافقت مع إغلاق المصارف أبوابها في مختلف أنحاء البلاد
وإنهيار في سعر صرف العملة الوطنية ليتوقع الخبراء أن تشهد بورصة بيروت ركود كبير.
إنتعاش بورصة بيروت من جديد
لم تأتي رياح سفينة بورصة بيروت كما توقع الخبراء الإقتصاديين، حيث قام الألاف من اللبنانيين بشراء الأسهم وبخاصة التي تعنى
بالسوق العقارية والأسمنت (سهمي شركة سوليدير و أسهم شركات الترابة) كملاذ أمن لأموالهم، وخاصة بعد وضع المصارف سقوف
للسحوبات النقدية من الودائع.
تهافت المودعين على شراء الأسهم، وبالأخص أصحاب الودائع الكبيرة إنعكس بشكل كبير على أسعار الأسهم التي أثرت بدورها إيجاباً
على القيمة الكلية للبورصة.
بعد ثورة 17 تشرين بشهرين بدء الإرتفاع السريع بقيمة الأسهم حيث إرتفعت قيمة أسهم سوليدير
بفئتيها “أ” و”ب” من 4 دولارات للسهم الواحد الى أكثر من 24 دولار للسهم الواحد،
كما ارتفع سعر سهم شركة هولسيم المنتجة للترابة بشكل ملحوظ ليتخطى ال 16 دولاراً أمريكياً.
هذا الإرتفاع بأسعار الأسهم رفع القيمة السوقية لبورصة بيروت من 8 مليارات دولار الى أكثر من 9.2 مليار دولار،
وسط إقبال متزايد للمستثمرين على شراء الأسهم على إعتبار أنها ملاذ أمن لأموالهم،
خاصة وأنها مسعّرة بالدولار الأمريكي.
ولكن السؤال الأبرز يبقى في إمكانية بورصة بيروت في الحفاظ على المكاسب الكبيرة التي حققتها خلال الأشهر ال15 الماضية وسط
إزدياد الإحتقان السياسي والإنهيار الإقتصادي الذي يشهده لبنان.