اقتصاد

حلول مجرّبة لحل الأزمة الإقتصادية و أزمة الليرة

في الأشهر الأخيرة إستفحلت الأزمة الإقتصادية ومعها إنهيار العملة الوطنية، وفي مقابل هذه الأزمة تقف السلطة السياسية ومعها مصرف لبنان موقف المتفرج العاجز عن إيجاد حلول فعالة. فلا منصة الصيارفة خفّضت سعر صرف الدولار ولا منصة المصارف ستفعل.


المنصات التي يطلقها المصرف المركزي ليست أكثر من محاولات يائسة لم تجدي أي نفع، ولكن هل من حلول ممكنة؟
ليس لبنان البلد الأول الذي يمر بأزمة إقتصادية حادة ولن يكون الأخير، فهذه سنّة الحياة. الكثير من الدول تمكنت من تخطي أزماتها المالية عبر حلول بسيطة وغير معقدة. فما هي هذه الحلول؟
إختلفت الحلول التي إتبعتها الدول لتخطي أزماتها بين دولة و أخرى، وهنا إليكم بعض الحلول التي يمكن إعتمادها في لبنان، و إذا ما تم الجمع بينها يمكنها أن تخفضّ حدة الأزمة أو تعالجها.

نظام ال “BOT”


من أبرز الحلول التي أعتمدتها الدول هي تطبيق نظام ال “BOT”،

وهو نظام يقوم على إنشاء القطاع الخاص لبعض مؤسسات الدولة على أن يتحمل القطاع الخاص كامل تكاليف الإنشاء أو جزء منها،

وفي المقابل يحصل القطاع الخاص على عائدات هذه المؤسسات لمدة تتراوح بين 10 و 49 سنة،

قبل أن تعود ملكيتها الكاملة للدولة.


هناك مئات الشركات الأجنبية المستعدة للإستثمار في قطاعات مختلفة في لبنان،

و من أبرز هذه القطاعات: إعادة إعمار مرفأ بيروت و تطوير مرفأي صيدا و طرابلس، توسعة مطار بيروت،

إنشاء سكك الحديد و إنتاج الكهرباء.


جميع هذه القطاعات مهمة للنهوض بالإقتصاد،

ومن أهم ميزات نظام ال “BOT ” أن الشركات ستكون مضطرة لإدخال عملات صعبة بكميات كبيرة الى لبنان، بهدف دفع رواتب العمال و كلفة الإنشاءات.

دعم التصدير


مع أنخفاض قيمة الأجور في لبنان بسبب إنهيار العملة الوطنية، انخفضت كلفة تصنيع معظم المنتجات اللبنانية،

وبدأت هذه المنتجات تنتشر بسرعة البرق في أسواق الخليج والأسواق الأوروبية،

وهنا على الدولة تقديم كل الدعم للمصدّرين والمنتجيّن الذين يدخلون عملات صعبة الى لبنان.


أبرز طرق دعم المصدّرين تكمن في تخفيض الضرائب عن كاهلهم،

وتشجيعهم على توسعة مصانعهم عبر الأموال التي يحصلون عليها من الخارج أو عبر قروض مُيسرة بالليرة اللبنانية.

تقليص الكتلة النقدية في السوق


أحد أسباب إرتفاع سعر الصرف في لبنان يعود الى الارتفاع الكبير في حجم الكتلة النقدية لليرة في السوق،

والناتج عن إستمرار مصرف لبنان بطباعة الليرة، حيث ارتفع حجم الكتلة النقدية خمسة أضعاف خلال السنة الماضية.

لمعالجة تضخم الكتلة النقدية في السوق لجأت بعض الدول الى عرض تخفيضات على القروض السكنية والتجارية الكبيرة مقابل تسديدها كاملة نقداً دفعة واحدة،

هذه الخطوة وحدها تكفي لإمتصاص عشرات المليارات من الليرات من السوق،

علماً أن قيمة القروض في لبنان تقارب ال 400 مليار ليرة حسب سعر الصرف في السوق السوداء حالياً.

إستبدال الدعم عن بعض المواد


وقف الدعم عن المواد الأساسية يعني إنهيار الأمن الغذائي،

ولكن لماذا لا تقوم الوزارات المعنية بإستبدال دعم بعض المواد بأخرى كما حصل في العديد من الدول، فعلى سبيل المثال لا الحصر،

تقوم الدولة اللبنانية بدعم إستيراد المواشي فيما يُعاني المربّي اللبناني من إرتفاع أسعار العَلف في السوق المحلية.

أستيراد المواشي يكلّف الدولة مئات الملايين من الدولارات،

فيما لو قامت الدولة بدعم الأعلاف بشكل موسّع، ستتكمن من توفير كميات هائلة من الدولارات.

الحد من رفع رواتب الموظفين


قد يكون طرح الحد من رفع رواتب الموظفين و العمال في لبنان طرح غير شعبي،

وقد يلاقي غضب عمالي عارم. هل من المعقول أن يتم طرح تجميد والحد من رفع الرواتب في ظل الغلاء الفاحش والتضخم الذي يضرب الأسواق اللبنانينة؟


نعم يا عزيزي، فرفع الرواتب سيزيد من حجم الكتلة النقدية في الأسواق،

وهو ما سينعكس بدوره انهياراً في سعر صرف الليرة اللبنانية. دول عديدة لجأت في السابق الى هذا الحل،

ما أدى الى استقرار في أسعار السلع المنتجة محلياً، وإستقرار بسعر صرف العملة المحلية بسبب توقف ضخ كميات كبيرة من العملة في السوق.

من المؤكد أن هذه الطروح لن تلاقي كلها ترحيب شعبي، وليست وحدها كفيلة بحل الأزمتين الإقتصادية و النقدية في لبنان، ولكن من المؤكد أن هذه الطروح قد تم تجربتها في العديد من الدول وساهمت في تخفيض حدة أزمات هذه الدول.
فهل ستتحرك الدولة وتسعى لطرح هذه الحلول أو غيرها؟ أم ستبقى تشاهد الإنهيار و تكتفي بطرح منصات عقيمة لا تُقدم ولا تثأخر؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى