اخبار محلية

اللبنانيون وقعوا في الفخ والمنتصر يبتسم

المصدر: لبنان 24

قال مرجع مالي مطلع “ان توقيت صدور قرار مجلس شورى الدولة في شأن تعميم مصرف لبنان عن السعر المعتمد لسحب الودائع المصرفية المودعة بالدولار، لم يكن بريئا، هذا اذا سلمنا جدلا بحسن النية في مقاربة اساس الملف. والاكيد ان من درسوا الملف توقعوا سلفا ردة الفعل الشعبية على هكذا قرار، خصوصا وانه لم يقترن بآلية واضحة لاستعادة اموالهم بالدولار المجمّدة في المصارف، ومع ذلك اصدروا القرار وفي بداية الشهر الذي تتهافت فيه الناس اصلا على المصارف.

عملياً، جسّد صنف الكلام في المقدّمة أعلاه، الموقف الرسمي لـ”التيار الوطني”، بعدما غدا ميالاً لإشهاره كما هو بعد ورشة الواسطات وما أدت إليه من نتائج عكسية، أوصلت إلى “فرط” واغتيال مبادرة الرئيس برّي في ريعان شبابها، وتحوّل “حزب الله” إلى وسيط برتبة شاهد على كافة ما افتُعل بحق الوساطة، وتعميق خطاب “التيار” القائل بضلوع الحريري في تنفيذ “انقلاب غربي ـ عربي على العهد”، وفق كلام أوساط رسمية إلى “ليبانون ديبايت”.

بإختصار، وضع “التيار الوطني” نفسه بمنزلة التوقيع على قرار عبور رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى السراي الكبير، وإلا لن يجلس الحريري في جوار عون. المسؤولية تقع في ما وصلنا إليه من نتائج سلبية على حفنة مستشارين يجلسون في بيت الوسط، وزعيم متعطّش للإنتقام، وقف على بيان ذمّ الرئيس وبصمَ عليه، ليسجل بذلك سابقة، مقدماً أفضل خدمة للعونيين للتنصّل من وساطة برّي، وتوفير ملاذ لهم للإنقضاض عليه مستندين إلى ما يستبطنه من نوايا تفشيل وتعطيل للتأليف.

في آخر مستجدات وساطات التأليف، إقرار بأنها باتت مجمّدة بالكامل من خلفية موقف “التيار الوطني” أساساً، الذي أبلغ صراحة عدم ميله للمراهنة على وساطات على إعتبار أن فلتات بيانات تيار “المستقبل” قد أجهزت عليها وانتهى الأمر. في المقابل أعاد “التيار” تجديد قراره عدم الرغبة في تأليف حكومة برئاسة طرف نصّب نفسه باكراً معرقلاً للعهد، وموطناً نفسه عن حسن تفشيله عن سابق إصرار وترصد. في المقابل، يعمل حزب الله على محاولة لملمة الأمور وإعادتها إلى نصابها عبر السعي إلى تأمين أجواء إيجابية وتفاهمات، “من دون اللجوء إلى ممارسة أي ضغط” لكونه ليس من قماشة من يمارسون الضغوطات على الحلفاء بل يكتفي بالحثّ، ولو كلّف ذلك اللجوء إلى خدمات “الخط الساخن”، وصولاً إلى تأمين تدخل شخصي من الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، الذي سيتحدث بعد أيام، ليدحض الشائعات التي حامت حول وضعه الصحي.

وعليه، وفي ظل هذه السقوف العالية وما خلّفته من أجواء واضطرابات، بات مُحالاً أن يؤمن إتفاق على التهدئة ووقف إطلاق النار السياسي والعودة إلى المفاوضات، وأمام ذلك، بات الرئيس برّي لا يعوّل أو يراهن على شيء، اللّهم إلاّ تمرير “الخضّة” بأقل اضرار ممكنة، سواء على سعر الصرف الذي بدأ يفلت من ضوابطه “المصطنعة” أو على الشارع الذي اختبر نوعاً جديداً من حالات التفلّت والعصيان ليل الأربعاء ـ الخميس.

في الواقع، لم تسقط بنتيجة كل ما جرى المحرّمات بين بعبدا وبيت الوسط فحسب، بل تهاوت احتمالات تأليف حكومة من المستقلين غير الحزبيين وفق صيغة من 24 وزيراً، كما كانت تنشد المبادرة الفرنسية (في آخد تحديث لها) ومن يتبنى طروحاتها. في الواقع، ثمة من ينعي احتمال تأليف الحكومة من أساسها، وقد بدأ يتحدث عن “شهور عجاف” ستمرّ على الحالة اللبنانية، متوقعاً أن تعود احتمالات التأليف، وبشكلٍ مختلف قبيل حلول موعد الإنتخابات النيابية، على قاعدة عدم جواز أن تدير الإنتخابات حكومة تصريف أعمال لا يقبل رئيسها توسيع حدود تصريفه. وعلى قاعدة “الخشية من تطيير الإستحقاق” سيصبح عندها مبرّراً تأليف حكومة انتخابات “إنتقالية” مصغّرة، أعاد البطريرك بشارة الراعي إحيائها على قاعدة “الأقطاب” خلال زيارته إلى بعبدا.

ولا بد ّمن التوقف عند ما طرحه الراعي من خارج التبريرات التي سيقت لتفسير كلامه والتي زادت من الغموض غموضاً وشكلت أذية للموقف وصاحبه بدل مداواته. عملياً، يجسّد موقف الراعي انقلاباً في المفاهيم على الطروحات السابقة التي تبنّتها الكنيسة المارونية خلال الأزمة الراهنة، أي حكومة من دون “دسم” سياسي، وعلى صلب المبادرة الفرنسية التي كانت بكركي تميل صوب تحقيقها، كذلك تجسّد الدعوة لحكومة أقطاب تناقضاً كلياً مع ما سبق وطرحته بكركي من حكومة إختصاصيين من غير الحزبيين. تفسير هذا التحوّل، يجدر أن يبدأ من تغيّر المزاج السياسي الفرنسي ويتزامن مع قرب مغادرة الراعي إلى روما التي ستطرح الملف اللبناني على الطاولة بحضور البابا فرنسيس وممثلي الطوائف و الكنائس المسيحية في لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى