اخبار محلية

تأجيل الانفجار 40 يوماً.. وعون: أنا الدولة!

المصدر: أساس ميديا

كرّست جلسة “رفع الدعم” في مجلس النواب حدّة الانقسام السياسي الذي ينسحب على كلّ الملفات الخلافية من تشكيل الحكومة إلى أزمات الكهرباء والمازوت والبطاقة التمويلية و”الباخرة الإيرانية” والقرار السياسي في شأن حاكم مصرف لبنان وسياساته…

بالمقابل، اكتسب لقاء بعبدا، الذي دعا إليه رئيس الجمهورية وانعقد يوم السبت لمعالجة أزمة نفاد المحروقات، وما نتج عنه، بعداً أكثر وضوحاً للفرز العمودي الحادّ الذي بات يضع العهد، مدعوماً من حزب الله فقط، في مواجهة محور واسع يجاهر علناً وفي الكواليس بضرورة رحيل ميشال عون.

لكنّ فكرة الاستقالة غير واردة على أجندة رئيس الجمهورية. وفي كلمته بعد لقاء بعبدا، الذي اشترى وقتاً قبل الانفجار الكبير بكلفة نحو ربع مليار دولار، كان عون واضحاً بتأكيد وقوفه وحيداً في مواجهة ثلاثية التعطيل على المستوى المؤسساتي: حاكم مصرف لبنان، رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأضاف إليهما رئيس حكومة تصريف الأعمال المتمنّع الدائم عن الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء.

وقال عون بصريح العبارة: “تعطّلت كل أجهزة الدولة المفروض فيها أن تتّخذ القرارات، فأخذت أنا المبادرة لحلّ الأزمات الضاغطة والمشاكل الطارئة”.

لكنّ قرار استمرار دعم المحروقات حتى نهاية شهر أيلول المقبل وعلى سعر ثمانية آلاف إلى حين صدور البطاقة التمويلية، وُوجِه بمضبطة اتّهام وصلت إلى حدّ تأكيد وجود “مخطّط للاستمرار في تمويل الفراغ لغايات سياسية مرتبطة بمصير العهد، وتأمين مصلحة شركات استيراد النفط التي بعض أزلام العهد يستفيدون من عمولات منها أو شركاء في بعضها، ومنهم وزير عوني سابق، وخوض معركة حتى العظم ضد حاكم مصرف لبنان، الذي استدعته مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، قبل توجّهه إلى بعبدا بيومين، للاستماع إليه في ملف التحويلات المالية بين 2019 و2021”.

أمّا عملانيّاً فالقرار، وفق معارضيه، سيمدّد الطوابير أكثر أمام محطات الوقود وبكلفة مضاعفة للصفيحة الواحدة، ويُكرِّس العتمة الناتجة عن شحّ المازوت، وسيُبقي التهريب والتخزين “شغّالاً” على الرغم من جهود القوى الأمنيّة، وذلك بسبب انتظار المحتكرين للرفع النهائي للدعم لجني الأرباح…

والأهمّ سيُكبّد الخزينة مزيداً من العجز، ويمسّ مباشرة بالتوظيفات الإلزامية لجهة الحصّة المفترض أن يوفّرها مصرف لبنان من الدولارات لمستوردي المحروقات على أساس سعر منصة صيرفة، فيما الحكومة ستدفع الفارق بين هذا السعر وسعر الثمانية آلاف.. مع العلم أنّ الخلاف السياسي الحادّ كفيلٌ بتطيير مشروع البطاقة التمويلية التي لن تدخل حيّز التنفيذ قبل نهاية أيلول. وهو التاريخ الفاصل عن حقبة “الانفجار الشامل” حين يطأ لبنان مدار الرفع النهائي للدعم وتحرير الأسعار بالكامل.

وكان لافتاً أنّ “شريك” الرئيس عون في تأليف الحكومة الرئيس نجيب ميقاتي أعطى رأيه بشكلٍ غير مباشر في مبادرة بعبدا من خلال التصويب الإعلامي على تسوية “بقطبٍ مخفيّة ستؤدّي إلى تضخّم وعجز أكبر”، مع طرح تساؤلات عن “كيفيّة تأمين مصرف لبنان لدولارات الدعم بعدما أعلن “المركزي” عدم قدرته على الاستمرار بالسياسة نفسها. وهل يؤدّي ذلك إلى المسّ بالاحتياط الإلزامي وتكبيد الموازنة عجزاً أكبر؟”.

وهذا ما يكشف التباعد في الرؤى المالية والاقتصادية بين عون وميقاتي، وينذر بمزيد من العرقلة الحكومية إذا ما تشكّلت الحكومة التي تتحوّل تدريجياً، ومع كلّ يوم تأخير إضافي، إلى حكومة “مواكبة” جنازة العهد، وصولاً إلى الإشراف على الانتخابات النيابية إذا كان من قرار دولي جدّيّ بفرض إجرائها في موعدها.

هكذا ستكون الحلول الترقيعيّة عنوان المرحلة، ومنها تكريس سعر جديد للتداول به، لزوم الدعم، يُضاف إلى أسعار السوق السوداء ومنصّة صيرفة والـ1500 والـ3900.

إضافة إلى تقديم الحكومة “حَسَنة” إلى موظفي القطاع العام هي عبارة عن بدل نقل بقيمة 24 ألف ليرة وراتب شهر يقسّم على شهرين بالتساوي، فيما كلّ ما سيَحدث بعد إقرارها سيلغي مفاعيلها “الملغاة” أصلاً بفعل حجم الكارثة المالية والاجتماعية والمعيشية. والنتيجة المزيد من الاستدانة في ظل وضع يشي بتكريس الفوضى والتحلّل والانفجار الاجتماعي الكبير.

وفي سياق موازٍ، بدت قرارات بعبدا خطوةً استباقيةً لتهديد جاهر به النائب باسيل من مجلس النواب في جلسة مناقشة قرار حاكم مصرف لبنان رفع الدعم حين أكّد أنّ “عدم اتّخاذ المجلس قراراً أو موقفاً أو إجراءً في نهاية الجلسة يعني تخلّي المجلس عن دوره، ويضعنا أمام قرار الاستقالة منه”.

مصادر قريبة من باسيل أكّدت أنّ “التيار الوطني الحرّ كان بصدد الاستعداد فعليّاً لهذه الخطوة في حال لم يتراجع الحاكم عن قراره. وإذا لم يتمّ الالتزام بتنفيذ البطاقة التمويلية واستمرار العرقلة فسيُعمل على إجراءات أكثر حزماً، ومنها إعداد قانون لتقصير ولاية مجلس النواب، وعندئذٍ فليتحمّلوا المسؤولية”.

وتحدّثت المصادر عن “مؤامرة سنتصدّى لها بكلّ الوسائل المتاحة والمشروعة، وهي الأوسخ والأكبر منذ عودة ميشال عون إلى لبنان عام 2005، وضحيّتها أربعة ملايين لبناني، وهذا ما يشكّل كارثة إنسانية لا مثيل لها”، متّهمةً “حاكم مصرف لبنان بتنفيذ حصارٍ لغايات سياسية تهدف إلى إسقاط ميشال عون بإيعاز من الخارج، وتغطية مباشرة في الداخل من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري ومَن يدور في فلكهما”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى