اخبار محلية

مرفأ بيروت في قضاء بريطانيا.. اليكم التفاصيل

المصدر: اساس ميديا

عادت إلى الواجهة من جديد شركة “سافارو”، الوسيط البريطاني الوهمي والمتخفّي عن الأنظار، والمسؤول عن شراء نيترات الموت. وذلك مع التطوّر القضائي الذي طرأ على القضية في المحاكم البريطانية، عقب تقدّم نقابة المحامين في بيروت، مع أربعة مواطنين، من بينهم ناجية من الانفجار وعائلات اثنين من الضحايا، بدعوى قضائية أمام المحكمة العليا في لندن ضد “سافارو”، للاشتباه بدورها في تفجير 4 آب الذي قتل أكثر من 200 شخص. هذا لأنّ الشركة “لم تنجح في تخزين كميّة نيترات الأمونيوم بشكل جيد أو لعدم تخلّصها من مئات الأطنان من المادة الكيمياوية التي انفجرت وتسبّبت بأحد أكبر الانفجارات ذات الطبيعة غير النووية في التاريخ، الذي قُدِّرت أضراره بأربعة مليارات دولار”، بحسب “فايننشال تايمز”.
في حديث لـ”أساس” يؤكّد كميل أبو سليمان لـ”أساس”، وهو من بين المحامين المبادرين إلى الدعوى، أنّ لهذه الدعوى ثلاثة أسباب:

“أوّلاً: إصرار وإيمان الضحايا وعائلات الضحايا ونقابة المحامين “وأنا كمحامي” أنّه يجب أن لا يفلت أحد لديه مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة بالانفجار من العدالة، ولمّا كانت شركة “سافارو ليمتد” التي وقّعت عقد شراء النيترات، هي شركة إنكليزية، فهناك صلاحية للمحاكم البريطانية في القضية.

ثانياً: إنّ مَن يقفون خلف “سافارو ليمتد” طلبوا منذ سبعة أشهر تصفية الشركة. فكان اعتراض من محامين لبنانيين ومن نقابة المحامين، فتوقّفت التصفية لستة أشهر وانتهى التوقيف في أوائل آب. والدعوى هنا ضرورية من أجل استمرار تعليق التصفية لستة أشهر إضافية، وجاءنا تأكيد من سجلّ الشركات بتعليقها بسبب الدعوى المقدمة.

ثالثاً: أنا على يقين أننا سنصل قريباً إلى إثباتات حول هوية صاحب الحقوق الاقتصادية الحقيقي (beneficier owner)، عندها سنحاول إضافته إلى الدعوى عبر وسائل قانونية”.

وعلم “أساس” أن أبو سليمان يتحمّل شخصياً كلفة الدعوى والرسوم من جيبه الخاص، بينما يتكفّل مكتب “ديكرت Dechert” للمحاماة، بأتعاب الدعوى والعمل القانوني، وهو المكتب الذي كان يرأسه أبوسليمان قبل تعيينه وزيراً في لبنان، ثم عاد إليه بعد تركه لبنان، ويوضّح أبو سليمان أنّ “هذه الدعوى مدنيّة وليست جزائية، يُطبّق عليها القانون الإنكليزي بالشكل، وبالأساس يطبّق عليها القانون اللبناني، لأنّ “الحادث” وقع في لبنان، وبالتالي هو القانون الصالح في هذه الحالة. ويشرح أنّه بحسب القانون اللبناني بما أن “سافارو” هي صاحبة النيترات، فهي مسؤولة عن أي ضرر ناتج عنها. بالإضافة إلى مسؤولين آخرين. وطالبنا من خلال الدعوى بعطل وضرر يُحدَّد لاحقاً. “وإن تبيّن أنّ هناك إمكاناً لتحصيل المال، يمكن لضحايا آخرين إلى الدعوى بإذن من القاضي أو يتمّ رفع دعوى موازية من قبلهم. وما يهمّ المدعين هو تثبيت مَن هو صاحب الحقوق الاقتصادية، وأن نحاول أخذ حكماً على سافارو”.

ألف جنيه استرليني فقط؟

يُقدّر رأسمال “سافارو” بألف باوند بريطاني “لكن من الممكن محاولة ملاحقة صاحب الشركة طالما أنّه يقوم بنشاطات بلا رأسمال”، بحسب أبو سليمان، الذي يضيف: “إذا أخذنا حكماً ولم تدفع “سافارو” أو تعثّروا في الدفع، يمكن أن نطلب وضع حارساً قضائياً على الشركة للوصول إلى المستندات”.
لكن ما هي غاية الدعوى وكيف يمكن الاستفادة منها في مسار الكشف عن الحقيقة؟

يجيب أبو سليمان: “يمكن أن نصل الدعوى إلى الأوراق والمستندات ومَن الجهة التي تقف وراءها، من خلال حارس قضائي أو مصفّي للشركة إن تمكّنا من تعيينه، وقد نصل إلى أشخاص، لكن من الصعب أن نصل إلى دول. وإن كان من صعوبة في الحصول على أموال جدّية من الدعوى، إلا أنّنا نريد أن نعرف مَن يقف وراء الشركة، وأن نلاحق مَن اشترى ومَن باع ولحساب مَن”. وأضاف أبوسليمان “لدينا قدرة على استعمال المحاكم الإنكليزية والعدالة الإنكليزية لتقديم هذا الملف لصالح الضحايا، ولا يوجد ضغط على المحاكم الإنكليزية كما يحصل في لبنان”.

“فايننشال تايمز”

بالعودة إلى ما ذكرته “فايننشال تايمز”، فقد أكّد الوكيل القانوني لشركة “سافارو” ريتشارد سليد أنّ الشركة “لم تتاجر أبداً”، ولم تدخل في المعاملات المشار إليها في الدعوى القضائية، ولفت إلى أنّ الشركة ستقدّم دفاعاً “في الوقت المناسب”، وأنّه تمّ تعيين مدير جديد لـ”سافارو” قبل أسبوعين، وهو المحامي الأوكراني فولوديمير هليادشينكو، الذي أعلن أنّه “استحوذ على ملكيّة الشركة”.

بحسب المعلومات التي سبق أن نشرها “أساس” في سلسلة تقارير عن رحلة الموت (رحلة النيترات)، فإنّ مصنع موزمبيق “فابريكادي أكس بلوسيفوس،” الذي طلب النيترات، لم يعقد صفقة مباشرة مع مصنع جورجيا “روستافي أزوت” الذي صُنِعت فيه نيترات الأمونيوم التي فجّرت مرفأ بيروت، بل تمّت الصفقة عبر وسيط، وهذا الوسيط هو شركة “سافارو”. وهي شركة من نوع “شِل كومباني”، أي الشركات الصورية ذات النشاط الوهمي. وكان المتحدّث باسم المصنع الموزمبيقي “أنطونيوس كونهافاس”، الذي رفض التصريح عن عدد عمليات الشراء التي حصلت بينه وبين مصنع جورجيا من قبل، عبر “سافارو” أو عبر غيرها، قد أعلن أنّه جاهز لإعطاء مستنداته الرسمية في حال طُلِبت من سلطات رسمية. فهل يقدّم مستنداته للمحكمة البريطانية؟

كذلك لا بدّ من التذكير بحقائق مهمّة قد تعتمد في مسار التحقيق البريطاني، وهي أنّه في موقع “كومبانيز هاوس” البريطاني الذي يُعنى بالشركات الموجودة في بريطانيا، نجد عنوان شركة “سافارو” إلى جانب عنوان “آي كي بتروليوم ” (I K Petroleum)، التي يملكها عماد خوري. وهو رجل أعمال سوري الجنسية مقيم بين روسيا وسوريا. وهو اليد اليمنى لشقيقه مدلّل خوري، الذي فُرِضت عليه عقوبات أميركية منذ 2013، وقد حاول في أواخر 2013 أن يستقدم مادة نيترات الأمونيوم إلى سوريا.

ويلاحظ أنّه بعدما غيّرت “سافارو” عنوانها الأول في مرحلة من المراحل أصبح يتطابق مع عنوان شركة أخرى اسمها “هسكو”. وهسكو هي “حسواني كونستراكشن”. وهذه الشركة يملكها رجل أعمال، سوري أيضاً، واسمه جورج حسواني، وهو مقيم أيضاً بين روسيا وسوريا، وموضوع على لائحة العقوبات الأميركية مثل خوري. ومن ضمن الاتّهامات الموجّهة إليه أنّه ضالع في إنشاء شركات وهمية في بريطانيا، بينها شركتا “ألفا” و”أوميغا”. الأولى كانت الشركة الممثّلة لـ”سافارو” أمام السلطات البريطانية. و”أوميغا” في فترة من الفترات أُوكِلت إليها إدارة شركة “سافارو” أيضاً.

“سافارو” التي يبدو أنّ أصحابها أتقنوا لعبة الموت وتمويه الحقائق جيداً، هل تقع في فخّ القضاء البريطاني، بعدما فشل القضاء اللبناني، أو هو قيد الفشل حتى الساعة، في كشف الحقيقة بعد أكثر من سنة على انفجار 4 آب؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى