اقتصاد

تحرير استيراد المازوت والبنزين قريباً… ماذا في الاسعار الجديدة للمحروقات؟

المصدر: المدن

بدأ الحديث عن نفاد الأموال المخصّصة لدعم المحروقات يتزايد خارج الغرف المغلقة، في وزارة الطاقة ومصرف لبنان. فالجميع بات على يقين أن مسألة دعم استيراد المحروقات وبيعه على سعر صرف مدعوم أي بـ8000 ليرة للدولار لم يعد ممكناً. أما الكميات المستوردة مسبقاً فباتت محدودة وقد لا تكفي لتغذية السوق لأكثر من أيام قليلة. فماذا بعد؟ هل يتم التجديد للدعم وتخصيص مبلغ مالي إضافي لاستيراد المحروقات؟ أم أن الاستيراد وفق سعر صرف السوق السوداء بات أمراً محتماً؟ وهل يسري على البنزين ما يسري على المازوت؟

هل توقف الدعم؟
بدأت عملية البحث والنقاش بين وزارة الطاقة ومصرف لبنان لتنسيق آلية استيراد المحروقات وتسعيرها في المرحلة المقبلة. وذلك بعد اقتراب رفع الدعم كلياً عن المحروقات. ووفق مصدر مطلع، فإن المبلغ المالي الذي خصّصه مصرف لبنان بالاتفاق مع حكومة تصريف الأعمال لتمديد أمد دعم استيراد المحروقات حتى نهاية أيلول، وبيعها وفق سعر صرف 8000 ليرة للدولار، ويقدّر بـ225 مليون دولار، قد نفد. وهو ما أوردته “المدن” في تقارير سابقة. ويؤكد المصدر في حديث إلى “المدن”، أن مصرف لبنان توقف عن فتح اعتمادات جديدة لاستيراد المحروقات، خصوصاً المازوت، بدليل وجود أكثر من باخرة محمّلة بالمازوت في المياه اللبنانية تنتظر الشركات المستوردة فتح اعتمادات لها، وهو ما بات مستبعداً جداً اليوم.

من جهته يؤكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، في حديث إلى “المدن”، أن الدعم على المحروقات سيُرفع خلال أيام قليلة، موضحاً أن السيناريوهات المطروحة تقتضي إما برفع الدعم كلياً، وإبقاء مصرف لبنان على آلية الاستيراد نفسها، لكن وفق سعر صرف السوق السوداء للدولار، أو تحرير عملية الاستيراد كلياً. وهذا الخيار يستلزم تحديد آلية دقيقة لعملية الاستيراد والتسعير وغير ذلك.
ويميّز البراكس بين واقع مادتي البنزين والمازوت. فلجهة المازوت باتت مسألة تحرير استيراده شبه رسمية، خصوصاً بعد فتح وزارة الطاقة المجال بموجب قرار (رقم 179) لكل المؤسسات والأفراد باستيراد مادة المازوت بشكل حر. وأتى قرار توسيع نطاق عمليات استيراد المازوت بعد السماح للصناعيين منذ مدة باستيراد المازوت على عاتقهم، لتسهيل عمليات الإنتاج، وفتح المجال لشركات إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية كما للمستشفيات بعد الصناعيين. بالمحصلة بات مسموحاً لأي كان باستيراد المازوت وفق سعر صرف السوق للدولار.

للمازوت سعران
من هنا، بات للمازوت سعران مختلفان في السوق اللبنانية، بمعزل عن أسعار السوق السوداء. فهناك سعر المازوت المحدّد من قبل وزارة الطاقة، والمبني على سعر صرف مدعوم للدولار، أي 8000 ليرة. وسعر آخر للمازوت مبني على سعر صرف السوق السوداء للدولار.

أما بالنسبة إلى بواخر المازوت المتوقفة في المياه اللبنانية بانتظار فتح الاعتمادات، فإنها وفق مصدر من تجمع الشركات المستوردة للنفط، تنتظر حسم مسألة فتح اعتمادات جديدة من مصرف لبنان، أو وقفها كلياً وفق سعر الدولار المدعوم. وفي حال حُسمت مسألة الدعم وتم وقفه كما هو متوقع، فالبواخر ستُدخِل بضاعتها وفق سعر صرف السوق. لكن بعد تحديد آلية التسعير الجديدة ونسبة الأرباح والتوزيع.

وحسب رئيس التجمع مروان فيّاض، فإن واقع المازوت لا ينطبق على البنزين المستورد. فعملية الاستيراد لا تزال محصورة بالشركات المستوردة. وفي حال تمنّع مصرف لبنان عن فتح اعتمادات جديدة للبنزين، خصوصاً بعد نفاد المبلغ المخصص للدعم وهو 225 مليون دولار، فذلك يعني أن تسعير البنزين سيتم وفق سعر صرف السوق السوداء للدولار، بعد دخول السوق مرحلة من شح المادة. ويرجّح المصدر أن يحصل ذلك خلال منتصف شهر أيلول كأبعد تقدير.

مزيد من التعقيد
هذا الواقع آخذ بمزيد من التعقيد، وهو ما يدفع بالمواطنين إلى الاستمرار بالتهافت على مادة البنزين، والانتظار بالطوابير أمام محطات المحروقات، في سبيل الاستحصال على مادة البنزين المدعوم قبل نفاد المخزون ورفع الدعم عنه.

أفضل السيناريوهات في المرحلة الراهنة تقتضي باستمرار مصرف لبنان بفتح اعتمادات جديدة وفق سعر صرف الدولار المدعوم لشحنتين أو 3 بالحد الأقصى. لكن وإن حصل ذلك فلن يُحدث أي خرق على مستوى الأزمة، فالمسألة لم تعد ترتبط ببضع شحنات من البنزين أو المازوت، بل تستلزم وضع آلية شاملة ودقيقة تقتضي تغذية السوق وضمان عدم تخزين المواد، تزامناً مع إطلاق البطاقة التمويلية التي من المفترض أن تعوّض بعضاً من القدرة الشرائية التي فقدها اللبنانيون، فيما لو صدرت قريباً.

وإذ يتوقع البراكس أن يبلغ سعر صفيحة البنزين نحو 280 ألف ليرة، والمازوت 230 ألف ليرة، بعد رفع الدعم، وفي حال استمرار سعر صرف الدولار في محيط 19 ألف ليرة، وسعر برميل النفط عند مستوياته الحالية.. يتخوّف من الدخول مرحلة رفع الدعم التي باتت حتمية من دون المباشرة بتطبيق البطاقة التمويلية، وهو ما بات مرجّحاً اليوم.

وعن البواخر الإيرانية المرتقب وصولها إلى السوق اللبنانية، فإنها لن تغير بالمعادلة كثيراً. لكنها ستخفف الضغط من دون شك في سوق المحروقات. خصوصاً أن المازوت سيوزع حسب الأولويات، أي للمستشفيات وشركات الأدوية والمستلزمات الطبية والأفران وغيرها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى