اخبار محلية

تفاصيل الضّغوط الدولية التي أدّت إلى حكومة “لا ثلث معطّلاً” فيها

المصدر: الأخبار

فور تشكيل الحكومة بدأت الحسابات وعملية “عدّ” الوزراء وانتماءاتهم و”الثلث المعطّل” المقنّع أو المباشر، كما تم تعميم مقولة المنتصر والرابح بالحصول على الثلث المعطّل وتحقيق التوازن والشراكة الحقيقية بعملية التأليف؟ فالشعب الذي عانى الأمرّين من الجوع والفقر والذلّ لم يعد يهمّه من يحقق انتصارات وهمية كانت أم حقيقية ومن معه مفتاح الحكومة، كل ما يهمّه وقف الانهيار، وقف تدهور الليرة، وقف الهجرة،… فهل يستحق وزير بالناقص أم وزير بالزائد الانتظار عدة أشهر ودمار البلد على رؤوس من فيه؟

تجزم مصادر سياسية ألا ثلث معطّلاً في الحكومة لأي فريق ولا انتصار لأي فريق على حساب الآخر بخلاف ما يحلل كثيرون، وخصوصاً لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، اذ ان كل هذا الكلام بمثابة انتصارات وهمية أو اتهامات لا تصرف في أي مكان وهي تغطية لإعطاء الثقة بعد تهديد بحجبها عن الحكومة الجديدة. فالأولوية هي لتأليف الحكومة ولإعادة تصويب النقاش السياسي في البلد واعادة اعطاء سقف وهيبة لتراتبية السلطة، لإعادة إنتاج مشروع واضح للتعامل مع المؤسسات الدولية. لذا فإن تشكيل حكومة بعد تأخير شهور وفي هذا الوقت، أصاب بالضربة القاضية كل عناصر الشغب التي عبثت بالسياسية اللبنانية والتي أسقطت الدولة وهيبتها.

“الثلث المعطّل” يعتبر كلاماً فقط، واذا بحثنا فعلياً في الأسماء التي قيل إنها تشكّل “وزراء ملوك” أو محسوبة على فريق رئيس الجمهورية فنجد الآتي: الوزيرة نجلا الرياشي عساكر غير محسوبة على فريق رئيس الجمهورية حتى لو كانت سفيرة أيام تولي جبران باسيل وزارة الخارجية. فالرئيس ميقاتي طرح في البدء اسم زوجها السفير بطرس عساكر وزيراً للخارجية ورفضه رئيس الجمهورية، ويحكى أن من طرحها وزيرة هم الفرنسيين وتحديداً برنار أيمييه.

أما قصائد مديح الدكتور جورج كلاس بالرئيس نبيه بري فمازالت إلى الآن تتردد بين عناصر حركة “أمل”، وهو الذي يعمل في مجلس النواب. وثمة أعمال تجارية بين وليد نصّار والرئيس ميقاتي رغم قرب الأول أيضاً من باسيل. فهو توافقي أخذه الرئيس ميقاتي على عاتقه ويقال إنه أبلغ الرئيس نبيه بري والولايات المتحدة الأميركية بهذا الأمر.
أما أمين سلام الذي قيل إن الرئيس عون طرحه فهو ضمناً لديه حسابات معيّنة مع الحريري والسنّة ومع ميقاتي.

ويؤكد متابعون لحركة المفاوضات والمشاورات التي كانت قائمة لتأليف الحكومة أن كل الأسماء التي طرحت كانت تدخل يومياً الى “المطهر” ويدرس كل إسم باسمه، وإلا لما كان وافق الرئيس بري أو رئيس تيار “المردة” على المشاركة في الحكومة كما هددا لو حصل فعلاً رئيس الجمهورية على الثلث المعطّل. إذاً فعلياً حاز كل فريق على 8 وزراء لا ثلث معطّلاً فيها، والتصويت داخل مجلس الوزراء سيكون وفق كل موضوع على حدة، فالثلث المعطّل وهم لا أكثر ممن يعتبرون أن باسيل لن يسهّل الحكومة قبل حصول رئيس الجمهورية عليه.

لكن ما السرّ في تسريع تشكيل الحكومة؟ لم يتوقع أحد إعلان وقف الدعم بهذه السرعة ورفض المس بالاحتياطي الالزامي، وخصوصاً في موضوع المحروقات، والذي كان يمكن أن يؤدي إلى ثورة اجتماعية خطيرة لطالما نبّه منها مراراً قادة الاجهزة الأمنية وخصوصاً قائد الجيش. إضافة إلى الضغط الدولي الكبير الذي مارسته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا خصوصاً في الأسابيع الأخيرة.

فقد دخل الغرب بكل طاقته على خط تشكيل الحكومة لأن الاقتصاد السياسي، الذي بناه الغرب على مدى 60 سنة في لبنان كان قائماً على المصارف والترانزيت والتعليم والثقافة والاستشفاء، تخوّف، أي الغرب، من أن تخرقه وتسقطه الباخرة الإيرانية. فرأينا اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنظيره الايراني ابراهيم رئيسي لتسهيل تشكيل الحكومة، والتسوية التي حصلت من أجل استجرار الغاز المصري والكهرباء عبر سوريا إلى لبنان، إعادة تثبيت الدور العراقي في المنطقة وتثبيت الشراكة الأميركية – الايرانية من العراق، الانسحاب الاميركي من افغانستان، القضية اليمنية، كلها عوامل لها دلالاتها، قبل الاجتماع الأميركي – الايراني في أيلول الجاري اذ من المتوقع أن يتم الاتفاق النووي بين الطرفين.

عملياً، بدأ حالياً دور نجيب ميقاتي وستكون له دفّة قيادة المفاوضات مع المؤسسات المانحة والبنك الدولي وصندوق النقد، وستكون له عملية إعادة رسم العلاقات الخارجية وبالتالي إعادة العلاقات الطبيعية مع الدول الشقيقة والدول الغربية، وإجراء الانتخابات النيابية كي يعاد بناء لبنان الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى