اقتصاد

كلفة النقل تشلّ الإنتاج في البلد.. وتعيد إحياء خطّة قديمة

كلفة بدل النقل الباهضة والتصاعدية في لبنان ضربت العمال وأرباب العمل في القطاعين العام والخاص.

وباتت تهدّد معيشة مئات الآف الأسر.

الحكومة التي تتلقّى الضربات بدورها، درست من خلال لجنة حكومية زيادة بدل النقل الحضوري في القطاع العام.

بعدما تآكلت قيمة الزيادة التي أقرّتها الشهر الماضي، والبالغة 24 ألف ليرة.

اللجنة الوزارية توصّلت الى صيغة “لرفع بدل النقل اليومي الحضوري.

فضلاً عن مساعدات اجتماعية عبارة عن سلفة شهرية على رواتب العاملين في القطاع العام.

وكان يُفترض أن تقرّ الحكومة زيادات جديدة في أول جلسة تعقدها، بحسب ما أعلن وزير العمل مصطفى بيرم في حديث لـ “الأنباء الإلكترونية” قبل أسبوع

كلفة النقل بالأرقام

كلفة النقل لا تهدّد معيشة الموظّفين فحسب، بل تنعكس على كامل الدورة الإقتصادية في البلد.

وتشلّ العديد من القطاعات الإنتاجية، وتتسبّب بخسائر فادحة.

“الدولية للمعلومات” كانت قد أجرت دراسة  نشرتها في 8 تشرين الأول، بُنيت على سعر صرف الدولار بقيمة 19 ألف ليرة.

عندما كانت صفيحة البنزين بحوالي 230 ألف ليرة.

جاء في الدراسة “بعد رفع سعر صفيحة البنزين إلى 233 ألف ليرة، ارتفعت كلفة الإنتقال بالسيارات الخاصة والعمومية>

وأصبحت كلفة كلم الواحد نحو 1,927 ليرة لبنانية، لسيارة متوسّط استهلاكها 170 كلم/ 20 ليتر بنزين”.

اليوم مع تخطّي صفيحة البنزين عتبة الـ 300 ألف ارتفعت كلفة النقل أكثر. 

خسائر الخزينة جرّاء تراجع انتاجية القطاع العام

“لا بدّ من توفير بدائل ليتمكّن الموظفون من لإلتحاق بعملهم، خصوصًا أنّ رفع بدل النقل إلى 24 ألف ليرة تآكل بفعل الإرتفاع الدراماتيكي بأسعار البنزين” قال الخبير الإقتصادي الدكتور بلال علامة>

لافتًا في حديث لـ “لبنان 24″ إلى أنّ هذه الحال انعكست على إنتاجية القطاع العام، والقطاعات الإنتاجية في البلد كونها مرتبطة به.

على سبيل المثال إقفال النافعة يحرم الخزينة يوميًّا من عائدات كبيرة من الرسوم.

كذلك الحال بالنسبة لوزارة المالية، ففي كلّ يوم إقفال تتكبّد الخزينة خسائر، في حين كان بإمكانها توفير عائدات من بدل الطوابع والرسوم المباشرة.

الأمر نفسه ينسحب على دائرة النفوس وغيرها من الإدارات العامة

بالتالي تراجع عمل موظفّي إدارات الدولة على خلفية كلفة النقل الباهظة يؤثر على الدورة الإقتصادية برمّتها، في القطاعين العام والخاص.

من ناحية ثانية انعكس ارتفاع أسعار المحروقات تراجعًا في مردود الضرائب غير المباشرة، التي كانت الدولة تجنيها من البنزين، بفعل انخفاض الإستهلاك.

علمًا أنّ هذه الإيرادات كانت تغذّي بشكل أساسي عملية الإنفاق العام

لم تعد رواتب الموظفين تؤمن لهم الوصول إلى أماكن عملهم.

فانعكست الأزمة بشكل سلبي على حركة المواصلات والتبادل بين المناطق، والذي كان عاملًا مساعدًا في تنشيط الدورة الإقتصادية.

كما ضربت قطاعات عديدة في البلد، وفرملت الحركة التجارية أيضًا، وليس أدل على ذلك سوى مشهد السيارات العمومية تجوب الشوارع بحثًا عن ركاب.

ولا تجد منهم سوى القليل القليل، بعدما باتت كلفة “السرفيس” توازي راتبهم.

انطلاقًا من هنا لفت علامة إلى “أنّ الأزمة أدّت إلى انخفاض في الإنتاج وتباطؤ في الدورة الإقتصادية بما في ذلك الناتج القومي، الذي بدأ يتقلّص ليصل بأحسن الأحوال إلى عشرين مليار سنويًا.

في حين أنّ معظمه ناتج عن تحويلات المغتربين وليس جراء الإنتاج الداخلي”.

لإحياء خطة العريضي

رغم حدّة الأزمة وتفاقمها، لا زالت هناك إمكانية للحلول بنظر علامة “بحيث يتوجّب على الدولة أن تبادر لوضع حلول منطقية.

وبظل الوضع الراهن أفضل المتاح هو العودة إلى قرض البنك الدولي بقيمة 295 مليون دولار المخصص لتمويل خطّة النقل.

وتحريكه لتسيير شبكة النقل بدل تحويله لتمويل البطاقة التمويلية التي لم تعد مجدية.

ومن شأنها رفع معدل الإستهلاك وزيادة الكتلة النقدية المتداولة مقابل تراجع الإنتاج.

خصوصًا أنّ هناك خطّة في الأدراج وضعها وزير الأشغال الأسبق غازي العريضي في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة.

وكانت تُعتبر الأفضل، كونها تتناسب مع الوضع اللبناني، وتم توقيفها في حينه لاعتبارات، بعضها متعلّق بمنتفعين من شبكات النقل والباصات المزوّرة.

وُذكر في حينه أنّ بلدية ومحافظة بيروت رفضتا دخول الباصات إلى قلب بيروت، بحجة أنّها تتسبّب بزحمة سير.

في الوقت نفسه لم تعمد الدولة طيلة السنوات الماضية لتفعيل النقل المشترك لديها.

آخرها ما قام به العريضي لجهة تشغيل باصات، وصل عددها إلى ستين ميكرو باص، عملت لفترة، واليوم لم يعمل منها سوى ثمانية فقط”.

أضاف علامة “لو نُفّذت الخطة في حينه، لم تكن الأزمة بهذا الحجم اليوم.

خصوصًا لجهة الباصات التي تربط بيروت بالمناطق، فهناك عدد لا يستهان به من العاملين في بيروت، يأتون من مناطق بعيدة، و كلفة النقل باتت تهدد بقائهم في عملهم.

على سبيل المثال، موظف في بيروت يقطن في مدينة الشويفات القريبة نوعًا ما، يدفع يوميًا 80 ألف بدل تنقلّه في الباصات ، فكيف حال الموظفين الذين يأتون من مناطق ومحافظات بعيدة؟”.

لمعضلات التي يعيشها المواطن، ولعلّ أبرزها أزمة النقل و الباصات وتداعياتها الكارثية.

تتطلّب عملًا حكوميًّا مكثّفًا، بدل سياسة وضع العصي في الدواليب.

وتعطيل السلطة التنفيذية، وتجاهل حجم الويلات والأزمات في البلد، التي يصرّ البعض على افتعالها وتفاقمها.

وكأن هناك من يسعى لصب الزيت على النار عن سابق تصوّر وتصميم.

المصدر: لبنان 24

للمزيد من الاخبار اضغط هنا

   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى