اخبار محلية

لعبٌ “حكومي” على حافة الهاويّة

“مش ماشيه ولن تمشي”، خلاصة موقف كلّ من يُتابع الشأن الحكومي. إذاً القضية عالقة في خرم إبرة القاضي طارق البيطار وملف التحقيق في تفجير المرفأ، وستبقى، وما بالك إن طرأت على الجدول، قضيةٌ إضافية أخرى “ألعن”، تتمثّل في الدعوة لانعقاد مجلس وزراء “مبتور” شيعياً؟خلال الأيام الماضية التي سبقت سفر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى القاهرة، وانتهاء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الخليج، ثمّة “منظّر دستوري”، طرح فكرةً على رئيس الجمهورية

قوامها “إلزام” رئيس الحكومة في الدعوة إلى جلسةٍ لمجلس الوزراء، عملاً بمقتضيات الدستور، ولكون اللحظة حساسة ومصيرية،

رغم أن “المنظّرين الدستوريين” ، عادةً يفصلون بين عدم أحقّية الرئيس في إملاء الشروط على رئيس الحكومة،

للدعوة إلى جلسةٍ لمجلس الوزراء، لكون الدستور لا يُجيز له ذلك، وبين صوابية طرحه الفكرة على النقاش مع رئيس مجلس الوزراء،

من زاوية التداول بالإقتراح والإتفاق وليس الأمر.

حدث ذلك خلال زيارة ميقاتي الأخيرة إلى قصر بعبدا. وتفيد المعلومات أن الرئيس طالبه بعقد جلسةٍ للحكومة في أقرب فرصة ممكنة

لكن ميقاتي طلب الإستمهال في انتظار “حلّ ما”، يُعفيه من ثقل الإعتراض الذي يحمله الثنائي الشيعي.

الجواب يبدو أنه لم يسقط بشكل إيجابي على القصر. نشأ عن الرفض شعورٌ، بأن ميقاتي بات إلى حدٍّ ما،

يُمارس نفس الأسلوب التعطيلي الذي اعتمده سابقاً رئيس مجلس الوزراء الأسبق سعد الحريري، حين مضى الأخير إلى الإعتكاف،

حاصراً “التكليف” في يده، مما أدّى إلى عرقلة تأليف الحكومة لأشهر. الآن يكرّر الميقاتي ذات الفعلة ولو بطريقة مختلفة:

يأسر قرار الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء بين يديه، ويفضّل إعتماد آلية إجتماعات اللجان، إنتظاراً لحلٍّ ما قد يأتي.

ولا يظهر أنه يبادر إليه بدليل عدم تعاطيه بالجدية اللازمة لناحية إيجاد حلّ لعقدة اجتماع الحكومة.

عليه، عاود من اقترح الفكرة في الأساس، إنجاز “فرمان جديد” قضى بشنّ حملة سياسية وعبر وسائل الإعلام، لدفع رئيس الحكومة

للدعوة إلى جلسة من زاوية اتهامه بعرقلة شؤون الناس، وأخذهم رهينة سياسية وتفضيله الإبقاء على الحالة السياسية الراهنة

إلى أجلٍ غير معلوم، وتجاهل كل الدعوات الدولية التي تتردد على مسامع المسؤولين اللبنانيين حول ضرورة عقد جلسة لمجلس الوزراء.

بموازاة ذلك، كان هناك من ينشط من خلف الخطوط، موحياً أن رئيس الجمهورية يحاول إيجاد “صيغة ما” مع رئيس الحكومة

لتمرير دعوة لانعقاد مجلس الوزراء قبل أفول العام الجاري، تحت عنوان “بحث الملفات الحساسة” ،

ما دام أن جدول أعمال مجلس الوزراء بات يتجاوز الـ100 بند، وما كان من الثنائي الشيعي، إلاّ أن بعث برسائله سواء عبر الإعلام

او “القنوات المعروفة”، مبلّغاً من يعنيهم الأمر، أن قضيةً من هذا القبيل قد تحمل معها رياحاً عكسية.

فإن كانت المشكلة العالقة اليوم متمثّلة بوضعية القاضي طارق البيطار الشاذة، فإن انعقاد مجلس الوزراء بغياب المكوّن الشيعي

وما قد ينتج عنه من قرارات، قد تأخذنا إلى أزمةٍ أعمق بكثير من أزمة البيطار. وعليه إن حُلّت قضية البيطار

فهذه لن تُحلّ بسهولة، وسندخل بجدلية التراجع عن القرارات المتخذة “المحتملة” ووضعيته أمام الدستور!

إذاً، فهم من هُم على اطّلاع، أن خطوةً من هذا النوع، يُمكن تسجيلها في النافعة تحت مسمى “الصيغة الإنتحارية”،

فتقرّر العدول عنها مقابل اعتماد وسيلة النقد والإنتقاد عبر الإعلام، بالتوازي مع تسييل حبر وساطات محددة

أملاً في إبرام تسويةٍ ما، لا يبدو من قراءة الطالع، أنها مُمكنه أقلّه حتى نهاية العام الحالي.

في مكانٍ آخر، فُسّر هذا الإحتمال، بوجود رغبة لدى القصر الجمهوري في نقل إطار المشكلة من خلافٍ بينه وبين الثنائي الشيعي

حول وضعية البيطار، إلى “مشكل” بين ميقاتي و الثنائي نفسه، عبر الإيحاء باحتمال أن يذهب الميقاتي إلى دعوة مماثلة،

ما يكفل نقل المشكلة تلقائياً. لكن رئيس مجلس الوزراء صودف أنه فهم الرسالة ولعبها صحّ. أسرع في إبلاغ من يعنيهم الأمر،

أنه في حلٍّ من أي دعوة مماثلة، متى كان الإتفاق شبه معدوم والثنائي رافض لحضور الجلسات، إذاً لا ميثاقية للجلسات.

وفي مكانٍ آخر “نشّط” ماكينته الإعلامية باتجاه ترسيب عدم موافقته على عقد جلسة حكومية لا تراعي مفهوم الميثاقية،

أو تخالف الفقرة “ي” من مقدمة الدستور اللبناني: “لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”.

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

للمزيد من الاخبار اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى