اخبار محلية

إشتباك سياسي محموم يلوح في الأفق

إشتباك سياسي محموم يلوح في الأفق

ما هو الثمن السياسي أو “الصفقة” الجديدة التي يُفترض أن تخلف القديمة التي قيل إنها تهاوت، وتحضر في مقام التعويض عنها للحؤول دون تجاوز الاشتباك الحالي الحدّ المسموح به؟

منذ الأمس لا يمكن تفسير وجوه العونيين، من القيادة ونزولاً إلى القواعد الشعبية، ثمة إحساسٌ لدى هؤلاء بالطعن

والخيبة والغبن. البعضُ يشبّه الحالة الراهنة، بتلك النزعة التي تولّدت غداة انكسار 13 تشرين، وآخرون ينحرفون باتجاه الظنّ، أن الأجواء التي تتكوّن حالياً، تكاد تشبه تلك التي سادت إبّان الوصاية السورية. يتنامى هذا الشعور ربطاً بما نمى وينمو عند الضفة الأخرى، والمتمثّل بفائض النجاح والذي تحوّل إلى ما يشبه الإحتفالات بما نتج عن قرار “اللاقرار”

الصادر عن المجلس الدستوري. هذا الوضع أو حقيقة الإدارة الغير السليمة، خلّف وضعاً غير صحي و حالةً من الإنعدام في التوازن السياسي، قد يخلّف انعكاسات غير محمودة

الخشيةُ الحالية تتمثّل في أن ينبري “التيار الوطني الحرّ “، لردّ فعلٍ سياسي ما على فعلٍ، يتّهم الآخرين بأنهم كادوا عبره

أو أعدّوه له. نتحدث هنا عن انتقامٍ وعن شعور تولّد في الرغبة بالإنتقام السياسي، نتحدث عن “لائحة عار” بات العونيون

في صدد الإعلان عنها قريباً، وتتضمّن فئات وجماعات سياسية متّهمة بـ”ضرب الدستور والإخلال به”.

هذا الوضع الشاذ، إنما يُعزّز الرغبة بابتداع حلٍّ ما على قياس الجميع، ولا يغادر منطق التسوية المعهودة في لبنان،

ولقد دفعت شخصيات عديدة لمحاولة إيجاد ترياق، يؤدي إلى تجميد الوضع الإشتباكي على وضعيته الحالية والتفكير

في حلّ ذات مفعول رجعي، يعيد الأمور إلى قواعد التوازن المعمول بها، أي عملياً ، تمديد أيام التفاوض الداخلي من

خلف الكواليس.

إذاً منطق الصفقة لا يُغادر عقول المعنيين بالأزمة. لكن هذه الصفقة، والحديثُ هنا عن صفقةٍ تنهي تبعات ما حصل

في المجلس الدستوري، قد تدفع إلى تقديم أوراقٍ عدّة على طاولة المفاوضات، وتقود إلى طرح مجمل القضايا

الخلافية الراهنة على البحث، من التحقيق العدلي ووضعية القاضي طارق البيطار، إلى أزمة عدم انعقاد الحكومة وما بينهما من ملحقات كالتحقيق الجنائي ووضعية كلّ من حاكم مصرف لبنان ومجلس القضاء الأعلى، وقد تذهب بالفئة التي تظن أنها منتصرة إلى التشدّد في مواقفها، أو تدفع إلى تكبيد الفئة الخاسرة، أثماناً أكثر أو تدفع مثلاً إلى زيادة منسوب الملفات، ما دام أن القاعدة التسووية اللبنانية تعجّ بالمفارقات وكلّ ملف مرتبط بالآخر وكفيل بسحبه إلى داخل قمرة النقاشات، فهل نحن اليوم وربطاً برفع “التيارين” التدريجي لسقف خطابهم، أمام محاولةٍ لتعديل موازين

القوة عبر تعزيز أوراق التفاوض تمهيداً لدخول الطاولة من منطلق قوة؟

ثمة من ينطق بهذا المذهب عطفاً على الصيغة الحالية وترتيباتها. فبالدرجة الأولى، لا تقوم التسوية بفريقٍ واحد دون الآخر، وفي بلدٍ مثل لبنان، قد يؤدي انعدام التوازن إلى مشاكل أوسع وأكبر حجماً وأكثر كلفة، كذلك وعلى النهج نفسه، قد يؤدي الخلاف حيال مواضيع أساسية كالتالي تُطرح، صوب التأثير على الإستحقاقات الدستورية، أي الإستحقاقات

عينها التي لا يغادر الغرب منطق الدفع صوبها، فهل تنعقد الصفقة على أساس مصير الإنتخابات المقبلة والضرورات المحلية؟

عملياً، كلما أقتربنا صوب موعد الإنتخابات، زادت رقعة الإشتباكات السياسية وتوسّعت، وزاد معها التهديد بعدم

انعقادها. في الواقع وحتى اليوم، لا تزال غالبية القوى السياسية تعمل انتخابياً بالخفاء، في ظلّ نموّ اعتقاد يقول أن

موعد إجراء الإنتخابات، سواء في آذار أو أيار غير ثابت ومصيره مربوط بمصير الأجواء السياسية الداخلية وجملة

استحقاقات مطلوبة، وبالتالي يصبح أن تهديد مصير الإنتخابات، هو في الأساس دافع صوب إجراء صفقةٍ ما، محدّدة

البنود، لا تعيد التوازن فقط وإنما تعيد اللعبة السياسية إلى قواعدها الأساسية.

ولا رَيْب أن كثراً في الداخل، ما غادروا منطق الصفقة الوحيدة المكرّس كحلّ آني للظروف اللبنانية القاهرة، ومنذ الآن

وحتى موعد حصول ذلك، سنشهد على أشكالٍ متعددة من الإشتباكات السياسية، التي لن تكون أقلّ من مستوى

عناوين الخلافات بحد ذاتها.

المصدر: ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى