اخبار محلية

“مجلس طوارئ” سُنّي!

صحيحٌ أن رئيس الحكومة سعد الحريري قد غادر عالم السياسة إلى حين، وبالتأكيد هذا القرار وتبعاً لظروفه وتقديراته، رتّب وسيرتّب تبعات سياسية متدحرجة ومتفاوتة صعوداً ونزولاً.ولو كان هذا الخروج قد تمّ وانتهى الأمر، لكنه لا يعني بالضرورة خروجاً كاملاً للتيّار السياسي من المشهد، ولو أُعلن عن ذلك.بطبيعة الحال، فإن تيّار “المستقبل” بما يمثّله من حجمٍ شعبي ونفوذ لدى شارعه وفي طائفته وصولاً إلى الشوارع السياسية

لن يكون من السهل عليه أن يطيح بتلك التركة أو أن يضعها في غياهب المجهول، لكونها ليست ملكاً صرفاً له،

وفيما لو حصل ذلك، فهو سيرتّب تغييراً في حالة التوازن السياسية القائمة في البلاد ويطيح بها،

والتجارب تفيد بأن أي إخلال بطبيعة التوازن تؤدي إلى نتائج وخيمة، و 7 أيار يُتّخذ كمعيار في هذا الجانب.

و”المستقبل” يُدرك، أو أقلّه القائمون عليه من فئة “ضليع في السياسة” أن

فعلاً من هذا النوع لن يؤدي إلاّ إلى الهلاك، لذلك انزوى حشدٌ من القيادات نزولاً عند طلب رئيسهم،

فيما تقدّم آخرون إلى واجهة المشهد، وخلقوا حالةً سياسيةً واضحة تتمثّل بالتعاضد ما بين الجناح الديني والجناح  السياسي الباقي،

للحفاظ على نسبة المشاركة الموجودة في الحياة السياسية وأيضاً لصون القيمة أو المكتسبات التي تُعتبر تبعاً لتركيبة النظام، حقاً يخصّ السنّة كجماعة سياسية.

من هذه النقطة، كان واضحاً أن

المواجهة المُقبلة باتت محتومة سواء من زاوية حماية بعض المواقع والمراكز في الدولة، بعدما شعرت هذه “التوليفة” بأن ثمة من يتعمّد مدّ اليد إلى حصّة الطائفة،

أو من زاوية ضرورات التقدّم للمطاحنة لإثبات الوجود والإيحاء بأن من غادر لا يعني بالضرورة أن يضع الطائفة في حالةٍ من الفراغ،

وإنما الحيوية تبقى موجودة، ومن هذه الزاوية كان لا بدّ من قيادة “حركة ما” باتجاه الذود عن مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان يوم أمس،

كعنوانٍ مطروح على النقاش في ضوء ملاحقته من قبل مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون لما تمثّل،

ليس بالضرورة من أجل الشخص وإنما المركز، وللقول طبعاً أن المستقبل ما زال موجوداً.

وحشدٌ من هذا النوع وبغضّ النظر عن حجمه، لا بدّ أن يُصرف في السياسة،

ويعدّ من حيث التوقيت إنكشافاً لدور “المستقبل” الحالي الذي ما زال قائماً عند فكرة “صون المراكز”

عبر تشكيل جدار حماية أمامها و التحرّك “في الشارع” متى دعت الحاجة إلى ذلك.

وهذا إنما هو خروجٌ عن الفكرة التي طرحها “الرئيس” بدايةً عبر الخروج من المشهد السياسي.

ولا بدّ أن هذه الحركة أراحت ليس فقط الضباط الذي يشعرون بالخطر على مراكزهم نتيجة غياب المرجعية السياسية،

بل الموظفين الآخرين في الإدارة الذين شعروا بأنهم متروكين لمصيرهم، لذلك كان لا بدّ من حركةٍ ما في الهواء الطلق تعيد شدّ عودهم،

وهذه أيضاً لا يُمكن صرفها عن مسار الإنتخابات وإن أعلن التيّار بصفته تيّاراً سياسياً عزوفه عنها.

بطبيعة الحال، ثمة جمهورٌ موجود، وعمليات “شدّ العصب” الجارية حالياً

تقود إلى الظنّ باحتمال زرع بذور توجيه لهذا الجمهور والإبقاء على عصبه قائماً لاستخدامه في السياسة،

وهذا له أن ينسحب بطبيعة الحال على مسار الإنتخابات المقبلة وربما سيتعاظم كلما اقترب موعد فتح صناديق الإقتراع.

هذا المدّ الشعبي الذي يتعاطف مع “المستقبل”، أو الذي ينتمي إليه لن يكون معزولاً بطبيعة الحال عن المشاركة في الإستحقاق

تبعاً لرأي أصحاب العمائم الرافضين لفكرة الإنخراط في مقاطعةٍ شاملة، لما لها من ارتدادات سلبية على الطائفة،

وهذا سيخلق جواً إيجابياً سيتداعى عبره “السنّة” إلى المشاركة.

إذاً لا بدّ من إجراء تعديلات ذات نمطٍ سياسي معيّن لتثبيت القدرة على التوجيه يوم الإقتراع، عملاً بمبدأ رفض وضع اليد على المراكز السنّية من غير السنّة.

ربطاً بذلك، فإن خريطة ترشيحات السنّة عموماً بدأت تتّضح شيئاً فشيئاً. فصحيح أن تيّار “المستقبل”

لن يشارك وهذا محسوم، لكن ثمة نوابٌ منه سيشاركون مع آخرين من المحسوبين عليه سياسياً أو من الذين كانوا يترشحون عادةً تحت لوائه،

وهؤلاء بدخولهم قوائم الترشيحات وفي حال نجاحهم يوم الإقتراع، فلن يغرّدوا خارج السرب السياسي أو السقف السياسي للتيّار الأزرق

وإن لم ينالوا التوجيهات، وعطفاً على ذلك سيحفظون مراكزه حتى يعود إليها، لذلك نعود إلى التوجيهات يوم الإنتخابات وشدّ العصب الضروري،

وخلق حالة من تقبّل التوجيهات لا بدّ أن يتمّ تفسيرها يوم الإنتخابات على شكل “شيفرة” يتمّ توزيعها على القاعدة،

على أن تتولّى “إدارةٌ” يُعمل على إنتاجها، توزيع الأصوات عبر “لجانٍ” شعبية ستعمل كماكينة إنتخابية منتظمة.

وإنطلاقاً من هذا المفهوم، ثمة من يعتبر أنه

بات ومن الضروري تشكيل “قيادة طوارئ” للنيابة عن القيادة السياسية “العازفة” الممثّلة بتيّار “المستقبل”،

والتي لم يعد من مجالٍ للظنّ أنها منكفئة، ليس لإدارة العملية الإنتخابية فقط بل ما سيتبع ذلك،

سواء من موضوع تسمية رئيس الحكومة والمشاركة في مجلس الوزراء،

أو في مجال صون الحقوق السياسية المُكتسبة للطائفة، والتي تحتاج إلى “زنودٍ في السياسة” للذود عنها.

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

للمزيد من الاخبار اضغط هنا

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى