اقتصاد

لبنان على سكّة التعافي المالي.. ماذا يعني “الاتّفاق المبدئيّ”مع صندوق النقد؟

لبنان على سكّة التعافي المالي.. ماذا يعني “الاتّفاق المبدئيّ”مع صندوق النقد ؟

وضعت الحكومة أولى الخطوات الثابتة للسير نحو خطّة التعافي الاقتصاديّ،

بعد إنجاز الاتّفاق المبدئيّ مع صندوق النقد الدوليّ على برنامج تصحيح الوضع المالي.

فالهدف الاساسيّ هو وضع لبنان على سكّة النهوض، من خلال توفير فرص عمل وتثبيت سعر صرف الدولار،

للحدّ من انهيار الليرة، بالاضافة إلى إعادة الثقة الدوليّة والعربيّة للبنان، وتدفق المساعدات والاستثمارات.

ويبقى الاهمّ لتحقيق كل ما تقدّم، البدء بالاصلاحات البنيويّة في المؤسسات العامّة والخاصّة. ولعلّ أهمها “كهرباء لبنان” والمصرف المركزيّ، وإصلاح القطاع المصرفيّ ، وصيانة وتحديث وإنشاء البنى التحتيّة.

ووفق برنامج صندوق النقد الدولي، فقد يلقى لبنان دعماً من اتفاق تمويل مدته 46 شهراً،

مع إمكان الحصول على 3 مليارات دولار تمّ طلبها. على أنّ تزيد هذه المبالغ كلما التزم لبنان بالاصلاحات،

وكلما كانت المفاوضات بناءة عمليّاً وتطبيقيّاً.


وفي قراءة أوّليّة إقتصاديّة لما تحقّق مع صندوق النقد الدولي، توضح الخبيرة في الاقتصاد النقدي

والمالي ليال منصور لـ”لبنان 24″ أنّ “الاتّفاق المبدئيّ هو شكليّ، و

لا يعني أنّه تمّ الاتّفاق نهائيّاً مع صندوق النقد”، وتُشير إلى نقطة بارزة وهي أنّ “الصندوق

لن يعطي فلساً من الـ3 مليارات دولار، من دون تطبيق الاصلاحات الكثيرة التي يطلبها”. وتُضيف أنّ “الصندوق سيعطي لبنان الاموال على شكل قرض لتطبيق الشروط. وعند تطبيق أي شرط منها، يأخذ حصته”. وتلفت إلى أنّ “المساعدات يمكن أن ترتفع إلى 5 مليارات دولار”.

ومن أبرز النقاط التي اتّفق عليها لبنان مع صندوق النقد هي إنجاز الإصلاحات الهيكليّة الضرورية

لاستعادة النمو وتأمين فرص عمل. وبحسب منصور فإنّ “أولى الخطوات تُترجم بفصل الموظفين

في الادارات العامّة الذين أتت بهم “الواسطة”، للحدّ من التضخّم، وتوظيف أشخاص يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والاحترافيّة”. كذلك، ترى أنّه “لا يمكن تحقيق أي نموٍّ في البلاد من دون إصلاح قطاع الكهرباء”.

 وعن إعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتمكن من استعادة دوره في تمويل الاقتصاد،

تعتبر منصور أنّ “هذه الخطوة تتمّ من خلال إجراءات ليست مالية، وإنّما قانونيّة”. وتقول إنّه “يجب الاعتراف بأنّ المصارف أفلست، لتسييلها، وصولا إلى ردّ ودائع المواطنين”. وتُتابع أنّه “يجب أيضاً دمج المصارف،

وتحجيمها”. وتُشير إلى أنّ “المصارف لن تعترف بإفلاسها لانّها مكسورة بالعملة الاجنبيّة”.

وتوضح أنّ “لا مفعول رجعيّاً في “الكابيتال كونترول” في ما يخص الاموال التي هُربت،

وأهميّته في المستقبل تتمثل في أنّه عند دخول المساعدات، يمنع تهريب المبالغ بطريقة إستنسابيّة. وبالتالي يمكن للمودعين أن يستحصلوا على جزء من أموالهم بالتساوي. فتكون الاموال ملكاً لجميع المودعين وليس لاشخاص معيّنين”.

أمّا في موضوع تحسين المالية العامة لتأمين استدامة الدين مع زيادة النفقات على القطاعات

الاجتماعية والبنى التحتيّة، فتقول منصور إنّه “يجب تحصيل الضرائب من كل من تهرّب سابقاً من دفعها،

وبشكل خاص المؤسسات والشركات الكبيرة، لانّ أصحابها استفادوا من الاموال العامّة.

ولا يجب رفع الضرائب على المواطنين لانّ البلد منهار إقتصاديّاً”. وتُضيف أنّه “يجب خصخصة كلّ المؤسسات الانتاجيّة، وأهمّها الكهرباء حيث الهدر الكبير بالاموال، وإصلاح هذا القطاع للوصول إلى تحقيق الارباح منه”. وتُشدّد على أنّه “يجب أيضاً تخفيف النفقات”.

ومن أكثر الامور التي أنهكت الشعب اللبناني هي ارتفاع سعر صرف الدولار،

وانعكاسه على أسعار المحروقات والمواد الغذائيّة وفاتورة المولدات الخاصّة…

وتوحيد سعر الصرف ركيزة أساسيّة في البرنامج المُتّفق عليه بين لبنان وصندوق النقد. فكيف يتحقّق هذا؟

تُجيب منصور أنّ “أولى الخطوات هي “ليلرة” العملة الوطنيّة والودائع. وهناك طريقتان:

تدريجيّة، وسريعة. أمّا في ما يخصّ لبنان، فيجب “ليلرة” الودائع بسرعة. وهذا سيُؤدّي إلى انهيار الليرة كثيراً لانّ الودائع بالدولار”. وتُؤكّد أنّ “بهذه الطريقة يمكننا تقييم العملة الوطنيّة لنعرف قيمتها الحقيقيّة”.

ولتحقيق كلّ الاصلاحات السابقة، تُشدّد منصور على “أهميّة وجود قضاء قويّ،

وغير مسيّس. وتطبيق الشفافيّة ومحاربة الفساد لا يتمّان إلا بقضاء نزيهٍ”.

وتُضيف أنّ “الشفافيّة تقوم على نشر المعلومات والارقام عبر الانترنت، لتكون بمتناول الجميع.

والمساعدات الفنيّة التي سيُقدّمها صندوق النقد في هذا المجال، هي التفسير، على سبيل المثال تعريف معنى الفساد، وكيفيّة محاربته”. 

ويُشير مراقبون إلى أنّه لتحقيق كل الاجراءات والشروط والاصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي،

على السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة التعاون، وعدم العرقلة. فكلّ تأخيرٍ يعني أنّ البلاد ستتأخر بالوصول

إلى اتّفاقٍ نهائيٍّ مع الجهات الدوليّة، وتأزمٍ الاوضاع الاقتصاديّة والمعيشيّة أكثر. لذا،

يجب البناء على ما أنجزته الحكومة يوم أمس، والاتّجاه إلى العمل وتحقيق الاصلاحات المنشودة ليعود لبنان إلى عافيته.

المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى