اخبار محلية

هذا ما سيفعله باسيل في آخر عشرين يومًا

باقي عشرون يومًا من عهد الرئيس ميشال عون. ومع هذه الأيام القليلة لا ينتظر أحد إجتراح الأعاجيب، لأن زمنها قد ولّى إلى غير رجعة. ومع كل يوم من هذه الأيام يمرّ يتضاءل الأمل في إمكان التوصّل إلى حلول ممكنة في ما خصّ الملفات العالقة. فلا حكومة كاملة المواصفات على رغم المساعي المبذولة لتذليل “العقد الباسيلية”، ولا رئيس للجمهورية في المدى المنظور. وهكذا تُلقى الأحمال بثقلها على أكتاف من لا يتهرّب من تحمّل المسؤولية كاملة، أيًّا تكن الصعوبات والعراقيل، التي يصرّ على وضعها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في آخر محاولات الإفادة من وجود الرئيس ميشال عون في سدّة رئاسة الجمهورية، وفي يديه أختام الحلّ والربط.

وفي الإعتقاد أن باسيل المأزوم من كل النواحي يحاول أن يؤسّس لمرحلة جديدة يكون فيها “بيضة القبان” في أي إستحقاق داهم؛ ولذلك نراه “مستقتلًا” على تركيب الطرابيش الحكومية، في الوقت الذي يبدو فيه وضع البلد الواقف على الشوار غير مؤاتٍ لأي مغامرة من النوع الباسيلي. فهذه “الإستماتة” على تغيير الوزراء “غير المخلصين له” معروفة الأهداف. فهو يريد من خلال بعض الوزراء القادر على أن يمون عليهم مئة في المئة، وهم رهن إشارة من إصبعه، ومستعدون بالتالي على أن يكونوا داخل الحكومة “فوتو كوبي” عن رئيسهم، أن يكون طيفه حاضرًا من خلال كل وزير يقسم على أن يكون نسخة طبق الأصل عن جبران. وبهذه الطريقة وحدها يستطيع “محارب طواحين الهواء” الإمساك باللعبة الحكومية، التي ستؤول إليها صلاحيات رئيس الجمهورية طيلة فترة الفراغ الرئاسي، التي ستطول طالما يربط البعض مصير الكرسي الرئاسي بمآل التسويات المؤجّلة في المنطقة.

ولأن الظروف الدولية والإقليمية والداخلية لا تسمح بإنتاج رئيس قادر على أن يجمع الأضداد على إختياره، فإن باسيل الذي لا تزال عينه على كرسي بعبدا، وهو الذي يعتبر نفسه أحقّ بها من غيره، يحاول أن يكون “رئيس الظلّ” في حكومة الصلاحيات الرئاسية من خلال وزرائه الصقور. وبذلك يعتقد أنه يضع جميع المعنيين أمام الأمر الواقع: فإما حكومة “على ذوقه”، وإما لا حكومة، ولتعمّ الفوضى “ومن بعد حصانه لا ينبت حشيش”، بعد أن يبان المرج بعد ذوبان ثلج السنوات الست.
ومع دخول لبنان رويدًا وتدريجيًا في مدار الفوضى الشاملة والمتوقعة على أكثر من صعيد، فان باسيل مصمّم على عرقلة مساعي الرئيس نجيب ميقاتي، وبالأخصّ في مرحلة الفراغ الرئاسي، إذ سيعمد إلى سحب وزرائه من حكومة تصريف الأعمال، التي ستنتقل إليها طوعًا صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال لم تُشكّل حكومة كاملة الصلاحيات في الفترة القصيرة التي تفصل البلاد عن تاريخ 31 تشرين الأول الجاري.

ولكي يكتمل “النقل بالزعرور”، وعشية الذكرى الثالثة لاندلاع” ثورة ١٧ تشرين” والمتزامنة مصادفةً مع انتهاء ولاية الرئيس عون، تشكّل ظاهرة إقفال المصارف أمام الزبائن وإقتصار التعامل مع غالبيتهم الساحقة عبر”الصرافات الآلية” عنوانًا صارخًا للدرك الذي بلغته البلاد، بفعل الموجات المتلاحقة للتدهور النقدي والمالي، وما تولّده من تداعيات كارثية على المستويين الاجتماعي والمعيشي بعدما تسلّم لبنان “ريادة” مستوى الفقر في المنطقة الى جانب الصومال واليمن وسوريا وسواها من البلدان التي تعاني صراعات مريرة وتبديدًا ممنهجًا للمقدرات الاقتصادية ولمجمل مكوّنات الناتج الوطني.
فالفقر يزداد يومًا بعد يوم، والجوع يطرق كل البواب؛ لا يستثني أحدًا؛ لا يميّز بين منطقة وأخرى؛ لا ينتقي هذا الذي ينتمي إلى “المحور السيادي” ويترك ذاك المنتمي إلى “محور الممانعة”.
فهل يعي الذين لا يهنأ لهم عيش، إن لم يشاكسوا، أن لبنان قد أصبح بفضل سياساتهم الخاطئة متقدّمًا على غيره من الدول في الفقر والعوز، وهو الذي سبق الجميع في تخلّي المسؤولين فيه عن أدنى موجبات المسؤولية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى