اقتصاد

بـ”الدّولار”.. متى “سينتعش” لبنان من عائدات الغاز؟

لم تكُن الإشارات الأميركية – الفرنسية – العربية التي يتلقاها لبنان يوماً بعد يوم إثر موافقته على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، سوى بداية لـ”انفراجة قريبة” تنتظرها البلادُ بفارغ الصبر. إلّا أنه وبشكل قاطع، لا يمكن لتلك الإنفراجة المُنتظرة إلا أن تكون مقرونةً بخطواتٍ يجب أن تحصلَ داخلياً. ولهذا، بات الكثير من اللبنانيين يسألون مؤخراً: كيف سنستفيدُ من ثروة الغاز والنفط؟ هل سيُسرق المال؟ هل سنحصلُ على الفُتات من الإيرادات والعائدات؟

لم تكُن الإشارات الأميركية – الفرنسية – العربية التي يتلقاها لبنان يوماً بعد يوم إثر موافقته على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، سوى بداية لـ”انفراجة قريبة” تنتظرها البلادُ بفارغ الصبر. إلّا أنه وبشكل قاطع، لا يمكن لتلك الإنفراجة المُنتظرة إلا أن تكون مقرونةً بخطواتٍ يجب أن تحصلَ داخلياً. ولهذا، بات الكثير من اللبنانيين يسألون مؤخراً: كيف سنستفيدُ من ثروة الغاز والنفط؟ هل سيُسرق المال؟ هل سنحصلُ على الفُتات من الإيرادات والعائدات؟

خلال زيارتها الأسبوع الماضي إلى لبنان، كانت وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسيّة كاترين كولونا واضحةً جداً وحاسمة عبر قولها إنّ “ملف الترسيم لن يحلّ مكان الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تبقى ضرورية”، مؤكدة أنّ “الأولوية هي لمتابعة برنامج الإصلاحات”… حتماً، كانت رسالة كولونا “حاسمة”، في حين أنّها لا تختلف تماماً عن الرسالة الأميركية التي تؤكّد أيضاً على خطواتٍ لبنانية تُكافح الفساد وتساهم في إعادة هيكلة الأوضاع المالية والاقتصادية. إلا أنّه في مقابل ذلك، لم تُفصِح الدّول المعنية بلبنان عن الطريقة التي يمكن من خلالها ضمان حصول تلك الإصلاحات، وعمّا إذا كانت ستكون هناك مُواكبة دوليّة فعلية لما قد يحققه لبنان على هذا الصعيد بعد محاولات كثيرة يائسة.

بالنسبة لبعض الخبراء والمتابعين للشأن النفطي والاقتصادي، فإنّ الدّول الكبرى وضعت لبنان في أولوياتها مؤخراً من أجل إنهاء ترسيم الحدود البحرية حصراً، وليس لأن الأوروبيين بحاجة إلى لبنان بل لأنهم بحاجة إلى الغاز الإسرائيلي الذي لا يمكن أن يصل إلى أوروبا من دون ترسيمٍ مع لبنان. وهنا، وعندما يتحقّق الحصول على هذا الغاز من خلال إتمام إتفاق التّرسيم عندها تكمن المخاوف من “تراجع” الاهتمام الدوليّ بلبنان من خلال السعي لتكريسه دولة نفطية فعليّة وسط الإقرار صراحة بذلك في نص الإتفاق الأخير.

حتماً، ما قيل هنا نظرية “قائمة” بحد ذاتها ولا يُمكن إغفالها لأنها قد تكون أمراً واقعاً بشكل فعليّ. وإلى اليوم، فإنّ لبنان، ورغم تثبيت حقه بالتنقيب عن النفط، لم يتحوّل إلى “قبلةٍ” فعلية للدول الأخرى لاستيراد الغاز منه بسببِ انعدام الثقة المالية به، فضلاً عن ضعف التشريعات وأنظمة المحاسبة التي تضمن حوكمَة فعلية لقطاع النفط بعيداً عن الفساد. أما الأمر الأهم فهو أن لبنان ساهم في “تهريب” الشركات منه بسبب غياب المراسيم والقوانين التي تُفعل قطاع النفط منذ 11 عاماً، ولهذا السبب تقدّمت إسرائيل أكثر في عيون الغرب.

مقابل النظرية الأولى، تنشأ نظرية أخرى تشيرُ إلى أنّ الدول الغربية ستسعى جاهدةً إلى متابعة الإصلاحات في لبنان لسبب واحد، وهي أن شركاتها التي ستنخرط في مجال التنقيب عن النفط تحتاجُ إلى أرضية سليمة قانونياً وتشريعياً إلى جانب المجالات السياسية التي تعدّ مطلوبة لإرساء عملٍ مُريح ضمن البلوكات النفطية. واليوم، فإن المرحلة اختلفت عن السابق، إذ تحقق الترسيم المطلوب جنوباً، وباتت الشركات على استعداد للدخول في الميدان النفطي اللبناني أكثر. ولهذا، فإن انعدام الإصلاحات وعدم تطبيق خطة التعافي المالي والنقدي، سيجعل لبنان بعيداً كل البعد عن الإنتعاشة التي يحتاجها، وهذا الأمرُ قد يكون بسبب القرار اللبناني الداخلي وليس بسببِ القرار الخارجي الذي شدّد على مساعدة لبنان اقتصادياً وعلى صعيد التنقيب، وآخر كلام على هذا الصعيد كان من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس الجمهورية ميشال عون، أمس السبت.

إذاً، وفي خلاصة القول، ما يُمكن قوله تماماً هو أن المنحى الاقتصادي للتنقيب عن الغاز لا يكون إلا بخطوة استعادة لبنان “الثقة الدولية”، وهذا الأمر يجب أن يتحقق بخطوة واحدة أولية متمثلة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. إضافة إلى ذلك، فإن ما سيجعل لبنان يندمج في مجالات النفط وينتعش بـ”الدولارات”، سيكون مرتبطاً بإطلاق خطط تساهم في نهضة البنى التحتية وانتعاش القطاع المصرفي بالدرجة الأولى، وعندها تبدأ الانطلاقة الفعلية التي تحتاجها الشركات الأجنبية للاستثمار في لبنان. أما الأمر الأساس فيرتبطُ بعنوانٍ واحد وهو وجود إرادة دولية لاستثمار نفط لبنان، وهذه النقطة كفيلة لوحدها لشدّ “عصب الدول” باتجاهِ تكريس إصلاحات تضمن أرضية للاستثمارات المقبلة والآتية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى