اخبار محلية

والآن… متى الغاز؟

كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: هل ستوضع موارد «قانا» في خدمة الدولة والشعب أم ستلحق بعشرات أو مئات مليارات الدولارات التي تمّ نهبها أو إهدارها بسبب الفساد؟ والطبقة التي تجرأت على إضاعة ثروات الدولة والشعب، وما زالت تتجرأ وتتهرب من أي إصلاح، كيف يمكن الوثوق في أنها لن تُضيع الثروات المتبقية؟

ثمة مَن يقول إن القوى الدولية الراعية لاتفاق الترسيم، والتي بها ترتبط شركات التنقيب والاستخراج، ستمارس بعض الرقابة على إنتاج الغاز في لبنان، ما يُطمئن الشعب إلى حدّ ما. لكن هذه الفرضية ليست في محلها.

ففي السياسة، تتصرف الدول براغماتياً. ويكفي القوى الكبرى أن تتجاوب هذه الطبقة مع مصالحها حتى تغمض الأعين عن فسادها. وهذا تحديداً ما فعلته هذه القوى على مدى عقود، عندما كانت تتكارَم على السلطة اللبنانية بالقروض والمساعدات، عبر الحكومات أو البنك الدولي وسواه من مؤسسات مانحة، مع علمها اليقيني بأنّ هذه القروض والمساعدات تتعرض للنهب!

وفيما لم ينتظر الإسرائيليون حصول التوقيع حتى يبدأوا الاستخراج، فإن السلطة اللبنانية ما زالت حتى اليوم في طور التحضير للتنقيب، فإذا ظهرت في «قانا» كميات من الغاز مناسبة تجارياً للاستخراج، فستبدأ الورشة بعد 3 سنوات على الأقل، إذا سارت الأمور على ما يرام.

ولكن، يكفي أن يُظهر التنقيب وجود كميات واعدة من الغاز في «قانا» ليصبح ممكناً تحقيق انتعاش في لبنان، بناء على هذا الوعد، وضمن مدى لا يتجاوز العام الواحد. فحتى اليوم، لم يلزّم لبنان سوى البلوكين 4 و9، فيما الباب مفتوح للمزايدة على البلوكات الـ8 الباقية، في مرحلة التلزيم الثانية التي جرى تمديدها حتى 15 كانون الأول المقبل، وبينها بلوكان يرتبطان بالحدود البحرية مع سوريا شمالاً.

حتى الآن، لم يستطع لبنان تحديد المكنونات الغازية والنفطية في مياهه، لأن المسوحات الزلزالية تفيد بتقديرات مبدئية. لكن الخبراء عموماً يُجمعون على أن ثروة لبنان من الغاز والنفط لا تقل عن 500 مليار دولار.

وهذه الثروة ستتوزّع بين حصة لبنان وحصة الشركات. ولكن، في أي حال، إذا أديرت بشكل جيّد، فيمكن أن تشكل فرصة نادرة لانتقال لبنان إلى مصاف الدول الأكثر ازدهاراً في العالم. وعلى أساسها، يمكن بناء اقتصاد حقيقي وقابل للتقدم على مدى عشرات السنين، على أنقاض اقتصاد الفساد الذي قاد لبنان إلى الكارثة.

ولذلك، من حقّ اللبنانيين أن يسألوا: تُرى، عندما يَتحمّس أركان السلطة للترسيم، هل يفكرون في مستقبل البلد أم في مستقبلهم فقط؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى