اخبار محلية

أسعار الذهب إلى مزيد من الارتفاع.. فهل ينعكس إيجابا على احتياط لبنان؟

يحافظ لبنان على موقعه كصاحب ثاني أكبر احتياط من الذهب في المنطقة العربية بثروة تقدَّر بنحو 286 طناً من المعدن الأصفر وبقيمة قدَّرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حتى نهاية شباط 2022 بنحو 17,547 مليار دولار. فما اهمية هذا الاحتياط الذهبي امام توجه المصارف المركزية الى تعزيز احتياطاتها من الذهب؟ وهل سيكون للأزمة التي يمر بها العالم حاليا الأثر الايجابي على لبنان؟

عزز التضخم العالمي طلب المصارف المركزية العالمية على شراء الذهب بغية دعم الإحتياطات الدولية الآمنة لديها، اضافة الى ذلك، فان المستثمر حينما يستشعر أن أمواله تفقد قيمتها، يبدأ بالانتقال الى الأصول التي حافظت تقليديا على قيمتها، اي الذهب، تماما كما حصل في لبنان حيث سارع الكثير من اللبنانيين الى شراء الذهب خوفاً من الإنهيار الحاصل في البلاد.

ثمة عوامل دفعت المصارف المركزية باتجاه رفع احتياط الذهب لأسباب تتعلق بالتحوّط ضد الازمات، والخشية المتصاعدة من ركود اقتصادي عالمي قريب ومتوقع الحدوث، ومخاطر التضخم العالمي.

كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت، وفق المتخصص في اجهزة الرقابة القضائية على المصارف المركزية وأجهزة الرقابة التابعة لها المحامي باسكال ضاهر في التوجه نحو زيادة احتياط الذهب، لا سيما منها مشتريات المصارف المركزية منه، إذ يلاحظ انه خلال العام الماضي حققت المصارف المركزية زيادة بنحو 12% من الإنتاج الإجمالي للذهب العالمي، مقارنة بـ 8% عام 2020، وقد استمر زخم مشتريات المصارف المركزية من الذهب في السنة الجارية، حيث بلغ مثلا صافي مشتريات المصارف المركزية من الذهب خلال النصف الأول نحو 270 طنا.

وكانت النسبة الأعلى من نصيب بنك الاحتياط الهندي، إذ أضاف فقط في تموز الماضي أكثر من 13 طنا من الذهب إلى احتياطاته، يليه مباشرة على المستوى العالمي البنك المركزي التركي الذي رفع احتياطاته الذهبية نحو 12 طنا فقط في الشهر السابق، ليبلغ إجمالي احتياطات الذهب لديه نحو 469 طنا، وهو أعلى مستوى في عامين. وهذا الشراء يعتبر الاعلى في العالم نسبة الى المعدل الشهري قياسا على حجم الاقتصاد. ومع اتجاه الاحتياط الفيديرالي الى تقليص مشتريات الاصول الضخمة التي أنقذت الاقتصاد من الاضطرابات الناجمة عن الجائحة، تتجه الانظار ليس الى التحوط بالذهب فقط بل الى العملات المشفرة ايضا، لا سيما ان المصارف الرائدة في “وول ستريت” تنقسم حول المزايا النسبية للاثنين معا، علما ايضا ان مجلس الذهب العالمي اكد ان صناديق الاستثمار المتداولة عالميا للذهب سجلت تدفقات صادرة بقيمة 95 طناً (5 مليارات دولار) في ايلول، وهو أكبر تدفق شهري منذ آذار 2021.

امام هذه المشهدية، يشير ضاهر لـ”النهار” الى “وجود نوع من العلاقة العكسية بين ارتفاع الدولار وهبوط الذهب، وهذا المسار يُعبَّر عنه بالارتباط العضوي بين كليهما، وقد نشأ منذ ان قررت الولايات المتحدة في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1971 التخلي منفردة عن ربط العملات الأجنبية بالدولار الذي كان بدوره مربوطا بكمية ثابتة من الذهب، علما ان اول مصرف قد قوَّم العملة الورقية بالذهب هو البنك السويدي في استوكهولم منذ العام 1660 ثم المصرف المركزي البريطاني في العام 1821 والولايات المتحدة الأميركية في العام 1879، ومنذ 1971 اصبحت ديناميات السوق الحرة هي التي تحدد اسعار الذهب بالنظر إلى قوة الدولار وضعفه من جهة، واتصال ذلك بإرادة المستثمرين اللجوء الى نقل الاصول لاستثمار آمن في المعدن الاصفر. اضافة الى هذا العنصر المهم، يدخل في تسعير الذهب تباعا أداء أسواق الأسهم العالمية، اي تحرك أسعار الفائدة صعودا او هبوطا، عامل التضخم وعوائد السندات الأميركية”، وفق ما يوضح ضاهر.

يُطرح سؤال عن مدى انعكاس ما يحصل على صعيد الداخل اللبناني، لا سيما ان مخزونه من الذهب يعدّ ضخما على الصعيد العالمي؟ ينصح ضاهر بوجوب “عدم التفكير الا بكيفية زيادة هذا المخزون وتحصينه لانه امام ما يحصل من تقلبات دولية متصلة بنيّة الاقتصادات الدولية المؤثرة لاعادة العمل بنظام تقويم العملة بالذهب، وزيادة احتياطاتها منه لنصل الى نتيجة منفردة وهي أن على لبنان عدم التفريط بهذه الثروة اطلاقا، ليس هذا فحسب بل قد يكون من الاجدى وامام الازمة المرتقبة لبنك credit suisse ان يتم تنويع الاحتياطات ولا ضير من تنويع الاستثمارات الاحتياطية”.

النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى