اخبار محلية

استقالات التيار: غيمة صيف أم معركة وجود؟

بدا واضحا أن التيار الوطني الحر يعيش خضة تنظيمية هي الاخطر منذ أن تحول الى حزب سياسي بقيادة الرئيس ميشال عون قبل أن تؤول الرئاسة فيه الى النائب جبران باسيل. محطات كثيرة أثرت سلبا على التيار بعد العام 2005 حيث بدأت الاستقالات وابتعد المقربون من الرئيس عون عن التيار كتنظيم وأعلنوا الطلاق، في حين فضل البعض الانسحاب من دون ضجة اعلامية وارتأى البقاء بعيدا من الاضواء، فيما التزم القسم الاكبر بالقانون الداخلي ورضخ لقرارات الرئيس “جبران باسيل” رغم تباينه الكبير مع طروحات الرجل واصابته بـ “عسر هضمه” لاسباب كثيرة، فاستمر داخل التيار محاولا ايجاد ارضية مستقلة عن القيادة تُخوله لاحقا البناء عليها في حال وصلت الامور الى الحائط المسدود وانقلبت الموازين الداخلية.

كل فئة من هذه الحالات لها خصوصيتها وأسبابها وراء الاستقالة أو تكوين الحالة داخل التيار الوطني الحر، ولكن الثابت الوحيد الجامع بينها يكاد يكون صوابية رؤيتها بالنسبة للسياسة التي اتبعها باسيل وقبله الرئيس عون منذ اتفاق مار مخايل الذي كلف التيار الكثير، وهذه الصوابية يتحدث عنها المحازبون وبصوت عال متخطين كل “البروتوكولات” التي كانت موضوعة أو المفروضة من قبل القيادة بذريعة الحرص على العلاقة مع الحزب وتجنيب اتفاق مار مخايل الطلاق ومنعا لأي “تشفي” من قبل العونيين السابقين.

ما حصل قبل أيام على قناة الـ “otv” ضمن احد البرامج الصباحية كان خير دليل على ما يُحكى في الكواليس العونية، اذ خرج اعلام التيار وشن هجوما على نصرالله واسقط عليه الصفات التي غابت لسنوات طويلة عن لسان التياريين، وفُتح الهواء للمناصرين الذين عبروا عن رأيهم بوضوح وشنوا الهجوم الاعنف على حليفهم وذهبوا بعيدا الى حدود يصعب على قيادة التيار العودة عنها، بل وضعوا هذه القيادة بمكان لا بد لها أن تتجاوب مع المطالب والا ستكون بالنسبة الى الرأي العام لاسيما الخصم بعيدة عن تفكير قاعدتها.

تراكمت الملفات على باسيل، فالرجل القادر على مواجهة الاستحقاقات الدستورية والتركيبات التي يتحدث عنها من قبل المنظومة، قد يكون عاجزا عن مواجهة الصرخة التي أطلقها المناصرون وتحولت الى “تراند” داخلي سرعان ما انتشر داخل الهيئات في المناطق، وذهب البعض الى حد الاعتراف بصوابية خطاب القوات اللبنانية بكل ما يتعلق بحزب الله، فيما يتحدث بعض المعارضين لباسيل من ضمنهم “الخط التاريخي في التيار”، عن موجة استقالات كبيرة قد نشهدها في الاشهر المقبلة. ويشير هؤلاء الى وجود تواصل دائم مع عدد كبير من المسؤولين المناطقيين واجتماعات ستقلب الموازين داخل التيار.

يُدرك المعارضون في المقابل أن باسيل لا يقف مكتوف اليدين بل يتابع وبأدق التفاصيل ما يجري على الأرض كما أنه يمتلك معلومات عن نواب وقيادات في التيار تنتظر الفرصة المؤاتية للانقضاض عليه، تقول أوساط مقربة من الرجل، مؤكدة أن اولوية القيادة في التيار هي حكما للخطاب الداخلي الذي يُحاكي بالدرجة الاولى هواجس وأفكار المحازبين معروفة ومستمدة من خطابات وفكر الرئيس ميشال عون وبالتالي فان تحديث التفاهمات التي عمل عليها التيار باتت برأي الاوساط مسألة محتمة بل ان باسيل يتحدث مع المسؤولين الذين يجتمع بهم عن خيانة الحلفاء والطعن الذي تعرض له التيار طيلة المرحلة السابقة وبات اليوم خارج الالتزامات السياسية على أن يُعلن عن الخطوات التي سيتخذها في وقت لاحق.

هي معركة البقاء بالنسبة الى التيار الوطني الحر فالظروف السياسية التي واكبت عودة الرئيس عون من المنفى الباريس تغيرت وانتقل الارث الى باسيل الذي يواجه معركة “كسر عضم” على المستوى الداخلي والخارجي فهل سيتمكن الرجل من الصمود أم أن طواحين السياسة اللبنانية ستؤثر بشكل كبير على دور التيار في المرحلة المقبلة؟

علاء الخوري – ليبانون فايلز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى