اخبار محلية

هل تسير أسعار الخضار على خطى الدولرة؟

لم يعد يقتصر جنون الدولار في لبنان، على جنون الأسعار وضرب ما تبقى من قيمة الليرة اللبنانية، فالقطاعات التجارية تسير تدريجيا نحو الدولرة الشاملة، وليس آخرها قرار وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام بتسعير المواد الغذائية والإستهلاكية بالدولار، تحت مسمّى ” المؤشر الغذائي”، بهدف “ضبط السوق وحماية المستهلك”.

ولكن مهما جُمّل هذا القرار، فإنّه سيكون سيفًا مسلطًا على رقاب الناس، وسيصبّ حتما في مصلحة التجار، خصوصا في ظلّ غياب الرقابة أو قصورها، فهل يمكن أن يسري ذلك على المزروعات؟

عاصفة الغلاء التي ضربت أسواق الخضار مؤخرا، ترجع إلى أسباب عدّة بدأت مع العاصفة الثلجية وتدني درجات الحرارة وعدم صلاحية الزراعة في المرتفعات كما سهل البقاع وسواه، وبالتالي قلة الإنتاج في الشتاء لبعض المزروعات، مرورا بتفلّت سعر صرف الدولار، وصولا إلى نكبة التهريب والتصدير إلى الخارج طمعا بالدولار، وبالتالي إحداث نقص في الأسواق.

نعم، تعوّدنا أن يرتفع سعر بعض المزروعات في فصل الشتاء حتى ما قبل الأزمة، ولكن ما كان لافتا هذا العام، إرتفاع سعر البصل، ذلك المنتج الذي لم يتجاوز الكيلو منه الـ 20 ألف ليرة منذ مدة قليلة، وصل إلى 70 و 85 ألف ليرة في بعض المناطق مؤخرا، ليتبين أنّ السبب هو الطمع مجددا.

يعيد رئيس تجمّع المزارعين والفلاحين في البقاع إبراهيم ترشيشي أسباب ارتفاع الخضار هذه الفترة إلى قلّة الإنتاج والعرض في الأسواق، ما يزيد الطلب، ويؤدي بالتالي إلى ارتفاع الأسعار، وسبب حصول ذلك هو العاصفة الثلجية التي ضربت الساحل والمناطق الداخلية، وتدني درجات الحرارة بأكثر من معدلاتها الموسمية، وبخاصة أنّ اعتمادنا كله في فصل الشتاء يقتصر على السهل الساحلي والمناطق الساحلية.

وأوضح أنّ السهل الساحلي يعني بيوتا بلاستيكية، وهي تتأثر كثيرا بدرجات الحرارة وتدنّيها يقلّص من غزارة إنتاج النبتة، إن كان في الساحل اللبناني أو السوري الذي نستورد منه البضائع لتغطية الإستهلاك المحلي عادة، ما يؤدي لنقص في الإنتاج، وبالتالي إرتفاع في الأسعار.

لم يقتصر إستيراد المزروعات على سوريا فحسب، وفق ترشيشي الذي تابع أنّنا كنّا سابقا نغطي هذا النقص بالإستيراد خلال البضاعة التي نستوردها من الأردن الذي لا يتأثر مثلنا بانخفاض درجات الحرارة، ولكن نتيجة الضريبة السورية، لم يعد يرسل التجار الأردنيون البضائع لنا إلا بكميات قليلة جدا، ونظرا لارتفاع سعر الدولار وانخفاض عملتنا “انقرضت” التجارة بين لبنان والأردن، وأصبح اعتمادنا على البيوت البلاستيكية في لبنان وسوريا، مشيرا إلى أنّه مع تحسن الطقس وارتفاع درجات الحرارة ستعود الأسعار للإنخفاض وتصبح مقبولة، لافتا إلى أن أسعار الحمضيات منخفض جدا ومثلها البندورة بـ 20 ألف ليرة كما قال ، علما أنّ سعر الأخيرة لامس الـ 40 ألف ليرة في الأسبوع الفائت، وهذا ما وضعه ترشيشي في خانة ” التجار اللي ما عادوا يشبعوا”.

هل يمكن أن نعد المستهلك البناني بانخفاض أسعار الخضار التي أصبحت المصدر الأبرز لغذائه اليوم، بعدما استغنى أو قلّل من استهلاك اللحوم وسواها بسبب سعرها الباهظ؟

ليس بمقدور ترشيشي أنّ يعد اللبنانيين بانخفاض الأسعار قريبا، خاصة أنّ الدولار يسبقنا بين لحظة وأخرى على حدّ تعبيره، كاشفا أنّ الإرتفاع الذي يراه المستهلك بالسعر اليوم، يعود إلى ارتفاع فرق سعر صرف الدولار، فيما قيمة البضاعة الفعلية وفق الدولار لا تزال كما هي أو أقلّ، لكنّه طمأن أنّ البضاعة ستكثر في الأسواق، ويمكن أن ينخفص سعرها الفعلي بالدولار.

بالنسبة لارتفاع سعر البصل مؤخرا، أعاد ترشيشي ذلك إلى ارتفاع السعر عالميا، بسبب الأمطار الغزيرة في الهند وباكستان، وشراء تجار من ليبيا ما تبقى من محصول البصل اللبناني المخزّن بأسعار مغرية، لافتا إلى أنّ إنتاج البصل لبنانيا انتهى في 15 تشرين الأول، أي منذ حوالي 3 أو 4 أشهر، وكان يمكن لمحصولنا منه أن يكفينا لشهر إضافي فقط، كاشفا أنّ ارتفاع سعره في العالم حال دون استيراده من مصر لكن ابتداء من أواخر هذا الأسبوع وأول الأسبوع المقبل سيتوفر البصل في السوق من مصر، ولكن لن يقل سعره عن 40 أو 50 ألف ليرة، نظرا لأنّ كلفة طن البصل واصل على مرفأ بيروت يكلّف نحو 500 دولار.

يشار في السياق، إلى أنّه في ظل ما تشهده الأسواق من ارتفاع غير مسبوق في أسعار البصل، أصدر وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن، يوم الأربعاء قرارًا قضى “باخضاع تصدير البصل من لبنان إلى اذن مسبق”.

“وحده الإنتاج الزراعي يباع بالليرة اللبنانية”، وفق ما أكّد ترشيشي، لكن هل يفتح هذا الباب أمام احتمال دولرة أسعار الخضر والفواكه؟ وفرغم أنّه نفى ذلك شدّد أنّ هذا الوضع يسبب خسائر كبيرة، وسنصل إلى وقت لن يبقى لدينا مزارعين أو زراعة، معتبرا أن كلّ ما يحصل في هذا الموضوع، يدّل على أهمية المزراع والإنتاج اللبناني، وعلينا أن ننتج ونكفي شعبنا وأسواقنا، ولذلك يجب أن نحافظ على المزارع ونخفف من خسائره، بالعمل على حل شامل يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، وتأليف حكومة جديدة وضمان عدم تدهور عملتنا الوطنية.

يمنى المقداد في “الديار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى