اقتصاد

“جمعية المصارف” بين مقاضاة الدولة ودعوة القضاء الأعلى لتعطيل الملاحقات

منذ أسبوع يعقد المجلس المركزي لمصرف لبنان جلسات متتالية لدراسة الأوضاع النقدية والمالية والتدهور الحاصل في سعر صرف الليرة اللبنانية في مقابل الدولار ، بالتوازي مع اجتماعات السراي بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف الخليل وحاكم البنك المركزي رياض سلامة.

لا شك بأن سعر الدولار قد وصل خلال الأسبوع المنصرم الى مستويات غير مسبوقة وأطاح بما تبقى من قدرة شرائية، وكل هذا يحصل في ظل إضراب المصارف وإمتناعها عن تنفيذ عمليات مالية مصرفية بإستثناء بعض العمليات التي تنفذ عبر مكنات الصراف الآلي التي أبقت المصارف على عملها مستمراً ولكن مع تقنين كبير في حجم العمليات التي تنفذ، هذا فضلا عن أن العمليات عبر منصة صيرفة إنخفضت الى عشرة ملايين دولار يومياً وبالتالي لم تعد المنصة وأسعارها مؤثرة في سوق القطع وتحديداً في السوق السوداء.

في إجتماعات المجلس المركزي المتتالية خلال الأسبوع المنصرم أولى القرارات كانت رفع سعر الدولار عبر المنصة ليصل الى 44300 ليرة علماً بأن قرار رفع السعر لا يمكن أن يؤدي الى خفض سعر الدولار في السوق السوداء كون العمليات التي تنفذ عبر منصة صيرفة باتت قليلة نسبياً ولا تشكل رقماً كبيراً بالنسبة لطلب الدولار في الأسواق اللبنانية يومياً.

في الوقت ذاته إستطاعت قطاعات إنتاجية عدة منها بيع التجزئة والأفران والمحروقات الضغط لكي تقوم وزارة الإقتصاد وبعض الوزارات الأخرى بإصدار قرار للسماح بالتسعير بالدولار الاميركي مما سيؤجج الطلب اليومي على الدولار ويجعل من كل التجار والعاملين في كافة القطاعات الإنتاجية صرافين عند كل مساء لتحويل كل ما قبضوه من أموال بالليرة اللبنانية الى الدولار.

كان لا بد للمجلس المركزي التعاطي مع مستجدات الأسواق والبحث عن طرق لضبط الإرتفاع المستمر في سعر الدولار فتتالت جلسات المركزي في محاولة لايجاد السبل الممكنة للتدخل في السوق واول هذه السبل، بحسب قول خبير بارز في الشؤون الاقتصادية والمالية لـ” لبنان24” يتمثل بإنتظار قرار جمعية المصارف بفك الإضراب والعودة الى تنفيذ العمليات المصرفية والمالية والتحويلات للمواطنين. ويضيف الخبير المالي نفسه كان الرهان ينصب على المساعي التي يقوم بها رئيس الحكومة تجاه جمعية المصارف التي كان يفترض انها اصبحت قاب قوسين أو أدنى، ولكن أتى بيان جمعية المصارف بعد ظهر امس ليطيح بكل الآمال المعلقة على حبال التسوية في اشارة الى أن جمعية المصارف لن تعلق اضرابها او تفكه إلا بعد وقف الملاحقات القضائية الاستنسابية بحق المصارف والتي تنم عن سياسة تشفي باعتبارها أن النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون تخالف القانون من حيث قانونية شرط الصلاحية وقانونية الشرط المكاني. ولا تخفي جمعية المصارف إطلاقاً رفضها تحميل المصارف كل المسؤولية عن الفجوة المالية الواقعة في وقت ترفض الدولة تقديم نفسها كمسؤول أو حتى إعطاء ضمانة بتحمل المسؤولية من خلال الصندوق السيادي أو صندوق التعافي المالي لضمان ودائع المودعين .

في الإعتقاد الشائع أن المصرف المركزي يعول على دور للمصارف في لجم تدهور سعر صرف الدولار. وحسب المعلومات المتداولة لا يزال الإقتصاد اللبناني بدورته النقدية، اي اقتصاد الكاش، بحاجة للعمليات المالية المصرفية لتأمين بعض التوازن في سوق القطع.

لذلك يحاول المجلس المركزي من خلال إجتماعاته، بحسب الخبير المتخصص في الشؤون الاقتصادية، التواصل مع جمعية المصارف ومع الحكومة لمحاولة الدفع بإتجاه فك إضراب المصارف كون الخطوة ضرورية لتفعيل العمليات المصرفية، قائلا من الطرق أو الحلول المطروحة أن تذهب المصارف الى مقاضاة الدولة في محاولة لإيقاف الملاحقات القضائية الحاصلة وإذا تعذر الأمر دعوة مجلس القضاء الأعلى لإتخاذ القرار المناسب بتعطيل الملاحقات من قبل بعض القضاة وإيقاف الدعاوى بحق المصارف من قبل المودعين.

تفيد الوساطة التي يقوم بها المصرف المركزي أنه في حال استمرت المصارف بإضرابها فإن سوق القطع سيستمر في إضطرابه والدولار سيستمر بالمنحى التصاعدي. وبالتالي فإن إمكانات التدخل من قبل المصرف المركزي ليست كبيرة والإحتمالات محدودة، وفي حال أراد لجم السعر في السوق السوداء لن يعود امامه سوى مشاركة الصيارفة في سوق المضاربة وربما سوق الكشف وإستنزاف ما تبقى لديه من أموال بالعملات الأجنبية بعد أن كان قد عمد الى الطلب من السلطتين القضائية والامنية ملاحقة المضاربين والصيارفة واعتقالهم للتحقيق معهم ، يقول الخبير المالي .

في هذا الوقت تستمر المصارف بالمطالبة باقرار قانون الكابيتال كونترول في الجلسة التشريعية المؤجلة والمعلقة على وعود التمديد للقيادات الأمنية والتي يبدو أنها عقدها ليس محسوما بفعل التجاذبات السياسية.

هل سينجح المصرف المركزي في لجم الإرتفاع الكبير للدولار في وقت تواصل القيادات السياسية النكد السياسي وتطلق العنان للأحقاد الشخصية كمؤشر للمرحلة المقبلة .الأكيد أن الأمر صعب جداً وقد يجد المصرف المركزي نفسه معنياً بالتصريح بوضوح أن السياسات المالية ليست من مسؤولياته، وأن على السلطة السياسية من خلال الأحزاب الحاكمة أن تتواجه مع جماهيرها، مع الاشارة إلى أن حاكم مصرف لبنان أكد امس أن السوق السوداء في لبنان هي خارج سيطرة المصرف المركزي ولفت الى أنّ “المصرف في ظل الأزمات المتعاقبة على بلاده، أصبح غير قادر على حل الأزمات كون الحلول تتطلب مشروع وطني، لكن أصبح على مصرف لبنان ضمن القوانين التدخل والقيام بما يخوله له القانون من أجل جعل الأمور تحت السيطرة”.

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى