اخبار محلية

المنصب “الحلم”… لا أحد يريده

شهر ونيّف يفصل بيروت عن الإنتخابات البلدية التي طال انتظارها. بلدية العاصمة، ورغم وجود سلطتين لها، واحدة تشريعية وأخرى تنفيذية، إلاّ أنها بحكم المنحلة، خصوصاً بعد تفجير مرفأ بيروت سنة 2020، وتقاعس البلدية عن القيام بواجبها تجاه الحجر المدمّر والبشر المشرّد.

الإنتخابات البلدية في بيروت لها طابع خاص جداً، فهي فرصة لتحقيق عدة أهداف أساسية نعبر خلالها نحو بيروت مشرقة كما يريدها أبناؤها. هذه الإنتخابات أولاً هي فرصة لتكريس العيش المشترك والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ومحو آثار التقسيم وخطوط التماس ورسم مشروعٍ وطني حقيقي لبيروت بكل أطيافها ومكوّناتها. وثانياً، الإنتخابات البلدية هي الوسيلة الأخيرة لكسر الحصار عن بيروت، هو ليس حصاراً عسكرياً ولا سياسياً، بل إنمائياً تفرضه القوى التي تحكم البلدية اليوم، والتي رفضت صرف أموال الناس لا على البشر ولا على الحجر، وقرّرت عن سابق تصوّر وتصميم ترك الأموال التي قاربت الـ 700 مليون دولار مكدّسة في خزائن مصرف لبنان، حتى فقدت قيمتها وباتت لا تساوي شيئاً كونها بالليرة اللبنانية، إذ باتت قيمتها اليوم لا تتخطّى الـ 10 آلاف دولار.

لكن، كما تعكس الأجواء، يبدو أنه ليس هناك إقبال ولا حماسة على الترشّح للإنتخابات البلدية في بيروت، وغالبية الراغبين بالترشّح لم يكشفوا عن نفسهم ولا عن مشروعهم، إلاّ قلّة قليلة كما فعلت الدكتورة رولا العجوز. فهل السبب هو الشكوك التي تحوم حول حصول الإنتخابات، لا سيّما أن أزمة تمويلها لم تُحَلّ بعد، ناهيك عن رغبة القوى السياسية، وتحديداً “الثنائي الشيعي” بعدم إجرائها.

أيضاً، قد يكون سبب عدم الإقبال والحماسة على خوض الإنتخابات، هو الإنهيار المالي الذي يعصف ببلدية بيروت، فبعدما كانت بمثابة صراف آلي لسحب الأموال وتوزيعها على الأحزاب الحاكمة، باتت خزينة البلدية اليوم أشبه بـ”القِجّة الفارغة”، وبالتالي، لم تعد رئاسة المجلس البلدي أو عضوية المجلس ذات أهمية كما كانت في السابق.

إن أي مجلس جديد لبلدية بيروت سيكون من الصعب عليه العمل والإنجاز في ظلّ الواقع المالي الراهن، ولن يكون بمقدوره تلزيم المشاريع والقيام بأعمال صيانة وتأهيل وترميم، بل سيقتصر دوره على الإستماع لشكاوى الناس دون القدرة على حلّها، إلاّ في حال وصل إلى المجلس البلدي أشخاصٌ متموّلون يريدون فعلاً تغيير الواقع المزري، وتحمّل بعض الأعباء المالية التي ستترتب على المجلس.

وحتى اللحظة، لا تزال التحالفات غير واضحة في بيروت، لكن يجري الحديث عن لائحتين للأحزاب، واحدة تضمّ “القوات اللبنانية” والكتائب وأنطون صحناوي مع النائبين فؤاد مخزومي ونبيل بدر و”الجماعة الإسلامية”، ولائحة أخرى ل”التيار الوطني الحر” وحزب الطاشناق و”الثنائي الشيعي” وقدامى تيار “المستقبل” ومستقلين، إضافة إلى لائحة لما يعرف بقوى “التغيير” مدعومة من قوى الثورة.

ما يثير الريبة هو عدم إعلان أحد البيارتة قراره أو نيته ترؤس مجلس بلدية بيروت، أقلّه في العلن. وكأن المنصب الحلم لا أحد يريده، علماً أنه كان حلم كل بيروتي وكانت دارة الرئيس سعد الحريري وقبله والده الشهيد رفيق الحريري، تعجّ بالشخصيات التي تتنافس وتتصارع للظفر بمنصب رئاسة المجلس البلدي.

ليبانون ديبايت – محمد المدني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى