اقتصاد

ترقب حركة السوق النقدية ومخاوف من تجدّد “الارتباكات”

كتب علي زين الدين في” الشرق الاوسط”: ترصد الأوساط المالية والمصرفية باهتمام بالغ تأثير التغييرات الحيوية ذات البعد التقني التي ستطرأ على حركتي العرض والطلب في أسواق العملات، بنتيجة تزامن بدء صرف الزيادات المضاعفة على رواتب القطاع العام واعتماد بدلات النقل الجديدة، مع ترقب الأسواق لترجمة توجّه وزارة المال لإقرار رفع سعر الدولار الجمركي مجدداً ليعادل سعر الصرف المعتمد على منصة «صيرفة».

فيما يتوازن معهما في الخانة الإيجابية عامل ضخ كميات وازنة من الدولار الطازج (الفريش)، والمحقّق بالنشاط السياحي الإيجابي الذي رافق عطلات الأعياد المتتالية خلال الشهر الحالي.
وبالتوازي، يشير مسؤول مالي معني إلى أن حركة العرض والطلب في أسواق القطع تتداخل تلقائياً مع مركزية القرار النقدي وتؤثر مباشرة فيها، بحيث يتقاطع الاهتمام بمتابعة الملف القضائي الأوروبي – وبالتحديد الفرنسي الذي يخص حاكم البنك المركزي رياض سلامة والمقبل على استحقاق موعد المثول أمام قاضية فرنسية – مع ارتفاع وتيرة التداول بضرورة التلافي المبكر للشغور المحتمل في رأس هرم السلطة النقدية بعد انتهاء الولاية القانونية للحاكم بنهاية شهر تموز المقبل.

وفي ظل غياب الإفصاحات الرسمية للكلفة الإجمالية الناجمة عن قرارات الزيادات التي قررها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، تتوافق التقديرات على توقع ارتفاع كتلة مخصصات القطاع العام والبدلات بنحو 4 آلاف مليار ليرة، مما سيرفع القيمة التبادلية للرواتب وحدها إلى 75 مليون دولار شهرياً عبر منصة البنك المركزي، ويزيد بالتالي حجم الكتلة النقدية بالليرة، وفقاً لسعر الصرف الساري في الأسواق الموازية.
ووفق معلومات المسؤول المالي، فإن البنك المركزي سيواكب هذه المستجدات بضخ ما تتطلبه من دولارات نقدية لصالح موظفي القطاع العام والمتقاعدين عبر منصته بدءاً من الأسبوع الحالي، بحيث سيكفل تصريف المبالغ الجديدة لصالح نحو 280 ألف موظف في القطاع العام، والناجمة عن زيادات جديدة بمعدل 4 أضعاف على أساس الرواتب للعاملين المدنيين في القطاع العام و3 أضعاف للمنضوين في الأسلاك العسكرية والأمنية، إضافة إلى المستحقات العائدة لآلاف المتقاعدين والمتعاقدين التابعين للإدارات والمؤسسات العامة.
ويستدل من الإحصاءات المحدّثة لميزانية البنك المركزي على أن احتياط العملات الصعبة لا يزال مستقراً عند مستوى قريب من 9.5 مليار دولار، واستقرار موازٍ لكتلة الليرة بحدود 66 تريليوناً، مما يمنح قوة دفع لقرار تنفيذ المبادلات. بل إن المخزون سجل زيادة في النصف الأول من الشهر الحالي بنحو 88 مليون دولار، رغم التدخل المفتوح في عرض بيع الدولار النقدي عبر المنصة، وبإجمالي تداولات تعدت 1.5 مليار دولار منذ 21 آذار الماضي.
وهو ما يؤشر إلى أن حجم العمليات المحقق لا يعكس فقط مبيعات العملة الأميركية، إنما هو حصيلة قيود عمليات الشراء والبيع التي ينفذها مدير المنصة، أي المصرف المركزي، وبمشاركة المصارف وشركات الصرافة وتحويل الأموال.
وبالتوازي، يربط المسؤول المالي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، المدى الزمني لدور البنك المركزي في حماية قيمة الرواتب عبر ربطها بسعر شبه مستقر للدولار، بفاعلية الإجراءات المواكبة التي ستنفذها وزارة المال على مسارين متوازيين، بحيث يقضي الأول بتحسين جباية الضرائب والرسوم والمرتبط حكماً بعودة الموظفين إلى ممارسة مهامهم في الإدارات والمؤسسات العامة، فيما يؤمل أن يحقق الثاني والمرتبط برفع سعر الدولار الجمركي زيادات أكبر في موارد الخزينة، فضلاً عن التوسع أكثر في سحب الكتلة النقدية المحررة بالليرة عبر فرض السداد النقدي بنسب عالية لكُلف الخدمات والضرائب والرسوم الحكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى