اخبار محلية

ماذا قصد جنبلاط بكلامه عن “الحزب” و”القوّات” و”التيّار”؟

“لن أُرشّح أحداً، وليُقرّر الكبار في هذا الأمر مثل “حزب الله” وسمير جعجع وجبران باسيل و”التغييريّين”. بهذه الكلمات عبّر رئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط عن إمتعاضه من الأزمة الرئاسيّة، فبعد 6 أشهرٍ، لا تزال البلاد في شغورٍ رئاسيّ، ومن دون حكومة جديدة، بسبب تمسّك كلّ طرفٍ بمرشّحه، أو بالمواصفات التي يُريدها في الرئيس المقبل، فيما قام هو بمحاولات عديدة لكسر الجمود، بدءاً من طرح أسماء وسطيّة على “الثنائيّ الشيعيّ” قُوبلت بالرفض، وصولاً إلى سفره إلى فرنسا للتسويق لشخصيّات قادرة على جمع اللبنانيين بدل تفريقهم. فهل يعني كلام “زعيم المختارة” أنّه سيعتكف، وسينتظر “حزب الله” و”القوّات اللبنانيّة” ونواب “التغيير” و”التيّار الوطنيّ الحر” إختيار الرئيس المقبل؟

كما هو واضحٌ في تحرّكات جنبلاط، فإنّه لم يُبادر بالأساس إلى ترشّيح أحدٍ سوى رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض، وبعدما اقتنع أنّ حظوظ الأخير غير كافيّة لانتخابه، أصبح هدفه إيجاد شخصيّة توافقيّة، وهو لا يزال يُصرّ على الحوار بين كافة مكونات المجلس النيابي. ويقول مراقبون إنّ جنبلاط يسير بالمرشّح الذي يُجمع عليه المسيحيّون بشكل خاصّ، وهذا الأمر متعذّر حتّى اللحظة، ويوضحون أنّ إقتراع نواب حزبه لمعوّض في الجلسات السابقة، جاء نتيجة إلتفاف “الجمهوريّة القويّة” ونواب “الكتائب” حوله، في حين، لم يقم تكتّل “لبنان القويّ” بدعم أيّ إسمٍ.

ويُضيف المراقبون أنّ المسعى الجنبلاطيّ هو تقريب وجهات النظر بين النواب المختلفين، والذهاب إلى اختيار مرشّحٍ وسطيّ، لا “يطعن المقاومة في ظهرها”، وفي الوقت عينه، يتحلّى بالمواصفات التي تُخوّله بأنّ يكون إنقاذيّاً، في الإقتصاد، كما في السياسة وسيادة لبنان. ويُؤكّد المراقبون أنّ حديث جنبلاط لا يعني بتاتاً أنّه قرّر الإبتعاد أو عدم التدخّل في الملف الرئاسيّ، فكلّ ما يقوم به من محاولات لطرح أسماء جديدة، الهدف منه إنهاء الفراغ.

وعما عناه بكلامه عن “حزب الله” و”القوّات” و”الوطنيّ الحرّ” و”التغييريين”، يقول المراقبون إنّ الفراغ سببه أوّلاً رغبة “الثنائيّ الشيعيّ” بانتخاب رئيسٍ من فريق 8 آذار، وسليمان فرنجيّة خصوصاً، وهو يرفض التنازل عنه، بانتظار بلورة الموقف السعوديّ منه. وقد أشار رئيس مجلس النواب نبيه برّي صراحةً أنّه يترقّب جواب المملكة عن الأسئلة الفرنسيّة التي طُرِحَت على فرنجيّة، كيّ تتوضّح صورة ترشيح الخارج والداخل له. فإذا وافقت الرياض على رئيس “المردة”، وأسقطت “الفيتو” عنه، عندها سيكون “حزب الله” و”حركة أمل” كسبا الرهان، واستفادا من التقارب السعوديّ – الإيرانيّ في المنطقة، وسيقوم جنبلاط بالإقتراع لمرشّحهما.

أمّا في جهّة “المعارضة”، فإنّ العائق الذي يحول دون اتّفاقها على مرشّحٍ واحدٍ، هو رغبة نواب “17 تشرين” بالتفرّد بالأسماء والترشّيح. ويُشير المراقبون إلى أنّ جنبلاط طرح من ضمن السلّة التي حملها للأفرقاء، إسم صلاح حنين الذي كان مُتداولاً في الأساس داخل كتلة “المجتمع المدنيّ”، فإذا سار نوابها به، عندها قد يدعمه رئيس “القوّات” سمير جعجع ورئيس “الكتائب” سامي الجميّل، لأنّه سيكون منافساً قويّاً لفرنجيّة، والأصوات الداعمة له سترتفع إلى أكثر من 60.

ويلفت المراقبون إلى أنّ جنبلاط حاول أيضاً تليين موقف النائب جبران باسيل، لذا، عرض عليه إسم جهاد أزعور، لكّن “القوّات” تراجعت عن دعم الأخير، ربما لأنّ نواب ميرنا الشالوحي قد يُوافقون عليه، فالمنطق الذي تعتمده معراب هو رفض أيّ شخصيّة يُرشّحها “التيّار” أو “الثنائيّ الشيعيّ”، من باب قطع الطريق أمام وصول رئيسٍ “ممانع” أو مدعوم من 8 آذار.

والثابت الوحيد في البلاد، أنّ الجميع يعمدون إلى تعطيل الإستحقاق الرئاسيّ، وقد سمّى جنبلاط بعضهم بالإسم، فمن دون “القوّات” و”حزب الله” والنائب جبران باسيل، وكتلة “التغيير” لن يُنتخب أيّ رئيس بسبب التنوّع النيابيّ في البرلمان. ويقول المراقبون إنّ جنبلاط سيستمرّ بالمبادرة ولن يتوقّف، غير أنّ القرار الحاسم لإنهاء الشغور هو بيد من يُسمّون ويمتنعون عن التصويت للمرشّحين، وهنا بيت القصيد الذي ركّز جنبلاط عليه.

ويُشدّد المراقبون على أنّ رئيس “التقدميّ” لن يتوانى في البحث عن التسويّات التي قد ينتج عنها تفاهمات، إذ أنّ لديه خشية كبيرة من إنفجار الوضع الإقتصاديّ أكثر في أواخر شهر تموز المقبل، مع إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فإذا لم ينتخب المجلس النيابيّ رئيساً قبل هذا التاريخ، فإنّ البلاد ستدخل في المجهول إقتصاديّاً، وهو أخطر من الفراغ الرئاسيّ.

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى