اخبار محلية

غادة عون ضحية؟

قبل أن تكشف عن انتمائها السياسي كانت القاضية غادة عون، وبشهادة عارفيها، من بين القضاة الأكثر نزاهة وشفافية ونظافة كفّ. لم يكن لديها همّ سوى إحقاق الحقّ وتحقيق العدالة وإعطاء كل ذي حقّ حقه بما يمليه عليها القانون، الذي يعلو ولا يُعلى عليه. هو كان مرجعها ومرجعيتها. ولكن… 

هنا تبدأ قصة هذه الـ “ولكن”، التي لم تنتهِ فصولها، والتي بدأت يوم ادّعت على عدد من الإعلاميين من غير صفة قانونية، وهي تعرف كونها قاضية متمرسة، أن أي ادعاء على الإعلاميين خارج محكمة المطبوعات هو باطل، لأن للإعلاميين حصانتهم المهنية مثلهم مثل المحامين والقضاة، ولهم أدوار وطنية قد تجاري بأهميتها دور هؤلاء جميعًا، من حيث قدسية عملهم الإعلامي وارتباط مهنتهم أو رسالتهم بمشاكل الناس. هو صوتهم في الوقت الذي يحاول البعض تغييب صوتهم بطرق كثيرة، ومن بينها اللجوء إلى بعض القضاة المسيّسين، بعدما أوهموهم بأنهم “حماة القلاع”، ومن بينهم بالتأكيد القاضية عون، حيث تمكّن وضع يده على ملف التعيينات القضائية من استغلال عدم ورود اسمها كمحامية استئنافية في جبل لبنان في مشروع التعيينات القضائية لإطلاق “المارد المسجون” من قمقمه.

وبعدما أقنعوها بأنها “جاندارك العدلية” توالت “ظهوراتها” المثيرة للجدل. ومن أهمّ هذه “الظهورات” كان يوم اقتحمت مع مرافقيها الأمنيين من جهاز أمن الدولة مكاتب المرحوم ميشال مكتف، وصادرت من بين ما صادرته أجهزة الكومبيوتر، التي نقلتها إلى منزلها، وهو أمر مخالف للقوانين. مشاهد الاقتحام البوليسية لا تزال عالقة في أذهان الذين شاهدوا تفاصيل هذه العراضة، التي لم تفضِ إلى أي نتيجة سوى تشويه سمعة شركة رائدة في عالم الصيرفة، وربما سرّعت في إنهاء حياة ميشال بطريقة مأسوية ومحزنة في الوقت نفسه، وهو الذي كان ألطف من اللطف نفسه.
ومن بعد هذين “الظهورين” توالت “طلاّت” القاضية العونية بامتياز، موحية بأنها وحدها “الشريفة”، وهي الوحيدة التي تعمل لإعادة أموال المودعين و”تنظيف” القضاء من “القضاة السماسرة” كما سمتهّم في أكثر من تغريدة لها بعدما انصرفت من عملها القضائي إلى ممارسة هواية “التغريد”، مع ما في تغريداتها من أخطاء لغوية وبنيوية. أقنعوها بأنها هي وحدها ومعها عدد قليل من القضاة هم “أشرف الشرفاء”، وهي أساسًا مقتنعة بأن من يحرّكها هم “الشرفاء”، فيما الآخرون هم الفاسدون.
فمع كل طّلة من طلاتها سقطة، ومع كل سقطة مخالفة قانونية، ومع كل مخالفة قانونية تبجّح وتمرّد وعناد، ومع كل “تغريدة” أو تصريح فضيحة، وآخر كلامها الانفعالي وصفها الشعب اللبناني بأنه “مجوي”. فما قالته بعفوية، وإن بانفعال مبالغ به فضح نواياها، وكشف أن من يقف وراءها يعرف من اختار لتحريك بعض الملفات القضائية بكيدية واستنسابية وعشوائية .

فبوجود قضاة أمثال غادة عون لا يعود للادّعاء العام التمييزي دور، ويصبح وجود محكمة المطبوعات لزوم ما لا يلزم، ولا يعود للادّعاء العام المالي أي وجود. وهكذا يختلط الحابل بالنابل. ومع هذه الفوضى تضيع الحقيقة، فيصبح المجرم بريئًا، ويمسي البريء مجرمًا. ولهذه الأسباب مجتمعة وغيرها الكثير من المخالفات اتخذ المجلس التأديبي بإجماع أعضائه قرار فصلها عن ممارسة مهامها كنائبة استئنافية، وهو مركز حسّاس ودقيق كسائر النيابات العامة، إذ لا يجوز أن يتبوأ هذا المنصب قاض غير قادر على ضبط أعصابه وانفعالاته.
هذه هي غادة عون القاضية، التي كان يستطيب عشرتها جميع زملائها في الجامعة ومعهد القضاء، قبل أن ينخر طيبتها “السوس”، وقبل أن يتمّ استغلال مهامها لغايات لم تعد مخفية.
فتصرفات غادة عون الانفعالية ذكرّت جميع اللبنانيين بمواقف مشابهة، ولكن من مواقع مختلفة وفي ظروف غير ما هي عليه اليوم.

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى