اقتصاد

قبل فوات الآوان… خطوات “مالية” يجب القيام بها!

تعتزم مجموعة العمل المالي إدراج لبنان على قائمة “اللائحة الرمادية” لمعالجة أوجه القصور في أنظمة مكافحة غسل الأموال، وسيكون إدراج لبنان على القائمة بمثابة ضربة جديدة لدولة تعاني من أزمة خانقة على كافة المتسويات، فما هي الخطوات التي يجب أن تقوم بها الدولة اللبنانية تجاه هذا الأمر؟

يعتبر خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد محمد فحيلي، أنّ “إدراج لبنان على اللائحة الرمادية أو عدم إدراجه سيُبقي النتائج هي نفسها، وذلك بسبب إعتماد الإقتصاد اللبناني على أكثر من 80% من النقد فسيكون من الصعب تطبيق إجراءات لمكافحة تبييض الأموال”.

ويشير فحيلي في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، إلى أنّ “اليوم السلطة التي هي صاحبة الإختصاص والتي من المُفترض أن تكون مهتمة ومستنفرّة بالتعاطي مع التهم الموجهة إلى لبنان لضعف تطبيق إجراءات مكافحة تبييض الأموال هي هيئة التحقيق الخاصة يترأسها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الوقت الذي يوجد تهمات له في تبييض الأموال”.

وفي هذه الحال، وفق فحيلي “الخطوة الأولى المطلوبة هي من السلطتين التشريعية والتنفيذية وتكون في البداية بإعادة هيكلة مصرف لبنان لتحرير هيئة التحقيق الخاصة من سلطة مصرف لبنان وإعطائها إستقلالية لكي تتمكن من ممارسة مهامها بالطريقة الصحيحة، فليس هناك أي دولة في العالم تكون فيها السلطة المعنية بتطبيق إجراءات مكافحة تبييض الأموال يترأسها حاكم المصرف المركزي إلّا فقط في لبنان، أما الخطوة الثانية هي مطلوبة من السلطة النقدية من خلال الإبتعاد عن الإقتصاد النقدي والعودة إلى تفعيل العمل بوسائل الدفع المتاحة عن طريق القطاع المصرفي التي تتمثّل ببطاقات الدفع وبطاقات الإئتمان لأن التخفيف من التعاطي والتعامل والتداول بالأوراق النقدية يساعد القطاع المصرفي على تطبيق إجراءات مكافحة تبييض الأموال ففي النهاية تطبيق هذه الإجراءات هي من مسؤولية القطاع المصرفي وليست مسؤولية السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية لأّن المؤسسات المصرفية هي التي تستقبل الأموال وتبييض الأموال يكون من خلالها فهي المعنية بتطبيق هذه الإجراءات”.

وعن طباعة الورقة النقدية الجديدة التي أعلنت اللجان النيابية عنها؟ يوضح فحيلي أنّه “تم التداول في هذا الأمر بطريقة خاطئة، يجب أن لا ننسى أن اللجان إجتمعت ووافقت على إمكانية طباعة أوراق نقدية من فئات تختلف عن ما هو بالتداول، في حين أنّ أغلى ورقة موجودة في لبنان هي ورقة الـ 100 ألف مما يعني ممكن السماح لمصرف لبنان بزيادة 250 ألف ليرة، 500 ألف ليرة أو المليون ليرة، فالقرار يعود إلى مصرف لبنان في هذا الأمر، أما اليوم لم يُتّخذ أي قرار والسلطة صاحبة الإختصاص لإتخاذ هكذا القرار هي الهيئة العامة لمجلس النواب وليست اللجان النيابية، اللجان تقترح وتذهب إلى هيئة العامة لمجلس النواب لإقرارها في قانون وعندما يصدر القانون أعتقد أن سلطة الوصاية على مصرف لبنان التي هي وزارة المالية تُكلّف بتنفيذ هذا القانون بعد نشره في الجريدة الرسمية وحينها تعطي الضوء الأخضر لمصرف لبنان في طبعاتها”.

ويضيف: “اليوم إذا إجتمع المجلس النيابي وإتّخذ القرار إجرائيًا فسنحتاج إلى فترة تترواح بين 6 أشهر وسنة للوصول إلى مرحلة يصبح لدينا أوراق نقدية جديدة، وهذا الموضوع بالتأكيد هو ضمن القوانين الذي هو قانون النقد والتسليف ولكننا ما زالنا بعيدين عنه، ومثال على ذلك عندما تم طباعة أوراق نقدية في التسعينات واكب هذه الخطوة إصلاحات عدة بالسلطة النقدية والمالية والسلطة بشكل عام، فمن الخطأ اليوم الذهاب بإتجاه طباعة أوراق نقدية جديدة قبل أن نباشر في إعادة هيكلة القطاع المصرفي والسلطة النقدية، ومن الأفضل عدم تضخيم التوصية التي صدرت عن اللجان النيابية لأن الإقتصاد والنقد اللبناني بعيدين عن هذا الأمر”.

إذًا، يعتبر فحيلي أنّ “الخطأ في هذا القرار هو توجّه الهيئات الإقتصادية نحو دولرة أسعار الإستهلاك منذ أشهر قليلة لتخفيف من عبئ حمل أوراق نقدية بالليرة اللبنانيةللدفع بإتجاه نوع من الإستقرار بأسعار الإستهلاك لكن فشلنا، أولاً الأسعار إلى إرتفاع ولم يتوقف الإرتفاع بأسعار السلع ومواد الإستهلاك إضافة إلى أنّ اليوم هناك جزء كبير من الإقتصاد اللبناني ومكوناته يتعاطى في الليرة اللبنانية خصوصًا موظفي القطاع العام لكي يستفيدوا من فرق سعر صرف الدولار بين صيرفة والسعر في السوق الموازي”.

ووفقًا لفحيلي، فإنّه “ممكن كثيرًا لهذا الأمر أن يؤثّر على التضخم إذا لم يواكب هذه الخطوة إصلاحات وتفعيل أجهزة الرقابة، يعني رأينا سابقًا أنّ وزارة الإقتصاد وعدتنا بأنه ستمنع الإرتفاع في الأسعار ولكن لسوء الحظ لم تتمكّن من القيام بذلك لأنها غير مجهّزة وليس لديها الإمكانيات والكل يعلم ذلك، ويعود السبب الأساسي لهذا الأمر هو عجز الدولة اللبنانية عن تمويل المصاريف التشغيلية التي تتطلّب تأمين فريق عمل من المراقبين لمنع الإحتكار والإرتفاع العشوائي في الأسعار”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى