اخبار محلية

حراسة قضائية على “المركزي”: إجتهاد أم بدعة؟

إذا كانت الإعتبارات السياسية هي الأساس في ملف حاكمية مصرف لبنان لجهة تعيين حاكمٍ جديد من قبل حكومة تصريف أعمال، أو حلول نائب الحاكم الأول مكانه بعد نهاية ولاية رياض سلامة، فإن السياسة قد تكون وراء الإجتهاد الأخير، الذي ما زال يُطرح في بعض الكواليس السياسية، كبديل ٍعن التعيين أو تولي نائب سلامة الاول المسؤولية في المركزي. ولكن المصرف المركزي هو المسؤول عن وضع السلطة النقدية وهو سلطة مستقلة وليس شركة متنازع عليها، فهل تعيين حارس قضائي إجتهاد أم بدعة؟

عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ ورئيس مؤسسة “جوستيسيا” الدكتور بول مرقص، يعرض لـ”ليبانون ديبايت”، مفهوم الحراسة القضائية، موضحاً أنها إجراء قضائي وتدبير احترازي مؤقت تتمثل في إيداع ما قد يكون متنازع عليه، من أموال منقولة أو غير منقولة في يد شخص ثالث، وقد تتخذ شكل الإدارة الكلية أو الجزئية على الشيء موضوع الحراسة، وذلك وفقًا للمهمة التي تم إيلاؤها إلى الحارس القضائي، كما ويتطلب نجاح الحراسة القضائية أن تتم وفقًا لعناية إدارية ومالية ومحاسبية أصولية، وذلك صيانةً للمال وضماناً لحسن إدارته وحفظه.

وعن الشخصية التي من الممكن أن تتولى هذه المهمة، يقول مرقص إنه وسنداً للمادة /720/ من قانون الموجبات والعقود، يعهد في الحراسة الى شخص يتفق جميع ذوي الشأن على تعيينه، كما ويمكن أيضاً تعيينه من قبل القاضي الذي يمكنه أن يقرر تعيين حارس للشيء الذي يكون موضوع نزاع أو موضوع علاقات قانونية مشكوك فيها الى أن يزول النزاع أو الشك، أو يمكنه أن يعين حارسًا للشيء الذي يعرضه المديون لابراء ذمته.

أمّا عن حقوق الحارس وموجباته، فيشير مرقص إلى أنها تحدد في قرار المحكمة.

وبالتالي، ورداً على سؤال حول مهمة الحارس في حماية الإحتياطي والموجودات في المصرف المركزي، يوضح مرقص أنه “ووفقًا لعدد من الإجتهادات الصادرة عن قضاة الأمور المستعجلة، من أجل فرض الحراسة القضائية على مال معين، يجب أن يكون هذا المال قابلاً لتقرير الحراسة عليه وتوافر العجلة الماسّة والخطر الداهم الذي يتهدده، وعدم حصول مساس بأصل الحق وأن يكون هناك نزاع حول المال المطلوب فرض الحراسة عليه”.

أمّا بالنسبة لصحّة تعيين حارس قضائي على مصرف لبنان بدلًا من الحاكم، يكشف مرقص أن “الأمر قد يُنظر اليه على أنه تعدٍ من السلطة القضائية على سلطة وصلاحية مجلس الوزراء الذي يعود اليه تعيين حاكم لمصرف لبنان، فيجب على قدر المستطاع الإحتفاظ بفصل السلطات في النظام الديمقراطي، حيث يكون لكل سلطة دورها واختصاصها بحيث لا تتعدى أي سلطة على صلاحيات مكّرسة ومنصوص عليها في القانون لمصلحة سلطة أخرى، عملًا بمبدأ الفصل بين السلطات الذي نصّ عليه الدستور اللبناني”.

كما يؤكد أن “المصلحة العامة والوطنية تتطلب تعيين حاكمٍ جدير لولاية ثابتة يمكنه إدارة ومعالجة الازمة النقدية، وليس الحراسة فحسب، في موقع جوهري وحساس كمنصب حاكم لمصرف لبنان، حيث أنه للحارس القضائي مهمة محدّدة في قرار تعيينه، أي أنه بمثابة مدير إداري مؤقت، ومن الصعب والمستبعد أن تشمل مهمته رسم السياسة النقدية للبلاد وفق ما تنص عليه المادة 70 من قانون النقد والتسليف، كالحفاظ على سلامة النقد اللبناني وسلامة أوضاع النظام المصرفي، وغيرها من المهام التي تتطلب وجود حاكم بولاية كاملة مستقرة وذو خبرة وإمكانيات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى