اخبار محلية

دولارات السياحة تناهز الـ 6 مليارات في 2023… فكم يخرج في المقابل؟

بعيدا عن خطف المواطن السعودي الاسبوع الماضي الذي سبّب صدمة “عابرة” للقطاع السياحي على أبواب موسم الصيف، يُفترض أن تترجم حجوزات الطيران والفنادق حركة ناشطة صيفا، إذ إن التقديرات الأولية تؤكد قدوم أكثر من مليون ونصف مليون سائح خلال الصيف، بعدما كان لبنان استقبل العام الماضي نحو مليون و200 ألف سائح.

رقم المليون ونصف مليون سائح الذي ورد على لسان أهل القطاع السياحي، إعتبره مراقبون كثر مؤشرا إيجابيا لما ستكون عليه حجوزات الصيف المقبل، آخذين في الاعتبار التطورات الاقليمية وانعكاسها على لبنان، خصوصا التقارب الايراني – السعودي الذي سيفتح الباب أمام عودة السياح السعوديين خصوصا والخليجيين عموما. يضاف الى ذلك، ان كلفة قضاء اسبوع واحد في لبنان تدنت الى مستويات تقرب من تركيا أو أوروبا الشرقية بعد هبوط سعر العملة الوطنية.

ما سينفقه هؤلاء في لبنان، يمكن أن يفوق العائد المتوقع من حاجة الأسواق “محليا” للعملة الصعبة، بما سيساعد حتما في تعزيز وضعية إحتياطات مصرف لبنان، وكذلك فاعلية منصة صيرفة وقدرتها على لجم سعر صرف الدولار، وربما إذا لم يطرأ ما يثير الأسواق أمنيا أو سياسيا، إعادته الى ما دون الـ 94 ألف ليرة، هذا عدا عن تنشيط القطاعات كافة. ولكن في المقابل لا يمكن غضّ النظر عن حجم الاستيراد الذي يمكن أن يزيد في هذه الفترة لتلبية حاجات السياح والمغتربين، بما يعني وفق البعض أن كمية الدولارات التي ستدخل البلاد سيقابلها خروج دولارات فريش لزوم الاستيراد، وتاليا لن يفيد لبنان من العملة الصعبة التي سيضخها الوافدون.

ولئن كان البعض ذهب في توقعاته عن عدد السياح الى أبعد من الارقام الواردة على لسان المعنيين في القطاع السياحي، فإن الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لم يعول عليها لتعداد السياح القادمين الى لبنان، خصوصا أنه يتم احتساب اعداد كل القادمين عبر مطار بيروت بمن فيهم اللبنانيون المقيمون الذين يسافرون موقتا في رحلات عمل أو استجمام. ويستند شمس الدين الى ارقام القادمين الى لبنان يوميا خلال هذه الفترة عبر المطار وعددهم 10 آلاف و260 شخصا، ليؤكد أن ثمة ألفي قادم من بين هؤلاء يمكن اعتبارهم سياحا، فيما العدد المتبقي هم لبنانيون مقيمون، لافتا الى أنه في مطلق الاحوال لن يزيد عدد السياح صيفا عن الـ 500 ألف سائح عربي أو أجنبي، لكنه لا ينكر أن هؤلاء قد يحركون القطاعات كافة خصوصا القطاع المطعمي والمنتجعات السياحية وتأجير السيارات وقطاعي الغذاء والنفط، وما عدا ذلك لن تشهد القطاعات الاخرى انتعاشا كبيرا على خلفية أن الاسعار في لبنان مرتفعة مقارنة مع بعض دول الخارج.

ولا يعول شمس الدين على استقطاب العملات الاجنبية، ويلفت الى أن قيمة حجم الاستيراد عموما ومن بينها المحروقات في فصل الصيف بلغت نحو 1.5 مليار دولار، ويمكن أن يزيد الى 3 مليارات دولار، فيما الايرادات لن تصل الى هذا الرقم وخصوصا بالنسبة للضرائب ورسوم المغادرة في المطار، وتاليا فإن التعويل على دخول فريش دولار في هذه الفترة أمر مبالغ فيه.

غير أن لرئيس نقابة مستوردي الاغذية هاني بحصلي رأي آخر في موضوع زيادة حجم الاستيراد، إذ يؤكد لـ”النهار” أن حجم استيراد المواد الغذائية لا يزيد في فترة الموسم السياحي، بدليل أن ما يستهلكه رواد المطاعم هو انتاج محلي خصوصا الخضر والفاكهة، مشيرا الى أنه حتى لو تضاعف عدد الموجودين في لبنان، فإن نسبة الاستيراد لن تكون لافتة أو بحجم الزيادة في أرقام القادمين. وفي حين يستغرب عدم صدور الاحصاءات الجمركية منذ كانون الاول 2022، يوضح بحصلي أن حجم المستوردات الغذائية لم يتعدَّ الـ 4 مليارات دولار العام الماضي، أما الارقام للأشهر المنصرمة فهي غير متوافرة. في المقابل يؤكد بحصلي أنه لا يمكن تحديد ما اذا كانت نسبة المستوردات الغذائية ارتفعت في فترة الموسم السياحي، إذ ثمة أصناف موسمية يستوردها التجار في موسمها ويتم تخزينها في مستودعاتهم للاستهلاك على مدار العام.

وقد سجلت حركة المسافرين في مطار بيروت خلال شهر ايار الماضي وصول 2780000 وافد الى لبنان، وفي بداية حزيران سُجل وصول اكثر من 11000 وافد بشكل يومي.

الارقام الواعدة للقطاع السياحي، حدت بمصادر اقتصادية الى التأكيد أن كل المؤشرات السياحية ايجابية وستنعكس ايجابيا على القطاعات كافة بما يحرك العجلة الاقتصادية في لبنان ويؤمن لخزينة الدولة بعض السيولة بالفريش. وتنطلق المصادر بتوقعاتها من الضرائب المفروضة على السلع المستوردة في هذه الفترة والتي أصبحت على سعر “صيرفة”، ورسم المغادرة في المطار. فقيمة الرسم لبطاقة السفر من الدرجة السياحية 35 دولارا و50 دولارا لركاب درجة رجال الأعمال، وبما أن عدد السياح والمغتربين لصيف عام 2023 سيناهز المليون ونصف مليون سائح، فإن ذلك يعني أن ما ستجنيه الخزينة فريش دولار من رسم المغادرة سيقدر بنحو 70 مليون دولار، بما سيساهم في زيادة قدرة الدولة على دفع رواتب واجور القطاع العام لمدة شهر تقريبا. كما ان الموسم السياحي وفق المصادر عينها سيفتح مجالات العمل للكثير من الشبان والشابات وتحريك المناطق الريفية، اضافة الى زيادة الاستهلاك في القطاع الغذائي، وزيادة الحجوزات في المؤسسات السياحية، وانعاش قطاع استئجار السيارات وما سيترتب عليه من استهلاك المحروقات. وتتابع المصادر: “إذا افترضنا أن كل قادم الى لبنان أنفق كحد اقصى الف دولار، فإن ذلك يعني دخول نحو مليار ونصف مليار دولار، وفي حال ارتفعت قيمة الاستيراد نحو 500 ألف دولار، فإن زهاء مليار دولار ستبقى في السوق اللبنانية على نحو سيؤدي الى تحسين معدل الناتج المحلي والنمو وتحريك عجلة الاقتصاد عموما.

من جهته، لا يعير الأمين العام لاتحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي عامل الاستيراد أهمية كبيرة في اخراج العملة الصعبة من البلاد، فالمشكلة وفق ما يقول لـ”النهار” ليست بحجم التصدير، “إذ إن لبنان بلد يعتمد على الاستيراد رغم تراجع نسبته هذه الفترة لعدم قدرة اللبنانيين عموما على شراء السلع الفاخرة المستوردة”، لافتا في السياق الى “الخطأ الذي ارتكبته وزارة المال برفع الدولار الجمركي، في حين كان يتعين عليها رفع الضريبة على القيمة المضافة بما يساهم بالحد من التهريب، لا بل سينعكس المشهد وسيصار الى تهريب البضائع من لبنان الى الدول المجاورة”.

والعامل الاهم برأيه الذي يساعد في شفط الفريش دولار من البلاد، هي الرحلات السياحية التي تنظمها شركات #السياحة من لبنان الى الخارج، إذ سافر العام الماضي نحو 250 ألفا ساهموا بإخراج نحو ملياري دولار ما بين أسعار “التيكيت” و”الشوبينغ” ومصاريف اخرى.

وبالعودة الى لبنان، يؤكد بيروتي أن الزيادة في عدد الوافدين بلغت في الاشهر الاربعة الاولى من السنة 20%، فيما يتوقع قدوم نحو مليون ونصف مليون وافد صيفا، والرقم تؤكده مصادر الطيران المدني. أما العائدات فتقدر وفق المعنيين بالقطاع السياحي بنحو 6 مليارات ونصف مليار لسنة 2023، مستندين الى حجم الانفاق للوافدين بمعدل وسطي 3 آلاف دولار، خصوصا في موسم الصيف حيث تكون فترة الاقامة طويلة نوعا ما.

النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى