اخبار محلية

“سكور” مُفاجئ لفرنجية.. فمن “هرّب” ومن “تمرّد”؟

انتهت «جلسة منازلة العدّ الرئاسية « بين سليمان فرنجية وجهاد أزعور، بعدما سطّرت جلسة الرابع عشر من حزيران نفسها كجلسة مفصلية في محضر جلسات الانتخاب الرئاسية، التي لم تشهد على غياب اي نائب من النواب الـ 128، بعدما كانت كل جهة قد أعدّت العدة ، كلّ على جبهتها الخاصة، تحضيرا لمعركة 14 حزيران.

فالمعارضة من «قوات» و»كتائب» و»تجدد» وبعض «التغييريين» و»المستقلين» ومعها «التيار الوطني الحر» و»اللقاء الديموقراطي» أعدوا جيدا للمعركة، وسخّروا كل طاقاتهم واتصالاتهم وعلاقاتهم بغية تجميع رقم 60 وأكثر لجهاد ازعور، محاولين فرض أمر واقع مفاده :» مرشح الفرض» سليمان فرنجية لن يمر، ولا يمكن لحزب الله ومعه الرئيس بري أن يفرض على المسيحيين رئيس جمهوريتهم الماروني، وتكتّل هؤلاء جميعا بوجه «الثنائي الشيعي» المتمسك حتى الرمق الاخير بفرنجية .

وكانت»معركة الاربعاء» الاساسية تتمحور على وجوب ان يحظى ازعور بـ 60 صوتا واكثر ، طامحين بالـ65 صوتا . في المقابل، عمل «الثنائي» جاهدا حتى ساعات الليل المتأخرة قبل فجر الاربعاء، كي لا يصل ازعور لعتبة الـ60 ولرفع «سكور» فرنجية الرئاسي، الى أن اتت النتائج على الشكل الآتي: 59 صوتا لازعور مقابل 51 صوتا لفرنجية.

قد تكثر القراءات والتحليلات لهذه الارقام ولما أنتجته الجلسة ، ففيما قد يرى البعض أن ازعور ومعه الفريق الداعم له تمكنوا من تكريس قاعدة، بان أحدا لا يستطيع تخطي المكون المسيحي في رئاسة الجمهورية، وان منطق الفرض «لن يمشي»، كما يقول مصدر نيابي داعم لازعور لـ «الديار» ، لكن لفريق فرنجية رأي آخر، اذ ترى مصادره أن ما تحقق هو انتصار كبير، وقد سقط الانقلاب»، وتضيف: «كل محاولات عزل حزب الله ومعه الطرف الشيعي باءت بالفشل ، كما سقطت مناورة جهاد ازعور، وسقط الرجل كمرشح رئاسي، وتمكن فرنجية من اثبات نفسه كمرشح قوي يملك كتلة صلبة متضامنة، لا مشتتة كالفريق الداعم لازعور ، الذي رضخ بعضه للتهديدات والضغوطات ، لاسيما ان ازعور لم يصل أصلا لعتبة الـ 60 ، مقابل تخطي فرنجية عتبة الـ50 ، في وقت كانت فيه كل القراءات تتحدث عن رقم لفرنجية 44 وحد اقصى 46 ،مقابل 63 وأكثر لازعور».

لا يختلف اثنان على أن الاصوات التي حاز عليها فرنجية، شكلت مفاجأة للفريق الآخر، الذي كان يأمل ان يحصل ازعور على 63 اقله و65 كحد اقصى، فمن هرّب أصواته لرئيس «تيار المردة»؟ من صدق ومن خذل؟

المعلومات في هذا السياق، تكشف أن فرنجية حاز على قرابة الـ 12 صوتا مسيحيا من اصل الـ51 ، من بينها 3 اصوات هُرِّبت من كل من كتلة «الجمهورية القوية» و»التيار الوطني الحر» (غير اصوات «الطاشناق» التي صبت لفرنجية)، وقيل أيضا من «اللقاء الديمقراطي»، ولو أن النائب هادي ابو الحسن اصدر بيانا عقب الجلسة، اكد فيه صبّ «اللقاء» باصواته الكاملة لازعور.

المعلومات تكشف أن كميل شمعون غرّد خارج سرب تكتل «الجمهورية القوية»، بعدما كان يردد بانه لا يعرف اصلا جهاد ازعور ولم يتواصل معه، فصب صوته لفرنجية خارقا قرار «الجمهورية القوية» بالالتزام بأزعور. وفيما بقي نواب التيار «المتمردين» على صمتهم حيال وجهة تصويتهم، وحكيَ أن صوتين كحد اقصى لم يصبا لجهاد أزعور، لكنهما لم يهرّبا بالتأكيد لفرنجية. الى جانب هؤلاء انضم جميل عبود الذي منح صوته لفرنجية كما جان طالوزيان.

قد يكون من المبكر كشف كل الاوراق، لكن الاكيد انه في الميزان السياسي للجلسة جملة خسارة منيَ بها كل من الفريقين، فلا فريق المعارضة نجح بتأمين تخطي أزعور عتبة الـ60 ولا فريق الثنائي نجح باستمالة جنبلاط ومعه «الاعتدال الوطني» لتأمين رقما مشرّفا لسليمان فرنجية يقترب فيه من عتبة الـ 60 . مع الاشارة الى أن «لغز الورقة الضائعة « فيما لو فكّ، قد يكون يصب لمصلحة ازعور. علما ان مصادر عين التينة جددت التأكيد بان الظرف الضائع كان ملصقا بظرف آخر وتبين انه فارغ.

على اي حال ، ففيما ترى مصادر «القوات» و» الوطني الحر» بان الجلسة اسقطت منطق الفرض ، وأظهرت انه متى توحد المسيحيون فهم يستطيعون مواجهة منطق فرض المرشحين باللعبة الديموقراطية، ترى اوساط مطلعة على جو «الثنائي الشيعي» عبر «الديار» ان الجلسة أظهرت أنه»ربح اولى معارك ايصال فرنجية» المحصّن حتى الساعة باصوات مسيحية، واثبتت أن الصراع ليس شيعيا – مسيحيا بعدما تأمن لفرنجية اكثر من 12 صوتا مسيحيا، وبالتالي ترى الاوساط بان عدد الـ51 الذي حاز عليه فرنجية، والذي يضم الشيعة كما السنة والمسيحيين، ممكنة من تثبيت نفسه كمرشح جدي من الآن وحتى بعد 5 سنين ، باعتبار ان اي تفاوض رئاسي مقبل، ستكون انطلاقته من اصوات الـ51 التي حاز عليها.

اما في ميزان الخسارة السياسية ، وفيما يقرّ خصوم باسيل حتى قبل حلفائه، بأنه نجح باستمالة الآخرين لضفته، و»لعبها صحّ رئاسيا»، وأثبت أن اي طرف لا يمون عليه ولا على قناعاته ، لدرجة أن احد اعضاء «اللقاء الديموقراطي» وصفه «بالقبضاي». وترى أوساط «الثنائي الشيعي» ترى في باسيل أول الخاسرين في السياسة، إذ أنه لم يربح المسيحيين كما خسر العلاقة مع حزب الله، وكذلك جنبلاط الذي خسر بكسره الجرّة مع بري بعدما خيب آماله.

الملاحظة الاساسية التي لا يمكن اغفالها بقراءة نتائج الجلسة ، هي وقوف السعودية فعلا على الحياد ، والامر تُرجم بأصوات «الاعتدال الوطني» الذي وقف على الحياد واضعا شعار «لبنان الجديد». علما ان المعلومات تشير الى ان تكتل «الاعتدال» كان وعد بري بانه في حال حصلت الجولة الثاني، فهو سيصوّت لفرنجية.

بالمحصلة، يرى مصدر موثوق مطلع على الملف الرئاسي، بان جلسة الاربعاء طوت صفحة جهاد ازعور كمرشح رئاسي، لكن هذه المرة من جلسة واحدة لا كما حصل مع ميشال معوض، ولو انه نجح بإدخال اسمه وبقوة الى نادي المرشحين الرئاسيين مستقبلا، كما شقت الجلسة الطريق الى المفاوضات الحقيقية التي بدأت منذ لحظة انتهاء فرز آخر ورقة في صندوق البرلمان، انطلاقا من مبادرة فرنسية جديدة مرتقبة قريبا…

ويتابع المصدر بأن «الرؤوس الحامية سقطت واتى وقت الحوار»…بانتظار نتائج لقاء الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي يوم الجمعة، وما قد تحمله بعدها زيارة المبعوث الخاص الى لبنان جان ايف لودريان المرتقب وصوله الى بيروت يوم الاثنين على أن يمكث حتى الجمعة…

فهل يكون الحراك الفرنسي الجديد المرتقب بنكهة مبادرة حوارية لحل رئاسي توافقي؟ معلومات «الديار» تكشف بانه بُعيد انتهاء الجلسة ، التي كانت تترقبها باريس لبناء على الشيء مقتضاه، اجرى المسؤول الفرنسي باتريك دوريل اتصالات مع المعنيين بلبنان، من بينهم عين التينة، وكان تقييمه بأن أرقام فرنجية جيدة، لكن هذا الامر غير كاف لايصاله الى سدة الرئاسة… فهل المقصود بكلام دوريـــل ان ايصال فرنجية يحتاج لعمل اضافي او ان الاتجاه بالايـــام المقبلة سيكون للتفاوض والحوار بين الجميع على مرشح ثالث؟ وهل تكون وجهته اليرزة مع العــماد عون؟

بالانتظار وحتى اللحظة، يبدو ان «الثنائي الشيعي» متمسك اليوم أكثر من اي وقت مضــى بســليمان فرنجــية…

الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى