رغم تفوّق الوزير السابق جهاد أزعور على رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بعدد الأصوات، ورغم أن “القوات اللبنانية” وحلفاءها، أقاموا حفلات النصر على شرف أزعور، تعاني قوى المعارضة، وتحديداً “القوات”، التي تُعد رأس حربة في مواجهة مرشّح محور “الممانعة” من عدة أزمات رئاسية، سيكون من الصعب معالجتها.
أولى الأزمات التي يمرّ بها رئيس “القوات” سمير جعجع، هي أنه بات “الحجّة” التي يستند إليها “الثنائي الشيعي” لتعطيل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، على قاعدة أن جعجع أعلن أكثر من مرة، أن المعارضة لن تشارك في جلسات انتخاب الرئيس في حال كانت ستؤدي إلى فوز فرنجية، وبالتالي، لم يعد يحق له “معايرة” الطرف الآخر، بالإنسحاب من الجلسات قبل انعقاد الدورة الثانية.
الورطة الثانية التي وقع بها جعجع، أنه يستند في معركته على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ومن المعروف أن الأخير يعمل وفق أجندته الخاصة، بعيداً عن المصلحة الوطنية التي لا تهمّه لا من قريب ولا من بعيد. وليس غريباً على باسيل أن يدير ظهره لقوى المعارضة في أي لحظة، ويلتحق بتقاطعٍ آخر يؤمّن له مكتسبات يبحث عنها ويريدها بأي وسيلة.
المشكلة الثالثة التي طرأت على خطة جعجع، هي أن حليفه المصرفي أنطون صحناوي، أصبح من مؤيدي فرنجية، وهذا الأمر تجلّى واضحاً في جلسة 14 حزيران، إذ وضع نواب الصحناوي أصواتهم بخدمة فرنجية، منهم بطريقة مباشرة كجان طالوزيان وراجي السعد، اللذين اقترعا لفرنجية، ومنهم بطريقة غير مباشرة كإيهاب مطر الذي صوّت لقائد الجيش العماد جوزف عون.
وتفيد المعلومات، أن الصحناوي بعث رسالة إلى زعيم “المردة”، مفادها أنه إذا احتاج إلى أصوات إضافية سيؤمنها له. ومن المعروف أن “مَونة” الصحناوي لا تنحصر فقط بطالوزيان والسعد ومطر، بل تشمل نواباً آخرين، والوقت كفيل بكشف هويتهم أمام الرأي العام.
حصول فرنجية على 51 صوتاً لم يكن بالأمر المفاجئ، كثيرون هم من توقعوا حصولهم على هذا العدد. واللافت أنه عقب انتهاء جلسة 14 حزيران، تلقت قيادة “حزب الله” وفرنجية، إتصالات من عدة نواب لإبلاغهم أنهم صوّتوا لفرنجية، وهذا إن دلّ على شيء فهو أن أصوات فرنجية “المخفية” ليس بالضرورة أن يكون مصدرها كتلة “اللقاء الديموقراطي” أو تكتل “لبنان القوي” كما يتمّ الترويج، بل من المرجّح أن تعود لنواب الصحناوي مجهولي الهوية.
إزاء هذا الواقع الصعب، لا حلّ إلاّ بذهاب قوى المعارضة إلى حوار وطني يشمل رئاستي الجمهورية والحكومة. ولا مانع من تمسّك المعارضة برفض فرنجية، على اعتبار أنه مرشّح “الثنائي الشيعي”، مع ضرورة التفاوض على مرشّح سيادي إصلاحي مقبول عند المكوّن الشيعي، وإلاّ فأن الجمهورية ستبقى بلا رئيس حتى إشعار آخر.
في المحصّلة، من رضي لنفسه التقاطع مع باسيل على مرشّحٍ رئاسي، لن يصعب عليه التقاطع مع “الثنائي الشيعي” على رئيسٍ للجمهورية. يكفي لإنقاذ البلاد أن لا يكون باسيل رئيس الظل للعهد الجديد، وحينها نخرج من جهنّم.
“ليبانون ديبايت” – محمد المدني