كتب داني حداد في موقع mtv:
سيحتفل لبنان في أيلول المقبل بمرور ١٠٣ أعوام على تأسيس لبنان الكبير الذي كان للموارنة دورٌ كبير في إعلانه، خصوصاً البطريرك الياس الحويك. لكنّ الموارنة يعيشون هذه السنة أسوأ أيّامهم، منذ ١٠٣ أعوام.
اعتاد اللبنانيّون على الشغور الرئاسي، منذ خرج الجيش السوري، عرّاب عهود ما بعد الطائف، من لبنان. لم ينته عهدٌ، منذ ذلك الحين، إلا بشغور بلغ زمناً قياسيّاً بين عهدَي ميشال سليمان وميشال عون. لا أحد يعرف اليوم إذا كان الشغور الرئاسي الحالي سيطول أكثر. الأمر وارد. ويعني ذلك أنّ المجلس النيابي الحالي قد لا ينتخب رئيساً بسبب التوازنات القائمة فيه. يحتاج الأمر الى تسوية خارجيّة كبرى ليست متوفّرة حاليّاً ولا هي في أولويّات أحد. حتى الاتفاق السعودي الإيراني لم تبلغ مفاعيله لبنان بعد، وقد يبقى بمنأى عنه.
يعني ذلك أنّ لبنان سيكون بلا رئيسٍ مارونيّ لفترةٍ طويلة، وفي ذلك أهميّة كبيرة في بلدٍ منغمس بالطائفيّة من الرئاسة الى الحاجب على باب وزير.
كرسيٌّ آخر سيشغر من شاغله الماروني نهاية شهر تمّوز المقبل. لن يُعيّن حاكمٌ لمصرف لبنان خلفاً لرياض سلامة الذي تنتهي ولايته بعد حوالى الشهر، وسيخلفه نائبه الأول الشيعي. يعني ذلك، بالترجمة الطائفيّة، أنّ الموارنة عموماً والمسيحيّين خصوصاً سيخسرون حتى أجلٍ غير معروف، رأس السلطة النقديّة في لبنان بعد أن خسروا رأس السلطة السياسيّة.
لم ينته مسلسل الخسارات هنا. تنتهي في ختام العام الحالي ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، وهذا تطوّر يحصل أيضاً للمرة الأولى في ظلّ غياب رئيس الأركان المفترض أن ينوب عنه. تواجه المؤسسة العسكريّة سابقة لم تعهدها في تاريخها، ويواجه الموارنة خسارة أهمّ منصب عسكري في لبنان.
هو عامٌ أسود إذاً على الموارنة والمسيحيّين. ثلاث كراسٍ ستصبح فارغة من شاغليها الموارنة، والأمر ليس تفصيلاً أبداً، وهو يستوجب ردّة فعل استثنائيّة من الكنيسة قبل السياسيّين، خصوصاً أنّ التعويل على هؤلاء لم يعد كبيراً.
فمنذ تأسيس لبنان بجغرافيّته الحاليّة، ثمّ توزّع تركيبته الطائفيّة تباعاً، لم يسبق أن خسرت الطائفة المارونيّة ثلاثة مناصب حسّاسة. يحصل ذلك بينما المساعي لانتخاب رئيس، وهو الاستحقاق المدخل للاستحقاقَين الآخرَين، شبه متوقّفة، ما ينذر بشغورٍ طويل جدّاً.
يقول المثل الشعبي: “ما بيحكّ جلدك إلا ضفرك”. هل أصبح المسيحيّون، والموارنة خصوصاً، بلا ضفائر؟