عاد بقوة إلى دائرة الضوء محلياً ودولياً، هاجس مرحلة ما بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في ضوء معلومات عن أن مصير كل التعاميم الصادرة عن المركزي كما استمرارية منصة “صيرفة”، على المحك بعد أربعة أسابيع، خصوصا أنه من المحسوم حتى اللحظة أن النائب الأول لسلامة، وسيم منصوري، والموجود في واشنطن، سيستلم مهام الحاكم.
إلاّ أن مؤشرات جديدة قد ظهرت على سطح المشهد في ظل التداول مجدداً بتعيين حاكمٍ جديد من قبل حكومة تصريف الأعمال، بمعزلٍ عن الإشكالية القانونية المتمثلة بالمعارضة السياسية، وبالتالي فإن خلافة سلامة عنوان مطروح الآن، من زاوية الخشية من انهيارٍ متمادٍ لليرة ما يفتح الساحة الداخلية على مشهدٍ من الفوضى تبدأ مالياً، وتنعكس على عدة مستويات سياسية واجتماعية وأمنية وحتى صحية وتربوية.
وأمام هذا الواقع، فإن أوساطاً اقتصادية مطلعة، تحدثت عن إشكالية رئيسية تتمثل في كون نائب الحاكم منصوري، قانوني بالدرجة الأولى وغير متخصص في السياسات النقدية، وبالتالي ما من إمكانية بأن يتولى تقنياً مهام سلامة لهذا السبب بالذات، مؤكدةً أن هذه المعادلة تنطبق على نواب الحاكم الأربعة، وهنا مصدر القلق لدى المرجعيات السياسية والمالية والاقتصادية من القادم من الأيام بعد نهاية تموز المقبل.
وتكشف الأوساط الاقتصادية لـ “ليبانون ديبايت”، عن أن خلافة سلامة قد تحولت إلى ملفٍ سياسي خاضعٍ للتجاذبات والانقسامات كما الاستحقاق الرئاسي، إذ إن نواب الحاكم قد تمّ تعيينهم بالسياسة، ومن دون أية معايير متصلة بالسياسة النقدية حتى ولو كانوا قادمين من قطاع المال والمصارف. وفي هذا الإطار تلفت الأوساط إلى أن المجالس التي تأسست في لبنان، كمجلس الإنماء والإعمار أو مجلس الجامعة أو غيرها، قد هدفت كلها من أجل التخفيف من سلطة رئيس أي مجلس كما هي الحال بالنسبة للمجلس المركزي في مصرف لبنان، الذي يهدف إلى التخفيف من سلطة الحاكم، مع العلم أن تحديد وتعيين أعضاء هذه المجالس، يتمّ بخلفيات سياسية، وليس على أساس الاختصاص.
ورداً على سؤال عن مشهد ما بعد سلامة في المركزي، تقول الأوساط إن سيناريوهين مطروحان حتى اليوم، الأول: استلام منصوري مع بقاء سلامة في الكواليس، والثاني، التجديد لسلامة حتى انتخاب رئيس للجمهورية.
ولكن في الحالتين، لا تتوقع الأوساط أن يوافق سلامة على أن يكون وراء منصوري، بينما سيرفض منصوري تحمّل مسؤولية قرارات سلامة.
وتستدرك الأوساط مذكرةً بالفيتو الذي وضعه “حزب الله” على تعيين حاكمٍ جديد من قبل الحكومة الحالية، والذي حدّ من الخيارات في المركزي، ما يجعل التوجه الأكثر ترجيحاً، هو إبقاء سلامة في منصبه، أو على الأقل إلى جانب منصوري، الذي لن يستطيع منفرداً أو مع نواب الحاكم الثلاثة، أن يقوموا بالمهمة، وبالتالي فإن الوصول إلى مرحلة مغادرة سلامة وعدم تعيين حاكمٍ جديد، يعني أن اللبنانيين سيدفعون وحدهم الثمن الغالي، لأنه على الصعيد التقني، ما من شخصية قادرة على الحفاظ على الاستقرار النقدي.
كذلك تعتبر هذه الأوساط أنه بعدما باتت السلطتان النقدية والمالية بيد الشيعة، فإن “التاريخ سوف يحمّل الثنائي الشيعي أو الطائفة بأكملها، مسؤولية ما سيحصل بالوضع المالي بعد رحيل سلامة نهاية تموز المقبل، انطلاقا من سيطرتها على السلطة المالية عبر وزير المال والسلطة النقدية من خلال نائب الحاكم الأول”.
وعليه، فإن الثابت أن إشكالية قانونية وإشكالية سياسية تواجه موقع حاكمية مصرف لبنان أواخر تموز، وفي الأحوال كلها، فإن المشكلة المالية، ستكون أكبر وأخطر بعد نهاية ولاية سلامة في المركزي.
ليبانون ديبايت