لا يلوح في الأفق السياسي أي حل قريب لمسألة الملف الرئاسي وبالتالي لحل الأزمة اللبنانية بمختلف تشعباتها ويبدو أن الفراغ سيطول ويطول بإنتظار شي ما إما خارجي أو على الأقل داخلي من طرف ما يسهل الذهاب إلى انتخاب رئيس وتشكيل حكومة تعيد عجلة العمل في المؤسسات الدستورية.
وتقيم مصادر مواكبة للحراك الخارجي والداخلي جولة لودريان والتي تقول أنّ “حركة لودريان الإستطلاعية لم ترقَ إلى مستوى المبادرة والتي كان فيها لودريان أكثر من 90% بموقع المستمع وبنسبة نادرة كان بموقع المتكلم، فهذه الحركة أتت على ضوء عدة تطورات”.
- التطور الأول هو زيارة البطريرك الراعي إلى باريس والمدعومة فاتيكانيا ، والتي تبنى فيها البطريرك بشكل علني المرشح جهاد أزعور دون أي لبس.
-التطور الثاني تمثل بالجلسة التي عقدت في 14 حزيران والتي فرضت إصطفافاً واضحاً وموازين قوى أسست لمشهد سياسي جديد.
-التطور الثالث هو رغبة الفرنسيين بأن يبقوا هم محور الحركة الأساسية ما بين الدول الخمس التي قدمت نفسها كمهتم بوضع لبنان، وفرنسا حريصة أن تبقى هي من يملك التفويض الأساسي للتعاطي مع أزمة لبنان.
وتقرأ المصادر اللقاءات التي قام بها لودريان هنا، من خلال 3 ملاحظات أساسية:
- الملاحظة الأولى هي أن الإجتماع الأطول الذي عقده والذي هو الحالة النوعية بين كافة الإجتماعات هو الإجتماع مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بحضور عمار الموسوي، والذي إستمر تقريباً بحدود الساعتين أو الساعة والـ 45 دقيقة، وهذا الإجتماع ثبّت أن العلاقة الفرنسية مع حزب الله هي علاقة مستمرة وعلاقة جوهرية بمعالجة الازمة ومستوى الصراحة بين الطرفين، إستمع لودريان خلال اللقاء بدقة وإنصات شديد لقراءة حزب الله ولما جرى في الجلسة وما قبلها وما يمكن أن يليها، والفرنسيون لا زالو على قناعة أن مبادرتهم الاساسية لا زالت موجودة وإن كان لودريان لم يقدمها خلال زيارته كأساس للنقاش.
- الأمر الثاني هو أن ماكرون بكلامه مع البطريرك ومع غيره من المسؤولين اللبنانيين لا زال ينصحهم بالحوار الداخلي وبأن حزب الله هو موقع مفتاحي بمعالجة الأزمة، وهذا أمر تدركه فرنسا سياسياً وتدركه على مستوى موازين القوى وعلى مستوى المصالح، لودريان بعد أن قام بمروحة لقاءاته الطويلة غادر مع وعد بالعودة، وهذا الامر قد يجري خلال أسابيع قليلة بعد مناقشة ما حمله مع خلية الأزمة في فرنسا والتي لم تتغير والتي لا زالت فاعلة والتي لا زال فيها باتريك دوريل هو الممسك بالملف وأحياناً يتدخل سمير عساف الذي كان مرشحاً لحاكمية مصرف لبنان.
وتشير المصادر إلى شيئ لافت في جولة لودريان، هي أنه خص سليمان فرنجية بالذات بإستقبال مميز وإستبقاه على الغداء.
- والأمر الثالث إنخراطه بنقاش عميق مع الرئيس بري فيما يتعلق بجلسات مجلس النواب وإمكانية الحوار، على هذا الاساس سليمان فرنجية يدرك جيداً أن الـ 51 صوتاً التي حصل عليهم أكدوا على مصداقية معركته وبخاصة أن الـ 51 صوتاً من ضمنهم 14 صوتاً مسيحيون، إن فعالية جهاد أزعور أن يكون مرشحاً رئاسياً عملياً أنتهت مع إنتهاء الجلسة وإن كان هذا الأمر لم يتجسد عملياً بشكل ظاهر لكن بالباطن الجميع يعلم أن مهمة أزعور أن يصل إلى ما فوق الـ 65 ضمن محاولة خفية تتكل على دراسات قانونية لبيتر جرمانوس وزياد شبيب ليقولوا جهاد أزعور رئيس مع وقف التنفيذ في حال وصل إلى الـ 6 ، وبالتالي أي عملية بناء على 59 صوت لأزعور لم تعد ممكنة، والرئاسة للرئيس القادم برأي المصادر، ستنعقد على كتلتين أساسيتين وهما كتلة اللقاء الديمقراطي وكتلة الاعتدال فهما عملياً سيتحركون بأي جلسة قادمة قربت أم بعدت على أساس ما تريده السعودية.
وترى المصادر أنّنا “أمام فراغ قد يطول وقد يأكل في طريقه إستحقاقي حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش لهذه الدرجة ممكن أن يطول الفراغ ، وما يمكنه أن يحرك الوضع هو أمرين إما تغير داخلي بموقف جبران باسيل وكتلته، وإما تغير خارجي بموقف السعودية وأميركا وهذا مرتبط بتطورات إقليمية, وإذا لم يحصل تطور بموقف باسيل أو لدى السعوديين والاميركان خارجياً، فمن الواضح أن الفراغ سيطول ويطول كثيراً وحينها ندخل أو ننتقل من أزمة إنتخاب رئيس إلى أزمة حكم وأزمة نظام”.
وتجزم المصادر أنه “ليس وارداً بالمدى القريب أن يدعو بري إلى جلسة وذلك بناء على حديثه مع لودريان على الاقل من هنا إلى آخر أب”.
أما بالنسبة إلى موضوع الحوار فتشير المصادر إلى “موقف محمد رعد الذي كان فيه رسالة إيجابية للداخل والخارج عن إنفتاح الحزب على الحوار، وهذا جزء من تظهير نتائج اللقاء الإيجابي مع لودريان ومن خلاله الحزب يرسل رسالة سلمية حول إرادته بالإنفتاح على الآخر وهلى الحوار لكن مع التمسك بسليمان فرنجية كمرشح وحيد لدى الحزب وعدم وجود خيار ثان أوثالث لديه”.
ليبانون ديبايت