باسيل تحت الضّغط.. هكذا سيحشرهُ ترشيحُ قائد الجيش للرئاسة

قد لا يكونُ مستبعداً أن يتجه الفرنسيون لاحقاً لتزكية إسم قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية بشكل مباشر، أقله بعد شهر تموز المقبل الذي سيشهدُ عودةَ المُوفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان لتقديم رؤية بلاده الخاصة بالملف الرئاسي بعد الجولة السياسيّة الاولى التي أجراها في لبنان.

حالياً، فإن اسم عون عاد ليبرز بقوّة شديدة في السياق الرّئاسي، وقد تأتي عملية تزكيةُ اسمه من قبل الفرنسيين في إطار تسويةٍ على مُرشح ثالث يساهم في إستبعاد رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور عن السِّباق الرئاسي. أما ما لا يمكن إغفاله فهو أنَّ الخطوة الفرنسية “المتوقعة” في الإتّجاه المذكور قد تحصلُ في حال قرّرت باريس التقاطع مع النوايا الأميركية التي تُزكّي طرح عون للرئاسة، فيما لا يمكن أبداً تجاهل مُراد القطريين بإيصال قائد الجيش إلى قصر بعبدا، وسط عدم وجود أي معارضة سعودية علنيّة أو واضحة لذلك.
وسط كل هذا الكلام، يبرزُ التساؤل الأكبر: في حال قرّر الفرنسيون طرح إسم عون بجدية.. كيف ستتلقفُ قوى المعارضة هذا الأمر؟ وماذا عن “التيار الوطني الحر” بشكل خاص؟

أقرب السيناريوهات التي يمكن إستشرافها يتمحور في اتجاه قوى المعارضة للموافقة على أي طرحٍ يُزكّي خيار ترشيح عون، باعتبار أن الأخير لم يأتِ من صُلب الخيارات التي يريدها “الثنائي الشيعي” مباشرة أقله في الوقت الحالي. فبالنسبة للمعارضة، فإن اختيار مُرشح لا يدعمه “الثنائي” مباشرة هو أبغض الحلال، ولهذا السبب كان الإبتعاد عن تأييد فرنجية كبيراً باعتبار أنّ الأخير مُرشح مباشر لـ”حزب الله” و “حركة أمل”. ولكن، المعضلة لا تكمنُ هنا، ففي حال قررت المعارضة تأييد ترشيح عون بعد الضغط الخارجي، سيكونُ “تقاطعها” مع “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل في مرحلة “هشّة” ومتزعزعة وعصيبة.. فهل سيكون التقاطع القائم حالياً على إسم أزعور الذي بات يسقط من الحسابات، بمثابة تمهيدٍ لتقاطع على إسم عون لاحقاً؟ هل سيُعارض باسيل ترشيح عون المُتوقّع وينسف “التقاطع” الذي بناه من أجل أزعور؟ هل سيقبلُ بالإنخراط في تسوية توصل فرنجية للرئاسة لإقصاء عون أم سيخرج من المشهدية ككل؟ 

ما لا يمكن نفيهُ بتاتاً هو أنَّ باسيل يرفضُ طرح عون للرئاسة بشكل تام، وقد أعرب عن هذا الأمر أكثر من مرّة. وفي حال أراد حقاً نسف خيار انتخابه، فإنّ الخيار الأنسب إليه قد يكون انتخاب فرنجية للرئاسة. عندها، وبهذه الخطوة، قد يتمكن باسيل من حشد أصوات كتلته مُجدداً باتجاه مرشح واحد، وبإمكانه أن يرفع حاصل فرنجية من 51 إلى 65 صوتاً بسهولة. عندها، سيكون رئيس “التيار” قد أتى بمرشح “الثنائي” على مَضض والهدف فقط إقصاء عون من المشهدية.
السيناريو هذا مطروحٌ في حال شاء باسيل تنفيذ مُخططه بإقصاء عون، ولكن هل سيُطبق ذلك؟ بمعنى آخر، هل سيُضحي بكل ما فعله من أجل فرنجية؟ فعلياً، قد لا يُبادر رئيس “التيار” إلى ذلك، والسبب هو أنّه يخشى “تسييد” فرنجية على رأس المرجعيات المسيحية السياسية. هذا الأمر يعني وبكل بساطة، إعداماً لمسيرة باسيل السياسية أقله خلال 6 سنوات، وبالتالي خروجه من دائرة التأثير التي يسعى للحفاظ عليها. لهذا، يبقى أمام باسيل خيار الإنزواء بعيداً، ولكن، هل ستكون هذه الخطوة لصالحه؟ هل سيسمحُ رئيس أكبر كتلة مسيحية للآخرين باختيار الرئيس المسيحي الذي يُطالب باحترام مكانته وأحقية الكتل المسيحية باختياره؟

إن لم يُخطئ التحليل، فإنّ المآزق الكثيرة باتت تُطوّق باسيل، فمن سيختار الأخير؟ فرنجية، عون أم الضغط باتجاه خيار الفراغ الطويل؟ الآفاق حتى الآن غير واضحة، لكن التوجهات الباسيلية أكثر بروزاً في الوقت الراهن، فكيف “سيُدوزنها” تبعاً لمقتضيات المرحلة؟ الإجابات ستظهر بعد عودة لودريان في تموز، وعندها لكل حادثٍ حديث. 

لبنان 24

Exit mobile version