قبل ساعات من بدء الشهر التاسع على الشغور الرئاسي، يتكرس على أرض الواقع مشهد الفراغ السياسي والإداري والمؤسساتي، وكأن الانزلاق نحو الشلل، هو هدف تقاطعت عليه أطراف سياسية محلية وخارجية، وبالتالي، لن تنجح في ضوئه فرنسا في إعادة إطلاق توافق على استعادة مشهد الانتظام في المؤسسات من خلال انتخاب رئيس للجمهورية بالدرجة الأولى.
وإلى أن يعود الموفد الرئاسي جان إيف لودريان إلى بيروت منتصف تموز المقبل، فإن الصورة لا تزال ضبابية تجاه الأزمة الرئاسية، وفق ما تكشف مصادر سياسية زارت العاصمة الفرنسية أخيراً، حيث لم تلمس حتى اللحظة أي تحول استراتيجي في سياستها تجاه لبنان، والتي لا تزال تضع في أولوياتها الحفاظ على الدولة اللبنانية كما على دورها فيه على المستويات كلها.
وتشير هذه المصادر رداً على سؤال لـ”ليبانون ديبايت” حول المرحلة المقبلة، إلى أن الموفد الرئاسي، قد حذر أمام بعض الشخصيات، من امتداد أزمة الفراغ في موقع الرئاسة إلى موعدٍ غير معلوم، خصوصاً في ظل محاولة ربط الملف اللبناني بروزنامة المنطقة وملفاتها الشائكة.
وعلى هذا الأساس، تعتبر هذه المصادر، أن باريس لم، ولن تغير مقاربتها، إلاّ أن لودريان قد ينصح في تقريره الخاص بعد جولته الاستكشافية، بالتريث في أي مقاربة ترتقي إلى مستوى التحول الإستراتيجي، لأن ذلك لن يحقق الهدف الرئيسي الذي تريده فرنسا والدول المشاركة في اللقاء الخماسي، وهو وضع حدٍ للفراغ الزاحف إلى الدولة من قصر بعبدا.
لكن الوصول إلى هذه النتيجة، يفترض، وبحسب المصادر، أن تكون الإستراتيجية الفرنسية، متناغمة مع معطيات الأمر الواقع الذي تحدده موازين القوى “على أرض الواقع”، وهو تسوية تحفظ لبنان واتفاق الطائف والدولة اللبنانية، ولو أتى هذا الأمر على حساب حلفاء تاريخيين لباريس، وما زالوا حتى الآن على الأقل، يتذكرون رعايتها للوضع اللبناني على امتداد العقود الماضية، وينظرون إليها على أنها “الأم الحنون”.
وانطلاقاً مما تقدم، لن تكون هناك مبادرة فرنسية جديدة باتجاه الاستحقاق الرئاسي، تكشف المصادر المطلعة، والتي تتوقع أن تعود باريس إلى شركائها في اللقاء الخماسي، قبل أي اندفاعة جديدة باتجاه الاستحقاق الرئاسي.
وبالتالي فإن المصادر تتحدث عن عودة لودريان قريباً، ولكن من دون أي مبادرة، بل من أجل ترميم العلاقة مع أطراف لبنانية في مرحلة أولى قبل البدء بمناقشة تسوية رئاسية مقبولة منها ثانياً، مع العلم أن هذا الأمر لن يتحقق خلال أسابيع أو أشهر، ما يعني أن الجواب على السؤال حول المبادرة الرئاسية الفرنسية، لم يكتمل بعد، ولم تتبلور معطياته.
ليبانون ديبايت