هذا هو السبيل لإنقاذ لبنان والودائع!
أرقام صادمة قد حملها بيان التحذير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي حول الوضع المالي وخطورته في حال استمر التأخير في الإصلاحات المالية والإقتصادية، وقد أتت في لحظةٍ داخلية بالغة الدقة سياسياً واقتصادياً، ما يُنبىء بتفاقم الأزمة المالية والنقدية المستمرة منذ 3 سنوات وبعدما فقدت الليرة أكثر من 98 بالمئة من قيمتها.
وفي هذا المجال، يلاحظ الباحث الإقتصادي والمحلل أنطوان فرح، أن تقرير الصندوق لم يحمل وفق المادة الرابعة حول الوضع في لبنان، أية مفاجآت أو أموراً غير متوقعة، خصوصاً وأنه جرت العادة أن يقوم صندوق النقد بمثل هذا الجهد ويصدر تقارير سنوية أو مرة كل عامين عن إقتصاديات الدول، وبالتالي، لم يصدر أي تقرير حول الوضع اللبناني منذ أربع سنوات، ولذلك تراكمت الأرقام ، فكان الحديث عن خسائر بمليارات الدولارات وارتفاع الدين العام إلى 547 بالمئة من الناتج المحلي.
ويؤكد المحلل فرح في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، على أهمية عدم إغفال أنه وفي مثل هذه الفترة من العام الماضي، وخلال المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد، كانت تصدر المواقف بشكلٍ دوري عن مسؤولين فيه وتحذر من كل ما ورد في التقرير الأخير، وتحديداً بالنسبة لموضوع الفساد وبالنسبة لعدم وجود إرادة بالإصلاح، علماً أنه الأساس في الإنقاذ.
وعلى صعيد الأرقام والنسب المرتفعة في التقرير حول التضخم والخسائر، لم ير فرح أنها “صادمة” خصوصاً بالنسبة لانخفاض قيمة الليرة لأن كل اللبنانيين يعرفون هذا الواقع ويلمسونه كل يوم.
يبقى أن اللافت، وفق فرح، هو ما ورد في المؤتمر الصحافي الذي عقده مدير الصندوق إرنستو راميريز للإعلان عن هذا التقرير، وهو الحديث عن عدم وجود مهلة معطاة للبنان، بمعنى أنه ليس الإنذار الأخير، إذ أن راميريز قد أعلن أن صندوق النقد لا يتأثر بلعبة الوقت، بل لبنان هو من يتأثر سلباً، وبالتالي، فإن الصندوق لا يضع مهلةً محددة للبنان لأنه يعتبر أنه من مصلحة لبنان الإسراع في تنفيذ الخطوات الإصلاحية، ولذا فإن التأخير سيكون عقاباً ذاتياً من قبل اللبنانيين، كونه يفاقم الأزمة ويتسبّب بأضرار فادحة.
ويجزم فرح بأن أي تأخير سيدفع بالصندوق إلى إعادة تحديث الخطة المُتفق عليها وذلك على أساس أن الأرقام تغيرت.
إلاّ أن النقطة السلبية في تقرير صندوق النقد وفي كلام راميريز، هو الإصرار على التعاطي بشكلٍ سلبي مع ملف المودعين، أي الإصرار على رقم “صغير” للمودعين، بمعنى أن مبلغ المئة ألف دولار وما دون، سيكون مؤمّناً للمودعين بينما الودائع التي تتجاوز هذه الحدود، قد تذهب نحو الإلغاء وفق مفهوم الصندوق، وذلك على اعتبار أن القطاع العام غير قادر على الإنتاجية لتسديد ديونه.
ويؤكد فرح أنّ هذا هو العنوان السلبي والذي من المفترض أن تتمّ مناقشته، خصوصاً وأن حسابات صندوق النقد بالنسبة لايرادات القطاع العام، تُبنى على أساس الوضع القائم، بمعنى أن صندوق النقد يضع الحسابات بالنسبة للإيرادات التي من الممكن أن يؤمنها القطاع العام وفق النظام الحالي الموجود، لكن المطروح حالياً لإنقاذ الودائع وإنقاذ الدولة، هو تغيير النمط في القطاع العام، بمعنى إدخال القطاع الخاص إلى إدارة القطاع العام، بمشاريع الـppp، أو ما شابه ذلك أي إنشاء هيئة يديرها القطاع الخاص للإشراف على أداء القطاع العام في المؤسسات التي تحقق إيرادات، وهذا الموضوع هو الذي يضاعف وبسرعة حجم الإيرادات التي قدرها صندوق النقد بأرقام محددة، كما سيضاعف قيمة المؤسسات العامة والتي يقدرها الصندوق اليوم بنسبة منخفضة، وذلك عندما يتحسّن الأداء فيها.
ويخلص فرح إلى التشديد على وجوب مناقشة تطوير وأداء المؤسسات العامة، كي لا تأتي خطة التعافي على حساب المودعين والودائع.