أرقام الهجرة ترتفع بشكل كبير.. مؤشر خطير على المدى البعيد
أعداد كبيرة من السياح من المتوقع ان تدخل البلاد في الشهرين المقبلين، لتمضية فصل الصيف، وبحسب الأرقام المتوقعة، فانها قد تتخطى المليوني سائح في شهر آب، ما سيؤدي الى ادخال العملة الصعبة الى البلاد. هذه الأخبار الايجابية التي يترقبها اللبناني بفارغ الصبر لتحريك العجلة الاقتصادية، تخفي في طياتها الكثير من الأرقام السيئة، لا سيما وان غالبية من سيأتون لتمضية فصل الصيف في لبنان، كانوا قد غادروه في السنوات الماضية مع بدء الأزمة الاقتصادية .
الأرقام كبيرة
بحسب الدولية للمعلومات، فإن أرقام المهاجرين بدأت ترتفع منذ عام 2017، إذ بلغ عدد المهاجرين 18,863 ليرتفع بشكل كبير عام 2019 ويصل عددهم الى 66,806، أما عام 2021 فقد شهد على أكبر نسبة هجرة خلال هذه السنوات ليناهز العدد 79,934، فيما العدد المسجّل لهذا العام وحتى نهاية شهر أيار الفائت بلغ 32,332 مهاجرا، ما مجموعه 307,254 مهاجر منذ العام 2017 حتى أيار 2023، وهي أعداد من المتوقّع أن ترتفع أكثر في الأشهر الستة المتبقية من العام الجاري، خصوصاً وأن اللبنانيين الذين يسافرون بهدف العمل لم تعد تهمهم الرواتب كما كانت قبل الأزمة الأخيرة، بل كل ما يهمهم هو تأمين مبلغ ولو بسيط لإرساله إلى أهلهم وعائلاتهم في لبنان.
وعن الرغبة في الهجرة، أظهر مسح أجرته إدارة الإحصاء المركزي، بدعم مالي ومساعدة فنية من منظمة العمل الدولية، نشرت نتائجه في شهر أيار الماضي، أنه “لدى سؤال المقيمين في لبنان بعمر 15 سنة وما فوق عن ذلك، أبدى أكثر من نصفهم( 52%) رغبته بالهجرة من لبنان. وبحسب الفئات العمرية، كانت الرغبة بالهجرة أكثر لدى الفئات الشابة 69% ممن هم بعمر 15-24 سنة و66 % ممن هم بعمر 25-44 سنة، مقابل 10 % فقط لدى المسنين بعمر 65 سنة وأكثر”.
الأزمة الاقتصادية السبب الاساسي
انطلاقاً من هذه الارقام، يشير الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين الى ان “ما نشهده اليوم هو ناجم عن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها اللبناني، حيث بات من الصعب معها العيش، فارتفاع نسبة البطالة إلى 38%، وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن، جعل الحياة في لبنان صعبة أو شبه مستحيلة، وحوّل حياة اللبنانيين إلى جحيمٍ وسط غياب شبه تام للخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وطبابة وغيرها من الأساسيات، مشدداً على ان كل هذه الأسباب دفعت بالشباب اللبناني الى الهجرة بحثاً عن فرص خارج البلد، لا سيما الشباب الطامح لتكوين أسرة”.
وأشار شمس الدين في حديث عبر “لبنان 24″ إلى أن الخطير اليوم في موضوع الهجرة، هو ان فئة الشباب هي الفئة الأعلى نسبة، بعد ان كانت في السابق هي فئة العائلات، لافتاً الى ان التحويلات التي تدخل لبنان من الخارج هي بمثابة الأوكسجين الذي يتنفّس منه أكثر من مليون لبناني، أي ما يعادل حوالي 250,000 أسرة لبنانية، ومن دون هذه التحويلات لكان الوضع أصعب بكثير مما هو عليه راهناً.”
وكان البنك الدولي قد قدَّرَ حجم تحويلات المغتربين إلى لبنان بـ6.8 مليارات دولار مقارنة في نهاية العام 2023 مع 6.6 مليارات دولار في العام 2021. وحجم التحويلات هذا، الذي يمثّل 37.8 بالمئة من الناتج المحلّي، جعل لبنان في المركز الثالث إقليمياً والثاني عالمياً من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلّي الإجمالي.
أرقام غير مطمئنة
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن أولى الخسائر من هجرة الشباب تكمن في اليد العاملة في الاقتصاد، نظراً لما له من تداعيات سلبية على النمو الاقتصادي وهي ستظهر في السنوات المقبلة، لا سيما وان هذه اليد العاملة الكفوءة لا يمكن لأي يد عاملة أخرى ان تحل محلها، مشددا في حديث عبر “لبنان 24” على ان هجرة الشباب في لبنان ستستمر طالما ان هذه الأزمة مستمرة، خصوصاً وان هيكلية الاقتصاد اللبناني غير قادرة على استيعاب هذا الكم من الشباب، وبالتالي فان فرص العمل الموجودة في الخارج ستكون جاذبة لهم ودافعت أساسيا لاتخاذ القرار بالهجرة.
اذا، يستمر النزيف اللبناني الى الخارج، من دون اي حلول جذرية يوقف هذا الأمر، ويسمح لأهل البلد بالعمل وانقاذ بلادهم من الأزمات التي تعصف به…
لبنان 24