لهذه الأسباب “طيف” رياض سلامة سيبقى في مصرف لبنان


بدأت الاستعدادات في دوائر مصرف لبنان للانتقال السلس غير الواقعي بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تنتهي ولايته في نهاية تموز الجاري وبين نائبه الاول وسيم المنصوري الذي عاد من الولايات المتحدة الاميركية بعد اجراء اتصالات مع المسؤولين النقديين والماليين هناك، مؤمنا الغطاء الخارجي بعد ان نال «بركة «التوافق الداخلي الرسمي حيث كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يرفض ان يتسلم المنصوري مهام حاكم مصرف لبنان لحسابات يدركها بري ولكن مع استمرار المقاطعة المسيحية لاستمرار عمل حكومة تصريف الاعمال في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية ورفضها القبول باي قرار تتخذه ومع استمرار الخلافات بين الاحزاب المسيحية حول الشخص المناسب لتولي هذا المنصب الرفيع لدى الطائفة المارونية قر الرأي على تولي المنصوري المنصب في المرحلة الانتقالية تمهيدا للوصول الى انتخاب «رئيس» وتشكيل حكومة اصيلة تتولى مرحلة اعادة النهوض الاقتصادي .

قد يكون هذا الانتقال من سلامة الى المنصوري صوريا لان الثاني يتسلم من الاول منصب الحاكمية بعد ان بقي في هذا المنصب اكثر من ثلاثين عاما وقد يكون سلامة هو اكبر حاكم مصرف مركزي تاريخيا بقي في هذا المنصب وبالتالي لا يمكن بين ليلة وضحاها ان تمحى سياسية نقدية استمرت هذه الفترة من الزمن كان يتولاها سلامة وهو يحفظ الاسرار ويكتنف عمله الغموض واتخاذ القرارات خصوصا خلال السنوات الاربعة الاخيرة «وما حدا بيعرف شو في بمصرف لبنان «وكيف كان يدير هذا المرفق الهام الا رياض سلامة حتى وصل به الامر ان يكون الحاكم الفعلي للبنان نظرا للاتكال عليه في اي عمل تقوم به الدولة اللبنانية خصوصا بالنسبة للدعم واعطاء السلفات ومنها للكهرباء والخبز والادوية لانه كان يملك «المال «وبالفريش في وقت عز وجود العملة الخضراء حتى في السوق الموازية .

لا يمكن لرجل صبغت السياسة النقدية وحتى المالية طوال ثلاثين سنة أسلوبه وطريقة ادارته لسياسة مصرف لبنان ان يجلس جانبا او يحال الى التقاعد خصوصا انه كان الآمر الناهي فيه بينما اليوم يحتاج المنصوري الى توقيع النواب الثلاثة للحاكم وهذا متعذر من خلال التناقضات التي بدأت تظهر الى العلن خصوصا بالنسبة لمصير منصة صيرفة وحزمة التعاميم التي اصدرها الحاكم خلال السنوات الماضية لتنظيم السحوبات الاستثنائية من خلال التعاميم ١٥٨و١٦١و١٥١ وغيرها والعلاقة بين المصارف والمودعين وبين مصرف لبنان والمصارف حيث كانت بصمة سلامة واضحة دون غيره من نوابه عليها حتى الهجمات السياسية المعارضة لسياسته كانت تتناوله دون غيره من نوابه الذين كانوا موجودين في السلطة النقدية لكنهم غير موجودين في القرارات التي كان يتخذها الحاكم ويتحمل السهام التي كانت توجه اليه .

لن نقلل من اهمية المنصوري لكنه يعلم كما يعلم سواه سوأ اكان وزير المالية يوسف خليل او رئيس مجلس ادارة طيران الشرق الاوسط «الميدل ايست «محمد الحوت او غيرهما من الذين تعاطوا معه انه رجل استثنائي ولو كان يردد ان الليرة اللبنانية بخير وهو يعلم علم اليقين انها ليست بخير ما دامت المنظومة السياسية ترفض الاصلاحات التي كانت مؤتمرات باريس وصندوق النقد الدولي مؤخرا تنادي بها وتحذر من مصير اسود لبلد يعيش على ودائع غيره وليست له وطالما كان يعطي المزيد من الفرص لهذه المنظومة كي تستكين وتمشي بالاصلاحات لكنه لا هو ولا غيره داخليا او خارجيا تمكن من ان تعيد هذه المنظومة النظر بذلك حتى جاء التقرير الاخير لصندوق النقد قاسيا محملا الطبقة السياسية في الوقوف حجر عثرة امام المباشرة بتطبيق هذه الاصلاحات ، وهو نال اهم الاوسمة كأفضل حاكم في العالم ذابت كلها مع الاتهامات التي وجهت اليه وهو اليوم يحصد نتائجها حتى ان احد المقربين منه قال لو ان الحاكم ترك يدير السياسة النقدية كما يريد دون تدخل المنظومة السياسية التي تحميه اليوم لما وصلنا الى ما وصلنا اليه حيث وصل سعر صرف الدولار الى مئة الف ليرة التي خسرت ٩٨ في المئة من قيمتها ولكان اتبع السياسة النقدية الواقعية بعيدا عن تثبيت سعر الصرف الذي كان موجودا في كل بيانات الحكومات التي تتقدم من المجلس النيابي لنيل الثقة وبعيدا عن سياسة الاقراض بالعملة الاجنبية التي سنها بقانون المجلس النيابي .

قد يلاحظ ان تغييرا قد طرأ على التــعاميم وخصوصا التعميم ١٥٨الذي حصر الســحوبات بال ٤٠٠ دولار اميركي دون ال ٤٠٠ دولار بالعملة اللبنانية على سعر ال ١٥الف ليرة بعد ان كان التمديد لهذا التعــميم يتم تلقائيا وبالتالي لم يعرف ما اذا كان المجلــس المركزي هو من اتخذ القرار وهذا التغيير ان تم برضى الحــاكم وكذلك الامر يمكن معرفة قوة او ضعف المنــصوري من خلال مصـير منصة صيرفة التي يرفضها حسب المعلومات عما اذا كانت ستبقى او تلغى بعد انتهاء ولاية سلامة وان كان عدد المؤيدين لاستمراريتها كبيرا خصوصا موظفي القطاع العام التي يستفيدون منها الا اذا توحد سعر الصرف الذي اصبح وشيكا وهذا مطلب اخر من مطالب صندوق النقد الدولي .

مع العلم انها مرحلة انتقالية يعني حتى القرارات النقدية الاستثنائية لن يتمكن المنصوري من اتخاذها اولا لانه بحاجة الى موافقة المنظومة السياسية وثانيا الى المجلس المركزي وثالثا ان هذا المنصب مرتبط برئيس الجمهورية وهو يعلم ان وجوده كحاكم ينتهي مع انتخاب هذا الرئيس.

لهذه الاسباب سيبقى طيف سلامة يرفرف في مصرف لبنان بعد انتهاء ولايته وسط الغموض الذي يكتنف المشهد المصرفي بالنسبة للفجوة المالية في مصرف لبنان ومن يتحمل المسؤولية او بالنسبة لاعادة هيكلة القطاع المصرفي والمؤسف ان سلامة وصل الى ما وصل اليه اولا لانه لم يضرب بيده على الطاولة ويقول للسياسيين كفى وثانيا لانه كان ضمن هذه المنظومة التي حمته وما تزال ولم يكن باستطاعته الخروج منها.

الديار