ميقاتي يكشف عن ما هو أخطر من السرطان!

جدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة “لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لوقف الاستغلال الطائفي للموضوع والتفاهم على طبيعة المرحلة المقبلة على كل المستويات”.

واعتبر إنّ “الأخطر من السرطان الذي يضرب مجتمعنا العائلي هو السرطان الذي يضرب جسم الوطن وهو سرطان الطائفية والمذهبية”.

وشدد على، أنه “إذا لم نعالج هذه الآفة كما يلزم فاننا سنصل الى مرحلة التفشي الكامل التي لا يمكن معالجته”.

موقف رئيس الحكومة جاء في خلال رعايته في السرايا اليوم إطلاق وزارة الصحة العامة “الخطة الوطنية لمكافحة السرطان 2023- 2028″، بدعوة من وزير الصحة العامة فراس أبيض.

وقال ميقاتي: “نلتقي معا هنا في السرايا لنتحدث عن موضوعٍ يعني كل واحدٍ منا، وهو مكافحة السرطان.فالسرطان هو واحدٌ من أكبر التحديات الصحية التي نواجهها في عصرنا الحالي. فإحصائيات المرض تظهر بشكلٍ واضح أن السرطان أصبح سبباً رئيسياً للوفيات في كل أنحاء العالم وفي لبنان بشكل خاص”.

وتابع، “يؤثر السرطان على حياة المرضى وعائلاتهم، ويشكل تحديًا كبيرًا للمجتمعات والدول. إنه مرض لا يميز بين الشباب والكبار، وبين أغنياء وفقراء. ولذلك، يجب أن نتحد جميعاً لمكافحة هذا العدو المشترك. لقد شهدنا تقدمًا في علاج السرطان وزيادة في نسب الشفاء، وذلك بفضل العلاجات المبتكرة، كما أن التقنيات الحديثة في التشخيص المبكر تمكن من اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة، مما يزيد فرص العلاج الناجح”.

وأضاف، “إلى جانب التقدم العلمي، يلعب الوعي العام والتثقيف دورًا حاسمًا في مكافحة السرطان. والهدف من كل هذه الخطة التي نحن في صددها اليوم زيادة وعي اللبنانيين لاهمية الكشف المبكر والوقاية من السرطان، وضرورة اتباع نمط حياة صحي وتجنب العوامل الخطرة. كما يجب أن نعلّم الأفراد بأن لديهم قدرة كبيرة على التأثير في صحتهم والحد من احتمال الإصابة بالسرطان من خلال اتخاذ خطوات بسيطة مثل التغذية السليمة والممارسة الرياضية والامتناع عن التدخين”.

وأكمل ميقاتي، “السرطان هو قضية وطنية وليست صحية فقط، كما أن مكافحته تتطلب تعاونًا بين العديد من الوزارات مثل الصحة والزراعة والبيئة والتعليم والعمل والصناعة والداخلية… لا يمكن أن يكون خطة السرطان فعالة إذا لم تكن هناك سياسة حكومية تتكامل فيها كافة الوزرات. لقد تم اقتراح العديد من التشريعات والسياسات الوقائية للسرطان ، ولكن للأسف لم يتم تنفيذها، وإنطلاقاً من هذه الخطة نتحمل المسؤولية جميعاً كحكومة ومجلس نيابي بالإسراع في إزالة كافة العقبات الموجودة والمضي قدمًا في التشريعات المقرة أو التي يجب إقرارها”.

وأردف، إن “هذه الخطة الوطنية تشكل بارقة أمل لمرضى السرطان ، فهي لا تطرح الحلول لكيفية الوصول إلى الاستشفاء والدواء فقط، بل أيضاً تطرح تغيير النمط التصوري للسرطان على عدة مستويات بدءا ً من الوعي والتشخيص المبكر، وصولاً إلى العلاجات الطبية والتلطيفية”.

وختم ميقاتي، إن “الاخطر من السرطان الذي يضرب مجتمعنا العائلي هو السرطان الذي يضرب جسم الوطن وهو سرطان الطائفية والمذهبية. ولقد بت على قناعة انه اذا لم نعالج هذه الافة كما يلزم فاننا سنصل الى مرحلة التفشي الكامل التي لا يمكن معالجته. من هنا أجدد دعوتي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لوقف الاستغلال الطائفي للموضوع والتفاهم على طبيعة المرحلة المقبلة على كل المستويات”.

وقال وزير الصحة فراس أبيض “نتوجه بهذا الجهد، اول ما نتوجه، لمرضى السرطان في لبنان، ولوعائلاتهم، واصدقائهم، ومجتمعهم، السرطان ، كما نعلم جميعا ، هو خصم هائل. إنه لا يؤثر فقط على الافراد المصابين بهذا المرض ولكن ايضا على عائلاتهم وأصدقائهم ونسيج مجتمعنا بأكمله. ان المعركة مع السرطان تتجاوز الصراع على مستوى الفرد المصاب، الى التأثير على النظام الصحي والاقتصاد والرفاهية العامة”.

وأضاف، “يشكل مرض السرطان في لبنان عبئاً كبيراً، يساعد في ذلك انتشار المسببات مثل آفة التدخين والتي تطال 50-70٪ من المواطنين، والتلوث البيئي، وغيره، ويسجل لبنان واحدة من أعلى معدلات الإصابة ببعض أنواع السرطان ، مثل سرطان الرئة والمثانة ، والسرطانات المرتبطة بالتدخين.ووفقا لمنظمة الصحة العالمية ، فإن متوسط عمر تشخيص الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء اللبنانيات هو أصغر بعشر سنوات من متوسط عمر تشخيص الإصابة عند نظرائهن الأوروبيات”.

وتابع، “لقد تسببت الأزمة المالية وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بنقص في تأمين أدوية السرطان، بل انقطاعها في مرحلة معينة. وبالرغم من تضاؤل الملاءة، لا تزال الحكومة مستمرة في دعم ادوية السرطان والامراض المستعصية، وقد قامت وزارة الصحة بمعالجة النقص عبر تطبيق “برنامج أمان” وتتبع الدواء، والذي بدأ بتسعة ادوية ويشمل اليوم حوالى ثلاثمائة دواء للامراض السرطانية والمستعصية، وقد تم تسجيل اكثر من 12500 مريض ، حصلوا على أكثر من 25000 عبوة من أدوية السرطان. وكل ذلك بناء على بروتوكولات علاجية موحدة، توخت الاعتماد على احدث الدراسات العلمية، وهدفت إلى ترشيد استخدام أدوية السرطان. وادت هذه الجهود الى التخفيف بشكل كبير من الازمة، وتأمين الوصول الى الدواء للغالبية من المرضى، بالرغم من قلة الامكانيات وضعف التمويل”.

وأضاف، “لكن هذا لا يكفي، وستتطلب المعركة مع السرطان الكثير من الموارد في وقت الشح والعوز، وخاصة اذا كان التركيز ينحصر بالجانب العلاجي. هذا يفسر الحاجة إلى ضرورة مقاربة مجالات أخرى لرعاية مرضى السرطان مثل الوقاية والفحص المبكر والرعاية التلطيفية وإعادة التأهيل”.

وذكر، “اليوم، أقف أمامكم بصفتي وزير الصحة العامة في لبنان لمناقشة مسألة ذات أهمية قصوى – أهمية وجود خطة وطنية لمكافحة السرطان. إن مجتمعنا يواجه تحديا ملحا يتطلب اهتمامنا الفوري وجهودنا المتضافرة. يجب أن ندرك الحاجة الملحة لخطة وطنية للسرطان – استراتيجية شاملة توحد جهودنا وتراكم الموارد وتمكننا من شن معركة جماعية منسقة ضد السرطان. وتكون هذه الخطة بمثابة خارطة طريق ترشدنا نحو مستقبل حيث الوقاية من السرطان والاكتشاف المبكر والعلاج ليست مجرد تطلعات بل حقيقة ملموسة”.

واستكمل، “دعوني أعدد الأسباب الاساسية التي تجعل الخطة الوطنية لمكافحة السرطان ضرورية لمجتمعنا:

أولاً وقبل كل شيء ، توفر الخطة الوطنية لمكافحة السرطان إطار عمل للتنسيق والتعاون. فهي تمكننا من تسخير الخبرات الجماعية للاطباء والباحثين وواضعي السياسات وغيرهم ، مما يضمن أن جهودنا منسجمة ومتآزرة وفعالة. من خلال العمل معا ، يمكننا اختيار أفضل الممارسات وتحسين استخدام الموارد المحدودة ، وتحسين النتائج في نهاية المطاف لمرضى السرطان في جميع أنحاء البلاد. تتميز الخطة الوطنية لمكافحة السرطان بتضافر الجهود المحلية والعالمية، فهي نتيجة تعاون بين اكثر من عشرين من اطباء وباحثي امراض السرطان المتخصصين العاملين في مستشفياتنا الجامعية، وكليات الصحة العامة، مع المراكز والمؤسسات العالمية المتخصصة بمكافحة السرطان، مثل منظمة الصحة العالمية، والمعهد الوطني للسرطان في فرنسا، والجمعية الاوروبية لمراكز علاج السرطان، ومعهد كوري، واكثر من عشرة مراكز وجمعيات علمية متخصصة اخرى، تعاونت مع فريق وزارة الصحة العامة على مدى الاشهر الاخيرة، في وضع علمهم، وخبراتهم، للوصول الى هذه الخطة، ولهم منا كل الشكر والتقدير. كما نشكر Malte Liban, على دعمها في اعداد هذة الخطة.

ثانياً، تمكننا الخطة الوطنية لمكافحة السرطان من تحديد الأولويات وتخصيص الموارد بشكل استراتيجي. فمع محدودية الموارد والاحتياجات المتنافسة ، يجب أن نتخذ قرارات مستنيرة بشأن أين نستثمر جهودنا. تحدد الخطة المعدة جيدا المجالات الرئيسية التي تتطلب الاهتمام ، مثل برامج الوقاية ، ومبادرات الفحص المبكر، والوصول إلى الأدوية الأساسية ، وتطوير مراكز رعاية مرضى السرطان المتخصصة. ومن خلال تحديد أولويات واضحة ، يمكننا تحسين تخصيص الموارد وتعظيم تأثير التدخلات وضمان الوصول العادل إلى رعاية جيدة لمرضى السرطان لجميع مواطنينا”.

علاوة على ذلك، تعزز الخطة الوطنية لمكافحة السرطان الشفافية والمساءلة. فهي تضع أهدافًا وغايات ومؤشرات قابلة للقياس لتقييم تقدمنا في مكافحة السرطان. من خلال مراقبة جهودنا وتقييمها ، يمكننا تحديد مجالات التحسين ، وتكييف استراتيجياتنا ، والتعلم من كل من النجاحات والفشل. هذه المساءلة ضرورية لضمان بقائنا على المسار الصحيح، والوفاء بالتزاماتنا، والسعي المستمر لتحقيق نتائج أفضل”.

وكشف عن، “توفر الخطة الوطنية للسرطان الأمل والطمأنينة للمتضررين من مرض السرطان. إنها تبعث برسالة قوية مفادها أننا ، كمجتمع متكافل ، نقف متحدين في تصميمنا على تخفيف عبء مرض السرطان. وهي تدل على التزامنا الثابت بتحسين جهود الوقاية ، وتعزيز تدابير الكشف المبكر، وتوسيع الوصول إلى العلاجات المبتكرة. من خلال هذه الخطة ، نقدم بصيص أمل ووعد بمستقبل أكثر إشرا ًقا لمرضى السرطان وعائلاتهم”.

وختم الأبيض بالقول، إن “وضع خطة وطنية للسرطان ليس خياراً بل ضرورة ملحة. إنها خطوة مهمة نحو إنشاء نظام رعاية شامل لمرضى السرطان في لبنان، يركز على المريض ويتسم بالمرونة. دعونا نتكاتف ونحشد مقدراتنا الجماعية ونبدأ في هذه الرحلة م ًعا. فمن خلال التراحم، والمثابرة، والعمل الاستراتيجي ، يمكننا إحداث تغيير مهم وعميق في حياة المصابين بالسرطان. ان اهم ما يمكن ان نوفره لمرضى السرطان هو العمل الجاد لايجاد امل بمستقبل افضل، ولعل هذا هو ايضا ما يحتاجه، في هذه الظروف الصعبة، وطننا الحبيب. شفى الله مرضى السرطان، وكل المرضى”.

Exit mobile version