لم تنجح العديد من التطبيقات في منافسة تويتر المتراجع، لكنّ تطبيق “ثريدز” نجح في أقل من 24 ساعة في ضم ما يقارب 15% من إجمالي مستخدمي تويتر النشطين
انخفض حجم الإنفاق الإعلاني على منصة تويتر بنسبة 60 في المئة تقريباً منذ استحواذ الملياردير إيلون ماسك عليها في تشرين الأول من العام الفائت.
لا تمرّ المنصة الزرقاء في أفضل أوقاتها بالتأكيد، فهي تتعرض لانتقادات حادة من المستخدمين والمعلنين، على حد سواء. ومع كل قرار جديد من ماسك تتذبذب أسهم المنصة في البورصة العالمية، ويتراجع عدد روادها.
إطلاق Threads في هذا التوقيت هو بالتأكيد فعل ذكي من شركة Meta، المالكة لـ”فايسبوك”. لذا، سارع عدد من المتابعين إلى وصفها باللكمة القاسية، نسبةً إلى إعلان كل من ماسك ومارك زوكربرغ استعدادهما لخوض قتال داخل حلبة مصارعة.
لكن، من أجل فهم نتائج إطلاق “ثريدز” على تويتر، لا بدّ من الإشارة إلى أنّه، منذ عام، جرت محاولات متعدّدة لإطلاق منصات منافسة لتويتر، أبرزها تطبيق بلو سكاي، الذي أنشأه مؤسس تويتر الأول جاك دورسي والذي لم يتجاوز عدد مستخدميه 300 ألف مستخدم، ثم تطبيق ماستودون، الذي يحظى بنحو 1.7 مليون مستخدم، على الرغم من الحملة الإعلامية الضخمة لطرحه بديلاً من “تويتر”.
لم تنجح التطبيقات المذكورة في منافسة تويتر المتراجع، لكنّ تطبيق “ثريدز” نجح في أقل من 24 ساعة في ضم ما يقارب 15% من إجمالي مستخدمي تويتر النشطين. وبالاعتماد على منصة “إنستغرام”، التي تحوي ملياري مستخدم، تتجه “ثريدز”، بحسب التوقعات، إلى إطاحة تويتر كشبكة تدوين مصغَّر Microblogging.
لكنّ كل هذه المعطيات لا تعني بالضرورة انتهاء تويتر، فالمراقب لقرارات ماسك، منذ استحواذه عليها، يلاحظ بوضوح وجود هدف يسعى له من دون أن يكون هذا الهدف بالضرورة مرتبطاً برضا جميع المستخدمين والمعلنين.
في الأصل، كان الهدف من شرائه تويتر استخدام المنصة لإطلاق عملات رقمية مشفَّرة ولتحويلها إلى مجتمع يتعامل بتقنيات الجيل الثالث من الشبكة Web 3.0. هنا تماماً تكمن أهمية ما فعله زوكربرغ، عبر إطلاقه “ثريدز”. فالتطبيق الجديد يستعدّ، في القريب العاجل، للاعتماد على بروتوكل ActivityPub المتوافق مع أدوات المصادر المفتوحة. بمعنى آخر، إن التطبيق قادر على دمج عدد هائل من التطبيقات والأدوات والخدمات، التي تنتمي إلى فئة تقنية “بلوكتشين” وغيرها من التقنيات اللامركزية.
وبالفعل، جاء تعليق تويتر الرسمي الأول على إطلاق منافستها لـ”ثريدز”، باتهام الأخيرة بأنها اعتمدت على مهندسين سابقين في تويتر قاموا بنقل معلومات وبرمجيات سمحت باستنساخ المنصة الزرقاء بعد إجراء تغييرات في الأسماء فقط، فصارت “ثريد” بديلة من “تغريدة”، و”ريبوست” بديلاً من “رتويت”.
في المدى المتوسط، ومع بلوغها مليار مستخدم، سوف تنتقل “ثريدز” إلى تشغيل حسابات خاصة للمعلنين، وإجراء تغييرات على صعيد التوصيات التي تظهر أمام المستخدم وفي نتائج البحث، الأمر الذي يعني عملياً الاستمرار في اللعبة التي تتنافس فيها كل الشركات المتخصصة بالتقنية العابرة للحدود في جمع البيانات، من أجل إدخال المستخدمين في فقاعات رقمية فردية، تجعلهم “رهائن” لأنماط تفكير واحدة، وتتحكم في خياراتهم وميولهم وآرائهم.
تجدر الإشارة إلى أن “ثريدز” قادرة على جمع أشكال متعددة من البيانات، كالمعلومات الصحية والمالية وجهات الاتصال وسجل التصفح والبحث وبيانات المواقع التي يزورها المستخدم والمشتريات، وحتى “المعلومات الحساسة”، وفقاً لتقرير بشأن خصوصية البيانات في متجر التطبيقات في “آبل”.
ونظراً إلى مسألة الخصوصية والغموض المحيط بها، لم يتم توفير “ثريدز” حتى الآن في الاتحاد الأوروبي، الذي يفرض قواعد صارمة من أجل حماية البيانات الشخصية.
في خلاصة القول، قد يكون زوكربرغ سدّد الضربة الأولى القاسية إلى ماسك، لكن الجولة لمّا تنتهِ بعدُ.