اقتصاد

ثلاثة سيناريوهات لحاكمية المركزي وسعر الصرف بعد 31 تموز!

كتب الأمين العام المساعد لاتحاد أسواق المال العربية د. فادي قانصو
لا شك في أن بيان نواب حاكم مصرف لبنان الذي صدر الأسبوع الماضي هو في الشكل بيان يُعرب عن قلق ومخاوف النواب الأربعة إزاء أي فراغ محتمل في حاكمية المركزي بعد رحيل رياض سلامة، في محاولة منهم لحث الدولة اللبنانية على تعيين حاكم مركزي جديد يستلم زمام السلطة النقدية في ظلّ الظروف الاقتصادية الاستثنائية الراهنة في البلاد والتي تتطلّب تجنّب فراغ جديد في سلطة تكاد تحكم البلاد في ظلّ فراغ رئاسي وحكومي وتحلّل تدريجي في إدارات الدولة. أما في المضمون فإن هذا البيان هو بيان صادر بشكل غير مباشر عن عدد من المرجعيات السياسية التي يمثلونها هؤلاء النواب الأربعة وبالتالي فهو يحمل في طيّاته إجماع سياسي واضح على هروب تكتيكي من المسؤولية منعاً لتلقّف كرة النار ولتحميل النائب الأول للحاكم وزر الأزمة المالية والنقدية، لاسيما وأن نواب الحاكم غير منخرطين بشكل مباشر في أدوات رياض سلامة أو على الأقل غير متفقين معه على معظم قراراته وتعاميمه التي تصدر بقرار شبه منفرد من الحاكم بالتنسيق مع رئيس الحكومة ووزير المال. وهو ما يطرح هنا علامات استفهام حول الاستماتة لتعيين أربعة نواب للحاكم لا يرون أنفسهم منخرطين في السياسة النقدية أو غير مستعدين لتحمّل المسؤولية في ظلّ تلميح مباشر بالإستقالة في حال لم يتمّ تعيين حاكم مركزي جديد.

عليه، فإن مضمون هذا البيان، ومع ما يحمله من رفض واضح للنائب الأول للحاكم تسلّم مهام حاكمية المركز، يحمل في طيّاته ثلاث سيناريوات محتملة:
– السيناريو الأول يكمن في تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان وهو ما كان يدفع باتجاهه عدد من الأطراف السياسية، على رأسهم رئيس الحكومة، ولكنه على ما يبدو قد سقط لإعتبارات دستورية وقانونية وحتى لإعتبارات سياسية داخلية لم تؤمّن إجماعاً كافٍ حوله، وبالتالي فإن تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان لا يبدو حتى الساعة متفقاً عليه أو قابلاً للتحقّق.
– السيناريو الثاني وهو الأقرب إلى الواقع حتى الساعة، يكمن في استقالة النواب الأربعة مع فشل القوي السياسية في تعيين حاكم جديد، ولكن تجنّباً لأي فراغ في السلطة النقدية في ظل هذه الظروف، فإن رئيس الحكومة ووزير المال قد يطلبان من النائب الأول والنواب الآخرين تصريف الأعمال لفترة زمنية محدّدة لحين ملء موقع الحاكمية، من دون اللجوء إلى التمديد لحاكم مصرف لبنان، وهو ما جاء بشكل واضح في بيان مكتب الرئيس ميقاتي لرويترز الإثنين، أن منصب حاكم مصرف لبنان له قانون ينصّ على أن يتولّى النائب الأول لحاكم المصرف مهام الحاكم لحين تعيين حاكم جديد، حيث يتولّى تصريف الأعمال بالتعاون مع النواب الآخرين. في ظلّ هذا السيناريو، من المتوقع أن نشهد استقراراً نسبياً مؤقتاً في سعر الصرف ضمن هامش 85 ألف و90 ألف ليرة للدولار، مع الإبقاء على كل التعاميم والتوازنات النقدية “المصططنعة” التي أرساها المركزي في الفترة الأخيرة عبر منصة صيرفة، تجنباً لأية خضة مالية خلال موسم الصيف.
– السيناريو الثالث يكمن في رفض النواب الأربعة تصريف الأعمال وهو قد يفتح الباب على مصراعيه أمام فراغ في مصرف لبنان، مع شلل تامّ في آليات عمل المركزي من مجلسه المركزي إلى اللجان والهيئات التي يترأسها الحاكم، ما سيكون له بطبيعة الحال تداعيات قاسية جداً على الواقع النقدي وتحديداً على سعر الصرف، خاصةً إذا ما ترافق مع وفق العمل في منصة صيرفة. ولكن بتقديرنا فإن هذا السيناريو لا يبدو قابل للتحقّق مع إصرار القوى السياسي على تأمين ما يلزم من استقرار نقدي لتمرير هذه المرحلة دون هزّات مالية واجتماعية لحين انقشاع الرؤية السياسية ونضوج أي تسوية سياسية قد ينجم عنها انتخاب رئيس للجمهورية.

leb economy

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى