امتحانات الثانوية العامة خالفت التوقّعات!
كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
لم تمر امتحانات شهادة الثانوية العامة بفروعها الأربعة بالسلاسة المنتظرة، قياساً إلى الظروف القاسية التي عاشها بشكل خاص طلاب التعليم الرسمي وأساتذتهم. وهؤلاء الأخيرون «زحفوا» نحو أعمال المراقبة من دون أن يكونوا قد قبضوا رواتب تموز بعد.
مسابقات اليوم الأول لم تكن، بإقرار بعض أساتذة المواد، ببساطة و«تسطيح» مسابقات دورة العام الماضي «التقليدية والخالية من التعقيدات»، رغم أن هذا العام كان أقلّ انتظاماً في ثانويات رسمية عدة. وبالمناسبة، يخوض مرشحو هذا العام الاستحقاق الرسمي الأول لهم، بعدما نالوا الإفادات، عندما اجتازوا «البريفيه» في العام الدراسي 2019 – 2020.
الاحتجاج الأكبر كان على مسابقتَي الرياضيات في شهادة علوم الحياة، المفاجِئة لجهة مضمونها وتسلسلها، وإن تباينت الآراء بشأنها، تبعاً لمستوى استعداد الطلاب، علماً بأن هذا الانطباع لم يقتصر على طلاب التعليم الرسمي فحسب. مسابقة الرياضيات لشهادة العلوم العامة كانت أخفّ وطأة، وإن وصفت بـ«الصعبة» مقارنة مع امتحانات ما بعد كورونا. وقد أبدى بعض الأساتذة خشيتهم من ارتفاع نسبة الرسوب حتى لو أجريت تعديلات على «باريم» التصحيح.
ومِن الأساتذة مَن علق على مسابقة اللغة العربية لشهادة علوم الحياة أيضاً بالقول إن النص حول الذكاء الاصطناعي والعبقرية يطرح على أساتذة وليس على طلاب، كما أن الموضوع الأول في التعبير الكتابي متخصص في التعليم، والممتحن ليس مرشحاً لمباراة دخول في كلية التربية أو دار المعلمين. أما النمط الجديد لطرح الأسئلة في مسابقة مادة الاجتماع لشهادة الاجتماع والاقتصاد فلا يلغي، بحسب بعض الأساتذة، بأنها مسابقة واضحة وسهلة وخالية من المطبات لمن درس واستعد جيداً.
إلى ذلك، بات الخلل الأبرز في الامتحانات تسريب المسابقات على مواقع التواصل الاجتماعي بعيد توزيعها بقليل، أو حتى قبل ذلك على غرار ما حصل مع مسابقة اللغة العربية لشهادة العلوم العامة التي انتشرت أثناء إجراء المسابقة الأولى في الرياضيات. من المسؤول عن ذلك؟ وهل ستفتح وزارة التربية تحقيقاً في الأمر؟ وهل يستطيع فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أن يكشف الفاعل؟
وكان 44 ألفاً و627 مرشحاً قد تقدموا للامتحانات في 236 مركزاً، معظمهم في شهادتَي الاجتماع والاقتصاد (19 ألف مرشح) وعلوم الحياة (17 ألفاً). وبلغت نسبة الغياب العامة 7.5 % فقط، فيما بدا أن العقبات المتعلقة بمراقبة الصفوف ذلّلت، إذ شارك 8 آلاف و457 أستاذاً في العملية، بعدما استعانت الوزارة بصورة أساسية بمعلمي الملاك في التعليم الأساسي الرسمي، والمتعاقدين والمستعان بهم وبمديري المدارس والثانويات كمراقبين عامين، وبنسبة أقلّ بمعلمي القطاع الخاص. عدد المراقبين كان أكثر من كافٍ بما في ذلك في منطقة جبل لبنان، على ما قال لـ«الأخبار» رئيس اللجان الفاحصة والمدير العام للتربية عماد الأشقر، والغياب في صفوف الأساتذة المراقبين لم يتجاوز 4.3 في المئة في منطقة بيروت. ووفق رئيس المنطقة التربوية في بيروت، محمد الحمصي، لم تكن هذه المهمة سهلة ولا سيما لجهة خروج نسبة من الأساتذة إلى التقاعد لا تقلّ عن 40%، إضافة إلى تقديم نسبة ملحوظة من أساتذة التعليم الرسمي طلبات استيداع وإجازات مفتوحة، وعزوف البعض عن تسلّم أوراق تكليفهم بمراقبة الامتحانات.
على باب مركز مدرسة شكيب أرسلان الرسمية، لم تكن حركة أعضاء الاتحاد الطلابي العام ضد «لا عدالة» الامتحانات بالحجم المطلوب، إذ اكتفى عدد من الشبان لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة بالهتاف، بخجل، وطرق البوابة الحديدية للمدرسة، وخصوصاً أن الهدف الأساسي لهذه الحركة هو الاعتراض على سياسات السلطة السياسية تجاه التعليم الرسمي والتي تضع طلابه بين خيارين أحلاهما مر: إما امتحانات غير متكافئة مع التعليم الخاص أو إلغاء الامتحانات.
وبدا لافتاً أن وزير التربية عباس الحلبي، قلّل في تصريحٍ له في نهاية جولته على مركز ثانوية لور مغيزل في الأشرفية من أهمية هذا التحرك بالقول إن «هؤلاء الشبان مدفوعون كي لا نقول مأجورين» داعياً إياهم إلى التحلي بالهدوء.
السؤال الأبرز الذي كان منتظراً أن يجيب عنه الحلبي هو مصير مرشحي «البريفيه»، ولا سيّما لجهة حسم التربويين لواحد من الخيارات الثلاثة المطروحة: العلامات المدرسية والاختبار الوطني في المدارس بإشراف وزارة التربية والإفادات، فأرجأ القرار لليومين المقبلين. وبينما أشار إلى «أننا نحاول أن نراعي ظروف الطلاب من دون أن نمسّ بالشهادة الرسمية»، استفزّه سؤال عما إذا كانت الجهات المانحة تشترط معدلاً عاماً محدداً للنجاح، مؤكداً أن «المموّلين لا يتدخلون ولا يفرضون شروطهم علينا».