تدولرت جميع أسعار السلع لكن لا تزال الجملة التي نسمعها على مسامعنا واحدة، “الأسعار ارتفعت… ولو بالدولار”، إذ يلحظ البعض ارتفاعاً في الأسعار، لا فقط في المؤسسات السياحية، بل في السوبرماركت أيضاً، ويربطون هذه الظاهرة بالموسم السياحي الذي يستغلّه بعض التجار وأصحاب المؤسسات.
نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والملاهي والمقاهي والباتيسري خالد نزهة، في حديثه لـ”النهار”، يورد أنّ “هناك حرّية في الأسعار لكنّنا ضد استغلال أيّ لبناني مغترب أو مقيم وأيّ سائح أجنبي آتٍ إلى لبنان، فاستغلال الموسم السياحي بطريقة سلبية يضرّ بالسياحة وبصورة لبنان طبعاً”.
وعلى المؤسسات السياحية إبراز أسعار جميع خدماتها وأطباقها فجميعها مصدّق من وزارة السياحة. وفي حال غياب الأسعار، يمكن للمواطن أن يشتكي لدى شرطة السياحة. لكن اللافت، وفق نزهة، أنّ المطاعم والملاهي التي يزدحم فيها الناس، والتي أسعارها أغلى من سواها، الإقبال عليها كثيف.
ومنذ ما قبل الموسم السياحي، هناك أماكن أغلى من سواها، وذلك يعود إلى الخدمة التي تقدّمها وموقعها وبكم نجمة تُصنف ونوع الطعام الذي تقدّمه.
وفيما لم يعد لبنان، بأسعار سلعه وخدماته رخيصاً، حتى على سعر الدولار، يوضح نزهة أنّ المؤسسات السياحية تتكلّف كثيراً لتأمين الكهرباء والمياه، وهذا عامل يسهم بزيادة أعبائها وبالتالي زيادة أسعارها.
من جهته، يورد نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد في حديث لـ”النهار”، أنّ “جزءاً من أسعار السلع في السوبرماركت مستقر منذ أن تدولرت الأسعار مثل المنتجات الطازجة كالألبان والأجبان واللحوم. والجزء الآخر انخفض بسبب المضاربة الحاصلة في السوق في الكثير من السوبرماركت، منذ بدء التسعير بالدولار، إذ بات هناك شبه مرجعية بالأسعار، بحيث يمكن للناس مقارنتها بين نقطة بيع وأخرى”.
لذلك، احتدمت المنافسة على السلع، ولا سيما الاستهلاكية منها، و”لا علاقة للموسم السياحي أبداً بأسعار السوبرماركت”، وفق فهد. وإذا ما ارتفع سعر صنف ما في إحدى السوبرماركت، فهو ليس معياراً ولا مرجعاً للسلّة الاستهلاكية. فبالحديث عن ارتفاع الأسعار، علينا النظر إلى أسعار كامل السلة ومراقبتها، “فنحن أمام سوق مفتوحة وهناك أسعار قد ترتفع وأخرى قد تنخفض وغيرها مستقر”.
لكن ما يهمّ، هو استقرار سعر السلة الاستهلاكية، إذ إنّ ارتفاعها يشير إلى ارتفاع ظرفي مرتبط بعامل معيّن، لكن هذا الأمر لم نلحظه في إحصائياتنا، يقول فهد.
ويلفت إلى أنّ السوبرماركت المنضوية تحت لواء النقابة، لا تمثّل كل السوق، وهناك الآلاف من نقاط البيع خارج النقابة، والنقابة لا تتحدّث باسمها، وجميعها خاضع لرقابة وزارة الاقتصاد. لكن برأي فهد، “الرقابة الأساسية التي تخفض الأسعار، هي المنافسة. فبمجرد أن خفضت إحدى السوبرماركت سعر سلعة معيّنة، جميع نقاط البيع المحيطة بها ستخفض أسعارها”.
وتفيد مصادر وزارة الاقتصاد لـ”النهار” أنّه “في إطار التصدّي لاستغلال بعض أصحاب المؤسسات للموسم السياحي، عبر رفع الأسعار، تشدد الوزارة عبر مراقبيها، إجراءات الرقابة على هذه المؤسسات، ومنها المؤسسات السياحية، علماً بأنّ من مسؤولية وزارة السياحة مراقبة أسعار الوحدات السياحية، فالأسعار هذه تصدّق عليها وزارة السياحة”.
أمّا في ما يتعلّق بالمؤسسات الأخرى كالسوبرماركت ومؤسسات توزيع المياه والملاحم وغيرها، الخاضعة لرقابة وزارة الاقتصاد، فهناك تجّار يستغلّون الأزمة لرفع الأسعار، وتقوم الوزارة قدر الإمكان، لدى ورود أيّ شكوى، بتسطير محاضر بحقّهم.
ومع قانون حماية المستهلك الجديد، “نسعى إلى رقابة أقسى ولا سيما مع فرض غرامات كبيرة موجعة على المخالفين في هذه المؤسسات، فحينها، يضطرّ التاجر إلى تعديل أسعاره”.
من جانبه، طالب رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان الدكتور بشارة الأسمر، في بيان، بـ”معالجة موضوع التفلت الهائل في الأسعار في كل القطاعات الغذائية والسياحية والخدماتية والتجارية، ممّا يرهق المواطن والسائح ويضعهما لقمة سائغة أمام المحتكرين وبعض التجار وبعض أصحاب المطاعم والملاهي والمسابح”، وناشد الحكومة “إيجاد السبل القانونية الطارئة لوضع حدّ لتسيّب الأسعار في هذا الظرف الاستثنائي حفاظاً على المواطنين وعلى الموسم السياحي وسمعة لبنان الخارجية”.
النهار