الجائعون باتت لهم مهنة!

كتب داني حداد في موقع mtv:

يتعلّق الأمر بالجوع. مجموعة جائعين الى شهرة ومتابعين و… طعام. انضمّ هؤلاء الى مجموعة الخبراء الذين يتشكّل منهم الشعب اللبناني. خبراء في كورونا، وفي الاقتصاد، وفي الاستراتيجيّة الدفاعيّة وفي كلّ شيء. ربما أسوأهم خبراء الطعام.

يجول هؤلاء من مطعمٍ الى آخر. يتسوّلون الطعام، من السندويش حتى الوليمة. يتحدّثون أمام الكاميرا بمبالغة شديدة عن الطعام الذي يتذوّقونه. دائماً طيّب وشهي ولذيذ. “تبييض” من اللقمة الأولى حتى الأخيرة، وشهادات تُعطى بالطعام من أشخاص لا درسوا فنون الطبخ ولا اطّلعوا على المطابخ العالميّة ومميّزاتها. فقط “يُلعوسون” ويتنهّدون، ويقدّمون النصيحة: زوروا هذا المطعم، وادفعوا الفاتورة. أما الناصح فلا يدفع بل يقبض.
وشهدت ظاهرة الـ “فود بلوغرز” انتشاراً كبيراً في السنوات الثلاث الأخيرة، ويكاد يصعب حصر عددهم في لبنان، وتتراوح مصداقيّتهم بين العدم والوسط. لا مصداقيّة كاملة عند أحد. نقولها براحة ضمير. كيف يمكن لشخص أن يعطي رأياً في طعامٍ قُدّم له مجاناً، بالإضافة الى مبلغٍ من المال؟ كيف نصدّق شخصاً لا ينتقد مطعماً أو طبقاً، بل المطاعم كلّها “طيّبة” بالنسبة اليه؟
هو لا يهتمّ لا بالفاتورة التي سندفعها، ولا بـ “الضرب” الذي سنأكله إن تبيّن أنّ الطعام لا يستحقّ المشوار. يهتمّ فقط بالمتابعين وبالمال. 
والحقيقة أنّ هذه الظاهرة بدأت تؤدّي الى ردّة فعل عكسيّة. حين يدفع المطعم المال الى “فود بلوغر” لكي يقول عن طعامٍ شهيّ، فإنّ الأمر يصبح مشكوكاً به. هي وسيلة تافهة و”رخيصة” للتسويق. 

ويبدو واضحاً أنّ هذه الظاهرة ستستمرّ وتتوسّع، وما من سبيلٍ للحدّ منها الا إبلاغ المطاعم بشكلٍ مباشر: كفّوا عن الكذب علينا عبر من يدّعي صفة “فود بلوغر”. لن يُشبعنا من طعامكم جائعو الشهرة!