اقتصاد

ما البديل عن صيرفة؟

كتب عمر الراسي في وكالة “أخبار اليوم”:

على رغم الانهيارات الكبيرة التي حصلت في البلد في السنوات الاخيرة، وضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة آلية أدت الى استقرار سعر الصرف لذا وقبل ايام من انتهاء ولايته آخر الشهر الجاري، يبدو ان البلبلة السائدة ستتضاعف، وبدأت تنعكس على المواقف الصادرة عن نواب الحاكم الاربعة، ففي حين لوحوا بالاستقالة ما لم يعين حاكم جديد، عادوا وربطوا بقاءهم في مناصبهم باجراء اصلاحات في المصرف المركزي، وصولا في اليومين الاخيرين الى الحديث عن الغاء منصة صيرفة (التي تعتبر احد ادوات الاستقرار). مع الاشارة هنا الى ان نواب الحاكم- وسيم منصوري ، وبشير يقظان ، وسليم شاهين ، وألكسندر مراديان- عينوا في حزيران العام 2020، وكان بامكانهم طرح الاصلاحات او الاعتراض على صيرفة!

وتعليقا على البلبلة السائدة، اوضح الخبير المالي البروفسور جاسم عجاقة، عبر وكالة “أخبار اليوم” ان نواب الحاكم كانوا موجودين حين تم انشاء منصة صيرفة في ايار 2021، سائلا: لماذا لم يعبروا على اعتراضهم وقتذاك؟ بالتالي لا يمكنهم اليوم التنصل من مسؤولياتهم.

وردا على سؤال، حول الكلام عن الغاء صيرفة، قال عجاقة: يبدو ان نواب الحاكم رضخوا او على استعداد للتجاوب لارادة صندوق النقد الدولي الذي يريد الغاء منصة صيرفة، لكن اي خطوة من هذا النوع ستضعهم امام المشكلة الكبيرة، فاذا الغوا المنصة من اين ستموّل نفقات الدولة، علما ان هناك الكثير من النفقات اصبحت مرتبطة بصيرفة ولا امكانية لتوفير التمويل لها من دون صيرفة، الا اذا كان الهدف هو التوجه نحو المسّ بالاحتياطي الالزامي اي اموال المودعين، وعندها سيحتاجون الى غطاء تشريعي من قبل مجلس النواب يخولهم التصرف بالاحتياطي، والى غطاء سياسي لان اي قرار ينوون اتخاذه في هذا المجال لن يرضي جميع الاطراف.
واذ لفت ان نائب الحاكم الاول حين يستلم المهام في مطلع الشهر المقبل ليس لديه كامل الصلاحيات الخاصة بالحاكم نفسه.
وفي هذا السياق، سأل عجاقة: ما هي خطتهم البديلة؟ محذرا من ان الغاء صيرفة دون بديل سيؤدي الى مزيد من الخراب النقدي، ما سيؤدي الى ارتفاع كبير لسعر صرف الدولار دون وجود سقف يحده!

وهنا اكتفى عجاقة باعطاء مثل واحد وهو رواتب موظفي القطاع العام التي تتراوح ما بين 7 و8 تريليون ليرة شهريا التي يؤمنها مصرف لبنان بالدولار من خلال منصة صيرفة، وبالتالي فان وقفها يعني ضخ هذا المبلغ بالليرة، تضاف اليهم رواتب القطاع الخاص بالليرة اللبنانية التي في معظمها تحول الى الدولار وفق التعميم 161 ، وكل ذلك يعني ضخ نحو 10 تريليون ليرة لبنانية بالسوق شهريا وبالتالي خلال اقل من سنة ستضاعف الكتلة النقدية وستدفع سعر الصرف الى الارتفاع!

واذ اعتبر ان نواب الحاكم ليسوا اصحاب اختصاص في ادارة مصرف لبنان او في السياسات والهندسات النقدية، قال عجاقة: حتى اذا عين مجلس الوزراء احد الخبراء في السياسات النقدية، فانه لن يستطيع فعل شيء الا العودة الى السياسة التي وضعها سلامة، لانه لا يوجد اي خيار آخر، ومعلوم ان صندوق النقد لن يقدم اي دعم دون اصلاحات وهذا ما لم تقدم عليه السلطة، كما ان خيار المس بالاحتياطي الالزامي البالغ 9.5 مليار دولار لن يكون صائبا.

ختم: القصة ليست متعلقة بالاسماء بل بالخيارات، واذا تم الغاء صيرفة، لا يوجد بديل عنها اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى