تسلّمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء من وزارة المالية موازنة 2023 بعد تأخير وصل إلى حوالي الـ 8 أشهر، وستعقد حكومة تصريف الأعمال جلسات متتالية لمناقشتها وإقراراه بدءًا من الإثنين المقبل، فماذا في أرقام الموزانة من سلبيات وإيجابيات على مستوى الدولة والمواطنين؟
وقد غرّد مدير عام شركة الدولية للمعلومات جواد عدرا كاتباً: “مشروع الموازنة العامة 2023 النفقات: نحو 2 مليار $، الإيرادات: نحو 1.6 مليار $، موازنة بغياب الإيرادات المحصّلة للعام 2022، وبإيرادات غير واقعية لـ 2023. تعديلات إيجابية معدودة في تصحيح الشطور. تقرير مفصّل بعد قليل على موقع الدولية للمعلومات”.
هذه التغريدة التي تحدّثت عن إيرادات غير واقعية، يشرحها الباحث في الدولية للمعلومات صادق علوية لكنه ينطلق من المشكلة الأساسية التي لا تسمح لوزارة المالية بأن تكون جاهزة لوضع موازنة ولا تسمح بالتالي لمنتقديها أن يقيموها بشكل واضح، لأن المشكلة الأساسية هي غياب الإيرادات الفعلية لعام 2022، لأنه عادة في الموازنات تُحتسب الإيرادات المحصّلة فعلياً ولأن وزارة المالية لم تضع قيمة هذه الإيرادات المحصلة فعليا عام 2022 وضعت الايرادات المحصلة عن عام 2021 وبالتالي هذا يدل على أن الأرقام غير متوفرة لدى المالية، وهذا أمر بغاية الخطورة لأن تقييم الضرائب والإيرادات المقررة يجب أن يتم بناء على ما حصل في العام السابق.
وأما من الإيجابيات في موازنة 2023 ما تتعلّق بتصحيج الشطور الضريبية بالنسبة لرواتب وأجور ومعاشات التقاعد فتصحيح الشطور وفق أرباح المهن التجارية والصناعية، لأنه كما نعلم أن العملة تضخّمت وبالتالي هذا الأمر بإمكاننا إعتباره إيجابي بالنسبة للشطور الضريبية.
كما تضمّنت الموازنة، وفق ما يشرحه علوية، رفع العديد من الرسوم التي تم رفعها، أي أنه بشكل عام ضمت الموازنة عدد كبير من الرسوم والتي هي التالية:
رسم الانتقال، تعديل الشطور، رفع رسوم على السوائل الكحولية، ورسم إستهلاك على السوائل الكحولية المنتجة محليا، تعديل رسم الترخيص السنوي على متاجر بيع المشروبات الروحية، تعديل الرسوم على رسم التدخين بالمؤسسات السياحية، تعديل الرسوم على إنتاج الاسمنت، مضاعفة الرسوم بأكملها التي لم ترتبط بالدولار سابقا بنسبة 30 مرة، تعديل رسم الترشّح للإنتخابات البلدية والإختيارية, أصبح رسم الترشيح 15 مليون بدلاً من 500 ألف، تم رفع الغرامة على التأخير بتنفيذ وسائل الوفاة، تعديل 111 معاملة برسم الطابع المالي لكافة الرخص والإجازات والمعاملات تم تعديلها ما بين 3 أضعاف إلى 50 ضعفاً، كذلك رفع الرسم المقطوع الذي يدفعه أصحاب المولدات، تعديل الرسوم القضائية 10 أضعاف.
تم فرض رسم على دخول الشاحنات الاجنبية، تم تعديل دعم بطاقات دخول الكازينو وهذا أمر إيجابي لأن البطاقات منذ عام 2003 تقريباً 10 آلاف اليوم أصبحت 500 ألف، تم إضافة نص يسمح للدولة أن تستوفي حصّتها بالدولار من بعض المشاريع ومنها إيرادات ألعاب الكازينو التي يحققها بالعملة الاجنبية، تمّ فرض رسم إستهلاك على المشروبات الغازية والطاقة والتي فيها السكر بمعدل خفيف 5000 على كل ليتر، تم تعديل بدل الرسم السنوي للأرقام المميزة للسيارات, زيادة رسوم لوحات التسجيل ورخص السير بمعدل 10 أضعاف تقريبا، تم فرض رسم جديد على تصدير مواد الخام والمخلفات معادن ورق كرتون بمعدل 10 بالمئة على قيمة كل عملية تصدير، فرض رسوم على منتجات التبغ وبدائلها 7500 على كل علبة سجائر 75000 على كل كيلو معسل .
ويخلص إلى أن أرقام الإيرادات التي وضعتها الحكومة أو المالية ليست إيرادات واقعية لأنه على سبيل المثال الأرقام المتوقّعة أن تجيبها من الضرائب مثلاً على القيمة المضافة يفترض أن تكون رقماً واقعياً يبيّن قيمة التضخّم الذي حصل منذ عام 2021 حتى عام 2023 وهذا غير واضح بالأرقام, فلو كانت الحكومة لديها أرقام 2022 للتحصيل الفعلي، كانت بإستطاعتها وضع أرقام صحيحة وبالتالي الأرقام وبكل بساطة غير واقعية وقد تكون أكثر أو أقل.
كما أن هناك نصّاً يتعلّق بالمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، فغلاء المعيشة الذي أقر بمراسيم خاصة سيخضع إلى حسم من أساس الراتب وهو أمر مخالف لقانون العمل،لذلك نقول أن الأرقام غير واقعية.
تقدّر الحكومة أن نفقاتها هي 181 مليار وبالدولار تبلغ تقريبا مليارين، فإذا كان فعلا نفقات الدولة بما فيها الموظفين وفق هذا الرقم, فهذا غير واقعي، والإيرادات برأيه غير واقعية أيضا لأنه غير منطقي أن نبني على أرقام 2021 حيث كنا بأزمة وكان البلد خارج من إنفجار المرفأ وكان التضخم ليس بهذا الحجم وسعر الدولار بما يقارب الـ 24 ألف.
وإذ يذكر أن الدولة التي فرضت رسوم على المشروبات الروحية لم تترجم هذه الرسوم بجداول يحتسب من خلالها حجم الرسوم التي ستجنيها الدولة منها وكل ما حصل هو يشبه عملية “الشلف”.
ويوضح علوية, أن “الموازنة قائمة بشكل أساسي على ضريبة الدخل في الرواتب والأجور، في حين أن الموازنة عدّلت الشطور الضريبة والذي سيؤدي إلى انخفاض الضريبة لتنخفض بذلك ضريبة الدخل في الرواتب والأجور وهو أمر إيجابي للناس، لكنه حتماً أمر سلبي على الخزينة”.
ولا يرى أن هناك من مانع على الصعيد القانوني لأن تقر حكومة تصريف الأعمال الموازنة، ويبقى تصديقها بالمجلس النيابي، مذكراً أن الموازنة قد تأخرت لعرضها على مجلس الوزراء حوالي الثمانية أشهر.