صيرفة “مفتقدة” للشفافية في ظل توجه لبنان لإلغائها
أوضح الخبير الاقتصادي منير يونس أن “قانون النقد والتسليف في لبنان، يسمح بتدخل مصرف لبنان بسوق القطع وفق شروط معينة، “خصوصا إذا كان لديه احتياطي صافي خاص به، وليس دولارات المودعين”.
وأكّد يونس في حديثه لموقع “الحرة” ” أنّ “في الواقع المنصة كانت تدافع عن سعر الصرف من أموال المصارف والمودعين، بكون ما يملكه مصرف لبنان من احتياط دولارات مصدره توظيفات المصارف الإلزامية وشهادات الإيداع، وليست احتياطات خاصة، وبالتالي المنصة بنشأتها كانت مخالفة لقانون النقد والتسليف”.
وأضاف، “دائما ما كانت الشفافية مطلوبة على منصة صيرفة من جهات متعددة، بينها البنك الدولي، ونواب حاكم مصرف لبنان أنفسهم، الذين عبروا في أكثر من مناسبة عن معارضتهم لطريقة عمل “صيرفة”.
وتابع، “أبرز مظاهر انعدام الشفافية تتمثل في عدم إمكانية معرفة الجهات المستخدمة للمنصة، فعندما يكون هناك منصة للتداول او بورصة، يفترض أن يكون لها قيود تسجل في مقاصة، تظهر من اشترى ومن باع، مع إمكانية وصول لهذه المداولات، وإظهار واضح لهوية الحسابات في حال تم طلبها من الجهة الرقابية، وهو ما ليس متوفرا على صيرفة”.
هذا الواقع بحسب يونس، أفرز إمكانية تربيح فئات دون أخرى، حيث تلعب المحسوبيات دورا بارزا في الاستفادة، ولاسيما لناحية المتمولين، والمصارف، والشركات، والمضاربين.
وبينما شكل خبر التوجه للتخلي عن “صيرفة” بارقة أمل لكثير من الطامحين لتوحيد سعر الصرف وتحريره في لبنان، من أجل وقف النزيف الحاصل في احتياطات مصرف لبنان، يخشى آخرون من الآثار المالية المترتبة عن إمكانية التخلي عن المنصة، خاصة وأنها الضابط الوحيد لسعر الدولار.
وفي هذا السياق يرى يونس أنه “لن يكون هناك تداعيات لتوقف “صيرفة” إذا ترافق ذلك مع جملة إصلاحات مالية ومصرفية وإقرار لقانون الكابيتال كونترول وإعادة هيكلة للمصارف وموازنة بعائدات ضريبية جيدة، والعودة إلى الدفع بالليرة في الأسواق بدلا من الدولار، “حينها يمكن للمنصة الحرة أن تنجح بتحرير سعر الصرف وتحقق استقراراً معينا”.
لكن يبقى دون ذلك عقبات سياسية رئيسية تتمثل في انعدام إمكانية التشريع النيابي في ظل الفراغ الرئاسي في لبنان، وعدم إمكانية إطلاق خطة حكومية إصلاحية بكون الحكومة الحالية يقتصر دورها على تصريف الأعمال لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد.
في ظل هذا الواقع، “سنكون أمام انفجار في سعر صرف الدولار” على حد تعبير يونس، الذي يضع المسؤولية في هذه الحالة على “الجهات السياسية المنتخبة التي اختارها الشعب اللبناني لحماية مصالحه ولم يفعلوا”، معتبرا أن انفجار سعر الصرف يجب أن يحرك المسائلة لدى الناس.
وفي السياق نفسه، يميّز فحيلي ما بين التداولات الجارية وفق التعميم 157، والتي يدفعها مصرف لبنان للمصارف من توظيفاتها لديه، أي أموال المودعين لدى المصارف، وبين تمويل صرف رواتب القطاع العام الجارية وفق التعميم 161، التي يؤمن مصرف لبنان دولاراتها من السوق الموازية.
وأشار الخبير بالمخاطر المصرفية محمد فحيلي إلى أن “القطبة المخفية بسبب غياب الرقابة على المنصة، كانت في إجراء المصارف لعملياتها وفق التعميم 157 وتسجل كتداول بأموال المودعين، ثم تمررها تحت احكام التعميم 161 لتحافظ على موجوداتها لدى مصرف لبنان، فلا تتناقص، في خطوة “تفتقد للمهنية والمناقبية” بحسب فحيلي.
بينما يؤكد فحيلي أن “أحدا لا يتحدث اليوم عن إلغاء منصة صيرفة دون وجود البديل، بما فيهم نواب حاكم مصرف لبنان، مستبعدا أن يؤدي ذلك إن حصل لصدمة اقتصادية كبيرة، “بحكم عدم وجود فارق كبير بين سعر صيرفة وسعر السوق السوداء اليوم”، لافتا إلى أن “الهاجس الأساسي يكمن في تفادي الضغوطات التضخمية التي من شأنها إعادة ضرب القدرة الشرائية لرواتب الموظفين، ولاسيما القطاع العام”.
ويتفق الخبيران الاقتصاديان على أن منصة “صيرفة” تحولت بفعل كل ذلك إلى “صندوق أسود” وغامض، يحتاج إلى تدقيق، “وربما تدقيق جنائي” بحسب يونس الذي يؤكد على حق “اللبنانيين المأزومين” في معرفة من استفاد من أرباح الـ 2.5 مليار دولار.