تحضير المسرح لِعودة فرنجية!
صيف ملتهب مقبل على لبنان يزيد من سخونة الأجواء السياسية الحامية أصلا، قد يخفف من حرارتها نضوج طبخة اللقاء بين حزب الله ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، قطعا للطريق على كل آمال الطلاق الذي كان قاب قوسين أو أدنى.
ولكن عوامل خارجية وداخلية، أسهمت الى حد بعيد في تغيير الأولويات غير المعلن حتى اللحظة، سوى في الجلسات الخاصة.
فبعد لقاء الدول الخمسة الأخير، والذي بدا وكأنه لا يملك بذور الحل في لبنان، نظرا لتداخل الآراء حول اسم الرئيس، وميل البعض الى أسماء لا تحظى بالمقبولية، فيما عزوف البعض الآخر عن الخوض في لعبة الأسماء، يبدو أن لا خيار تبقى أمام اللبنانيين سوى الاتفاق فيما بينهم لتحريك المياه الراكدة في المشهد السياسي، سعيا لإنتاج حل يخفف وطأة ما هو مقبل على لبنان في المرحلة القادمة.
ولعل التلاعب الذي حصل الأسبوع الماضي في سعر صرف الدولار، وتناقل الحديث عن توجه نواب الحاكم الأربعة الى الاستقالة، وتقدم احتمالية التمديد التقني للحاكم، كلها نماذج لواقع لا يبشر بالخير وبروفا لما يحضر في الكواليس، وتوجه لتعقيد المشهد أكثر فأكثر، ما يقتضي المسارعة إلى إيجاد حل.
وفي هذه الأجواء، وفي ظل دعم قطر لقائد الجيش العماد جوزف عون، خصوصا بعد استطلاعها الذي استبق حضور المبعوث الفرنسي الخاص الى بيروت جان ايف لو دريان، والتي هدفت منه جس نبض القوى اللبنانية ومدى تجاوبها مع طرح الحوار الوطني في الدوحة، فإن باسيل يرى في هذا الخيار لملء كرسي الشغور تهديدا وجوديا، قد يدفعه لإعادة النظر في موقفه من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مع بعض الضمانات.
حتى الآن لا زالت اللقاءات بين باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا قائمة، علها تنتج لقاء موسعا يخرج الى الإعلام بنتيجة مرضية.
الا ان اللافت على هامش هذه اللقاءات ما يتداول على لسان بعض مؤيدي التيار الوطني الحر، ونوابه، من أن الاتفاق على المبدأ قائم وهو الأهم في مقابل الحديث في شخصية الرئيس المقبل للبلاد.
تحول في الموقف، يبنى عليه، فهو يؤشر الى قرب اقتناع باسيل بتغيير موقفه من فرنجية، وربما لا، فقد يكون حراكه الحالي لمجرد كسب الوقت، بغية الوصول الى كانون الثاني موعد تسريح العماد عون لإحراق ورقته، في وقت يبرز السعي من قبل الدول الخمسة، وفي مقدمتها فرنسا للضغط على حزب الله من أجل إلزامه على التنازل عن دعم فرنجية مقابل لا شيء، ليصار بعده الى البدء بدعم لبنان.
ومع كثرة التوقعات التي تستبعد ان يكون إنهاء الشغور الرئاسي قريبا، تقابلها توقعات اللقاء القريب بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والذي بعد إتمامه، ان حصل، ترتفع حظوظ فرنجية ويضخ دم جديد في مسألة إخراجه من دائرة المستحيل الى دائرة الممكن، والدافع الرئيسي لعودة جبران هو المعلومات المتوافرة لديه ان هناك تأييد دولي كبير لجوزيف عون، وهو يريد ان يقطع الطريق عليه، ولخدمة الهدف لا حل أمامه سوى الموافقة على حوار مع حزب الله على سلة أسماء بينها سليمان فرنجية.
ولكن حتى اللحظة، لم تصدر عن جبران أي عبارة تشير الى انه يقبل بسليمان، ولكن مؤيديه بدأوا بتحضير المسرح للعودة الى هذا الخيار، فيما بدأ جبران من جانبه بالحديث عن مطالب محددة، وعلى رأسها الصندوق السيادي واللامركزية الإدارية الموسعة، وبالتالي يمكن أن تكون موافقة جبران على ترشيح فرنجية مسألة وقت لا أكثر.
ومن الممكن أن يكون اللقاء المرتقب بين جبران والسيد بعد عاشوراء، إذا ما تطورت المفاوضات القائمة حاليا بين صفا وباسيل، وتوصل الطرفان الى نتائج إيجابية، وذلك للاتفاق على التفاصيل وحسم الموقف.
أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا، فانعطافة باسيل ولو متأخرة نسبيا يمكن ان تجنب لبنان فراغا قد يمتد من دونها الى ما بعد انتخابات العام 2026، فهل تكتمل أم تبقى دعسة ناقصة؟