هذيان في وزارة العدل إرضاءً لباسيل… القاضي يضرب الدستور!
حالة من الهذيان تسيطر في هذه المرحلة على وزارة العدل الذي لا يعدم وزيرها القاضي هنري خوري وسيلة للسير بركب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المطالب بتعيين حارس قضائي على مصرف لبنان من أجل وضع اليد عليه.
ووفق المعلومات، فإن “وزارة العدل تتحضر للتقدم بطلب تسمية مدير مؤقت لدى قضاء العجلة الإداري أمام مجلس شورى الدولة وذلك في ضوء ما يمكن ان يستجد من تطورات خلال اليومين المقبلين وتفادياً لأي فراغ يصيب مركز حاكمية مصرف لبنان وتأميناً لسير المرفق المالي والنقدي”.
فما هو الموقف القانوني والدستوري من عمل كهذا وهل يحق للقضاء الحلول مكان السلطة التنفيذية؟
تؤكد مصادر قانونية رفيعة المستوى، أنه “وفق قانون النقد والتسليف يعتبر المصرف المركزي شخصاً من أشخاص القانون العام، لا يخضع لقواعد القانون الخاص التي تتحدث عن تعيين حارس قضائي لتلافي الضرر بمؤسسة خاصة متنازع عليها، فمن يدير المرافق العامة كمصرف لبنان هو دستورياً مجلس الوزراء إستناداً إلى نصوص دستورية واضحة لا سيما المادة 65 والمادة 66 من الدستور والتي تحدد هذه الصلاحيات وتعطي للسلطة التنفيذية هذا الدور في تعيين من يتولى هذه المرافق او مؤسسات القطاع العام كمصرف لبنان”.
وتوضح المصادر، أن “دور السلطة القضائية ينحصر في الرقابة كمجلس شورى الدولة الذي يراقب أعمال المؤسسات العامة ويقرر إبطال أعمالها المخالفة للقانون، وحتى لو إمتنعت السلطة التنفيذية عن تعيين حاكم مصرف أصيل لا يستطيع القضاء الإداري أن يحل محل هذه السلطة التنفيذية لأن هناك ما يسمى مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في مقدمة الدستور، لأن للسلطة التنفيذية دور ما وللسلطة القضائية دور آخر”.
وبما أن تعيين حاكم هو من صلاحيات السلطة التنفيذية، فتشدد المصادر على أن “دور السلطة القضائية ومجلس شورى الدولة يقتصر على مراقبة هذا التعيين إذا تم بصورة مخالفة للقانون، ويمكن عندها إبطاله بقرار من مجلس شورى الدولة”.
لكن الامر الأساسي كما تقول المصادر هو أنه في حال لم يعيّن مجلس الوزراء حاكماً للمصرف لا يجوز لمجلس شورى الدولة أن يعيّن لا حارس قضائي ولا مدير مؤقت لأنه سلطة رقابة فقط على عمل السلطة التفيذية”.
أما عن إستناد وزير العدل إلى تعيين حارس قضائي على تلفزيون لبنان، فتنبّه المصادر هنا إلى أنه “لا يجوز المقارنة بين “الشامي والمغربي” أي لا يجوز المقارنة بين المصرف والتلفزيون، فصحيح أن الأخير مملوك من الدولة ممثلة بوزارة الاعلام، لكنه شركة تجارية خاصة مقيدة بالسجل التجاري، وهذه الطبيعة القانونية تنقل الموضوع كلياً من دائرة القانون العام إلى دائرة القانون الخاص أي يصبح خاضعاً لإمكانية تدخّل القضاء عبر قاضي الأمور المستعجلة لإتخاذ تدبير من نوع حفظ وحماية هذه المؤسسة وهذا المال من خلال تعيين مدير مؤقت أو حارس قضائي، لأنها شركة تجارية”.
وترى أنه “بمجرد القبول أنه يحق للقضاء الإداري تحديداً أن يحل نفسه محل السلطة التنفيذية ويطيح بمبدأ فصل السلطات ويعيّن شخصاً ما يسميه حارس قضائي أو مدير مؤقت، ومجرد القبول بالإطاحة بمبدأ فصل السلطات فسيتم الانتقال عندها إلى زوال مبدأ فصل السلطات مما يعني أن هذه المخالفة يمكن أن تطبق في سائر الميادين ووظائف القطاع العام بما فيها الوظائف الدستورية ومن ضمنها أيضاً رئاسة الجمهورية”.
وتسأل المصادر: “إذا تم التسليم بأن يقوم قاضي العجلة الإداري أو غير الإداري بتعيين حاكم مصرف أو مدير مؤقت مكانه لماذا لا يمكنه تعيين قائد جيش مثلاً أو رئيس جمهورية حتى”، وعليه تعتبر المصادر أن “هذا هذيان ويقارب اللامعقول والخيال لما يحمل ذلك من إبتعاد عن المبادئ الدستورية والإطاحة بهذه المبادئ”.
وتؤكد أنه “مع هذا الخيار يمكن أن يذهب الخيال بالبعض للحديث عن إمكانية تعيين حارس قضائي لرئاسة الجمهورية”.
وترفض المصادر المنطق القائل أن “مصرف لبنان تاجر يمارس الأعمال المصرفية لأنهم من هذا الباب يدخلون إلى الموضوع، لكن هذا يستوجب الإنتباه إلى أن معظم الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة تقوم بالأعمال التجارية مثل وزارة الطاقة أو الاتصالات أو الجمارك أو المرفأ أو المطار ومؤسسة كهرباء لبنان”.
وخلصت إلى أن “اعتماد هذا المعيار مع مصرف لبنان سينسحب على بقية المؤسسات، وبالتالي نكون قد ضربنا الأسس الدستورية وأولها مبدأ فصل السلطات، فالقاضي يحاسب السلطة عندما تخطئ ولا يحل محلها”.
المصدر: ليبانون ديبايت