منذ أيام توقفت منصة صيرفة عن التداول أو بمعنى أصح توقف مصرف لبنان عن بيع الدولارات عبر منصة صيرفة. مرّ الأمر ببساطة من دون أي جلبة. استمرت حال الهدوء في السوق السوداء وبقي سعر صرف الدولار على استقراره. تترقب السوق إطلاق المنصة الجديدة التي وعد بها نواب الحاكم الأربعة. وعليه، تم استيعاب توقف منصة صيرفة بدعم من عوامل أخرى.
وبخلاف ما روّج البعض عن استمرار منصة صيرفة لحين إطلاق بديلتها، جاء توقف منصة صيرفة كجزء من مرحلة انتقالية إلى منصة جديدة، يجري التحضير لاطلاقها في المرحلة المقبلة كما هو مخطط.
فما هي تلك المنصة؟ وما مصير المتعاملين مع منصة صيرفة، الذين أودعوا أموالهم في وقت سابق لدى المصارف بانتظار شراء الدولارات بسعر صيرفة؟
استقرار الدولار وغياب صيرفة
على الرغم من إرجاء المجلس المركزي لمصرف لبنان البت بمصير منصة صيرفة إلى جلسته المقبلة، المزمع عقدها الأسبوع المقبل، حسب ما أفادت المعلومات، غير أننا نجد أنها توقفت من تلقاء نفسها منذ أيام، بفعل توقف مصرف لبنان عن قبول طلبات صيرفة، وتعليق المصارف العمل وفقها.
وكانت منصة صيرفة قد تعرّضت لانتقادات من مؤسسات دولية، لافتقارها إلى الشفافية ومعايير الحوكمة، بالإضافة إلى تحوّلها إلى أداة للتربّح السهل من قبل أسماء وجهات مجهولة، لا يمكن معرفتها أو تعقب مسارات الأموال المُباعة عبرها. ولا ننسى تكريس منصة صيرفة لتعدد أسعار الصرف، خصوصاً في ظل فارق سعر الدولار بينها وبين الأسعار المتداولة في السوق الموازية.
توقفت طلبات منصة صيرفة، وتوقف التداول عبرها. لكن المتعاملين بها لم تنته علاقتهم بالمصارف. فالطلبات التي سبق أن تقدموا بها إلى المصارف، وأودعوا بموجبها أموالاً في حساباتهم بانتظار شراء الدولارات بسعر صيرفة، قد علقت في الوقت الراهن. إلا أن هؤلاء سيتمكنون، حسب مصدر مصرفي، من استعادة أموالهم تدريجياً، رغم تعليق العمل بمنصة صيرفة، مع احتمال أن تتمكن بعض المصارف من سداد الأموال بالدولار، أي بيع الدولار مما تبقى لديها من كوتا، أو في حال كانت تلقت في وقت سابق موافقات من مصرف لبنان على تمرير تلك الطلبات، في وقت ستعجز فيه مصارف أخرى عن تمرير طلبات صيرفة، وستقوم بإعادة الأموال لأصحابها كما أودعوها وربما على أكثر من دفعة.
منصة جديدة؟
وعد نواب حاكم مصرف لبنان منذ ما قبل تسلمهم مهامهم في القيام مقام الحاكم الفعلي للبنك المركزي، بعد انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة، بتعليق العمل بمنصة صيرفة واستبدالها بمنصة جديدة أكثر شفافية، تتمتع بمواصفات عملية، على أن تشكّل خطوة جدية في سبيل توحيد أسعار الصرف في المرحلة المقبلة. والأهم من كل ذلك، يحاول نواب الحاكم بالعمل على منصة جديدة أن يوقفوا النزف الحاصل باحتياطات مصرف لبنان، ووضع حد للخسائر المتراكمة في ميزانية مصرف لبنان، خصوصاً أن تكلفة صيرفة لا تقل عن 800 مليون دولار شهرياً.
ويحاول نواب الحاكم في الوقت الراهن إجراء تشاورات مع مزودين دوليين، للوصول إلى آلية نهائية لمنصة إلكترونية تلبي الحاجات المطلوبة، وفق معايير شفافة تظهر هوية بائعي ومشتري الدولارات، وكشف حساباتهم من قبل الجهات الرقابية.
وتفيد المعلومات بأن نواب الحاكم الأربعة يضعون اللمسات الأخيرة على منصة إلكترونية جديدة، من المتوقع أن يتم إطلاقها خلال شهر آب الجاري. لكن يتخوف ألا تلبي طموحات المستفيدين من أرباح منصة صيرفة الحالية. فالمنصة المرتقب إطلاقها لن تكون متاحة لكافة عملاء المصارف -حسب المصدر- بل ستكون موجهة إلى الفئات الأكثر حاجة للدولارات، وهم موظفو القطاع العام الذين سيستمرون بتقاضي رواتبهم بالدولار الأميركي، من خلال تحويله من الليرة إلى الدولار وفق سعر المنصة.
لكن بموازاة ذلك، ثمة عوائق قد تؤخر إطلاق المنصة، فيما لو تم ربطها بخطة الإصلاحات التي اشترطها نواب الحاكم، أو ربما ببعض بنودها كتشريع عملية الصرف من احتياطي مصرف لبنان. وحينها سيواجه موظفو القطاع العام أزمة رواتب في آخر شهر آب.
المدن