كم مرة ومرة خرج علينا النائب جبران باسيل، ليعلن أنه حسم امره بشكل نهائي، في رفض ترشيح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، من دون إفساح أي مجال للمناورة أو المفاوضة أو المقايضة، او عملية البيع والشراء، واذ نراه يُعلن عن جملة شروط طرحها على حزب الله للسير قدماً “بمرشح بنشعي”، وفق معطيات تقول إنّ ردّ حارة حريك سيأتي بموافقة مبدئية لما طرحه باسيل.
هذا ما أكده عضوا تكتل لبنان القوي النائب آلان عون والنائب أسعد درغام، أن “باسيل لمّح في خطابه السابق الى أنه سيتماشى مع خيار الثنائي بترشيح فرنجية، ايضا تأكيد درغام في سلسلة اطلالات تلفزيونية بحيث قال: انّ القبول بفرنجية وارد جداً إذا قبل الحزب بشروط التيار الثلاثة أي الصندوق الائتماني وبناء الدولة واللامركزية ونطمح الى اتفاق مع الحزب قبل أيلول على حد تعبيره”.
إذاً، الصفقة بين التيار الوطني الحر والحزب باتت قريبة جداً، وعملية شراء الرئاسة من باسيل صارت بحكم الامر الواقع، اذ الرجل “كوّع” 180 درجة عما كان يطرح من مواقف صارمة برفضه فرنجية، تارة بأن جمهور التيار من الصعب ان يقبل به، لا سيما أن زعيم التيار الوطني الحر غير قادر على تبرير دعم هذا الترشيح أمام قواعده الحزبية، وتارةً أُخرى بالحجة التي ارتكز عليها بمعظم خطاباته ومؤتمراته الصحافية على شاشات التلفزة، انّ قاعدة الرئيس الأقوى في طائفته والأكثر تمثيلاً التي لا تنطبق بطبيعة الحال على “مرشّح بنشعي”، كما الخوف الذي ينتاب باسيل من أن يتكرر مع وصول فرنجية مشهد الترويكا التي حكمت لبنان بعد عام 1992 لسنوات طويلة.
في واقع الامر، وفق المراقبين والمطلعين، انّ باسيل انقلب على مواقفهِ ليكون لديه حصة الاسد في الصندوق السيادي وغيره، فبين فرنجية وقائد الجيش جوزاف عون، إختار الاول، كي يزيح عنه كأس المر في حال وصول العماد عون الى بعبدا، خشيةً من فقدان السلطة والقدرة والسيطرة على تياره في سيناريو سيكون كارثيّاً عليهِ، في المقابل يدرك باسيل جيداً، انّ جملة الشروط المنصوصة التي طرحها على الحزب، من الصندوق الإئتماني، الى المركزية الإدارية والمالية الموسعة، لا يمكن اقرارها الا تحت قبة البرلمان وبموافقة غالبية الكتل النيابية…
فأمام هذا الانقلاب على المعارضة اولاً بعدما تقاطع معها على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، وامام الانقلاب الثاني على جمهوره، فالسؤال البديهي الذي يُطرح على الرجل… إلى أين؟