تتوالى الأزمات التربوية التي تصيب القطاع التعليمي عمومًا والرسمي خصوصًا، والتي تشتد عامًا بعد عام في ظل عدم توفّر الحلول الناجعة لإنقاذ هذا القطاع، والتعويض على الطلاب الذين حُرموا على مدى سنوات من تعلّم كافة الكفايات المطلوبة خلال مراحلهم الدراسيّة.
في غضون ذلك، يبدو حال العام الدراسي المقبل كما سبقه من أعوام، وهذا ما أشار إليه وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، أمس الثلاثاء، بقوله “في أموال في عام دراسي ما في أموال ما منعرف”، فيما حذرت الروابط في القطاع الرسمي من أن العام الدراسي بخطر في حال عدم تلبية مطالبها التي عرضتها في لقاء موسّع مع وزير التربية مؤخرًا، آملة منه السعي الحثيث لدى المعنيين في الدولة لانقاذ القطاع الرسمي من الانهيار.
للوقوف على مستجدات الأمور في القطاع التربوي، ورأي العائلة التربوية بما يحصل من تطورات، يحدّثنا رئيس رابطة التعليم الثانوي بالإنابة حيدر إسماعيل فيقول لموقع “العهد” الإخباري أنّ “المطلب الأساسي الحالي للعام الدراسي المقبل هو تصحيح الراتب للمعلم الذي أصبح دون قيمة رغم بعض الزيادات التي أضافتها الدولة، لكنّه بقي متدنيًّا جدًّا بالنسبة لمستوى معيشي يليق بأدنى مقومات الحياة بحيث لا يتجاوز الـ 120 دولارًا شهريًا”.
ويضيف إسماعيل “كذلك بالنسبة لمِنَح التعليم فقد ألغوا استيفاءها على أساس منصة “صيرفة”، كذلك موضوع الاستشفاء إذ وعدوا بزيادة المساعدة لـ 85% إلاّ أنّ الأمر لم يتحقق، وعلى الرغم من صدور عدّة مراسيم من مجلس الوزراء فإنّها لم تُنشر بالجريدة الرسمية وبقيت مجرد وعود غير قابلة للتحقيق بشكل جدّي”.
ولكي لا تتكرر مأساة الأعوام الخوالي والإضرابات التي شهدها القطاع الرسمي، يقول حيدر “طالبنا وزارة الطاقة والاتصالات بخفض التعرفة وقيمة الفاتورة عن المعلمين إلاّ أننا لم نلقَ جوابًا واضحًا، من هنا طالبنا وزارة التربية بوضع خطة واضحة للتعليم التي يفتقر إليها القطاع التعليمي الرسمي وبوضع سياسة مالية واضحة من دون لغز أو غموض أو تفسير تتضمن مساعدات وتعويضات عائلية تتناسب مع هذا الوضع المزري، فما زلنا نتقاضى عن الزوجة 60 ألفًا وعن كل ولد 33 ألفًا، فهل هذا مقبول؟”.
فضلًا عن ذلك، هناك نقص في أساتذة الملاك والسبب في ذلك نزوح بعض الأساتذة إلى القطاع الخاص أو الهجرة. وبحسب إسماعيل، لا بدّ من فتح باب التعاقد وإجراء مباريات في مجلس الخدمة المدنية وعلى حساب وزارة التربية، لا أن تتعاقد المدارس مع معلمين على حساب صندوق المدرسة “الفارغ””، كذلك يشدّد إسماعيل على ضرورة إنصاف الأساتذة حاملي شهادة الدكتوراه بإعطائهم درجات علاوة عن غيرهم من الأساتذة في التعليم الثانوي وهذا مطلب محق وضمن القانون.
كما يطالب إسماعيل، بإقرار قانون ما يُسمّى بـ”صندوق المعلّم” وتنفيذه إسوة بالصناديق الأخرى لباقي القطاعات كالقضاة والمحامين، والذي يتغذّى من هبات من الدولة اللبنانية ومن طوابع بريديّة، كما يتغذّى بنسبة معينة من رسم تسجيل الطلاب ما يساهم بتحسين وضع المعلم شرط أن لا تذهب هذه الأموال إلى صندوق وزارة المالية وتتبخّر.
ويتوقّف إسماعيل عند الوضع المتردي الذي وصل إليه القطاع التعليمي في لبنان فيقول: “اليوم نحن نرفض قطعًا تدمير القطاع التعليمي الرسمي الممنهج حيث أصبح مصيرنا اليوم بأيدي الدول والجهات المانحة و”اليونيسف” والتي لم تصلنا منها المساعدات والحوافز التي يقدمونها لنا كما يجب خاصة في الأشهر الأخيرة.
ويشكر نائب رئيس رابطة التعليم الثانوي الأحزاب التي ساهمت في دعم المدارس في الأعوام الماضية، ويضيف “اليوم نحن في وضع تربوي خطير جدًا، ولكن سنكافح لتحقيق مطالبنا لكي ننقذ العام الدراسي المقبل ونمنع انهيار القطاع التعليمي وسنفتح المدارس لكن الأمور رهن المقررات التي ستصدر عن مجلس الوزراء، لذلك ندعو الجميع إلى التسجيل في التعليم الرسمي ريثما تتضح في ما بعد الأمور وفق مقررات وزارتي التربية والمالية ومجلس الوزراء الذين يتحملون المسؤولية جميعًا”.
جواد: هل عدم دعم القطاع التربوي الرسمي أمر مقصود؟
رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد يشاطر حيدر الرأي ويقول: “كرابطة تعليم أساسي أرسلنا كتابًا مفتوحًا إلى المسؤولين من ضمنهم وزير التربية، طلبنا من خلاله الوزير وقبل جلسة مجلس الوزراء المخصصة لمناقشة الأمور التربوية للعام الدراسي المقبل، وكان الاجتماع نهار الاثنين الماضي”.
ويضيف جواد: “خلال الاجتماع ناقشنا مع وزير التربية الأمور التربوية، وركزنا على أن الأمور المالية هي العائق الأساسي في هذا الملف. وقد أيّد الوزير مطالبنا ووعد بمناقشتها في مجلس الوزراء”.
ويتابع جواد: “من جملة الأمور التي طالبنا بها الوزير أن لا يقل راتب المعلم عن الـ 600$ أميركي، حيث إنّه في التعليم الخاص يفوق الراتب أضعاف الراتب في القطاع التربوي الرسمي، وقد طلبنا من معالي الوزير في حال لم تتحقق مطالبنا عدم إطلاق العام الدراسي، وتحميل المسؤولية إلى مجلس الوزراء حتى لا يتحملها وحده، الأمر الذي يجعله بمواجهة وصدام مع القطاع التربوي، في أمر يتحمل نتائجه مجلس الوزراء برمّته”.
ويستطرد جواد بعد التمحيص في الأزمة التربوية فيتساءل: “هل عدم دعم القطاع التربوي الرسمي أمر مقصود؟”، ويتابع: “يطالعنا وزير الأشغال والنقل الوزير علي حمية، أنّه ثمة واردات بملايين الدولارات تدخل ميزانية البلد مؤخرًا من المرفأ إلى المطار.. خاصة ما شهده لبنان هذا العام من توافد للمغتربين والسائحين، أليس من الممكن تخصيص جزء من تلك الأموال لإنقاذ التعليم الرسمي وإنصاف المعلم، لا سيّما أنّ التعليم الرسمي لا يغطي كل الشرائح، بل حتى بعض من لا يمكنه تسجيل أولاده في القطاع الخاص نظرًا للتكلفة الباهظة لأقساط تلك المدارس، ألا يستحق هذا الأمر لفتة من المسؤولين؟”.
ومن باب الحرص على التعليم الرسمي، يتمنّى جواد أن “يستجيب مجلس الوزراء لمطالبنا، فيعمد إلى تعزيز المدارس الرسمية لا سيما أنّها تستقبل في فترة بعد الظهر النازحين السوريين، الأمر الذي يشكل استهلاكًا للمدارس وتجهيزاتها ومرافقها مقابل مبلغ زهيد تقدمه الدول المانحة لقاء ذلك”، ويضيف “من هنا نطالب معالي الوزير ومجلس الوزراء بالضغط على الدول المانحة للابتعاد عن العنصرية وتعزيز صناديق المدارس الرسمية للبنانيين كما السوريين وبمبالغ تتناسب مع الوضع القائم المتردي الذي يستنزف القطاع التربوي الرسمي وإلا فالعام الدراسي سيكون في خطر يهدّد الجميع والمدارس لن تفتح لأحد”.
العهد